221

ويظهر من كلام البلاذري أنه كانت تصدر من الطائف غلات عظيمة من الزبيب ، ومن سائر المحصولات ، ومن العسل ، ولقد بقي من هذا شيء ، لكنه لا يقاس في قليل ولا كثير إلى ما كان في الجاهلية وصدر الإسلام ، وإنما غاضت هذه الغلات بغيض العمران ، الذي يتوقف على الرجال ، وكان أكثر الرجال خرجوا إلى الفتوحات ، واعتمروا أطراف الأرض.

والأصلح الآن لاستئناف العمران طريقتان :

إحداهما : زرع الحراج ، والإكثار من غرس الأشجار ، حتى تكثر الأمطار ، فإن الله خلق لكل شيء سببا ، فهذه من أسباب الأمطار.

والثانية : الرجوع إلى السدود والخزانات التي تحفظ المياه ، وتروي الأرضين عند عطشها ، وعند الوهط مكان ضيق على وج ، ولو أن إدارة الزراعة في الحجاز بنت فيه سدا ، لما كانت كلفته كثيرة ، ولاستأنف به الوهط عمرانه القديم.

** وأما وادي لية

مستطيل ، يمتد مسافة أربع ساعات ، مبدؤه من بلاد السفاينة من ثقيف ، وهو ينحدر نحو الجنوب الشرقي ، وعليه من الجانبين البساتين والجنان والزروع ، وكلها تسقى بالسواني ، لأن مياه الوادي تشح كثيرا في الصيف ، وقد ينقطع بعضها عن بعض ، فلا يبقى منها إلا غدران تردها المواشي ، أشهرها الذي يقال له : غدير البنات.

وبيوت سكان الوادي مرتفعة عن النهر ، احتياطا من السيل ، لأنه كثيرا ما تطغى المياه على الجانبين. والبيوت مبنية بالحجر ، تظن بعضها أبراجا منيعة.

وللوادي تربة هي الحد الأقصى في الخصب ، فتجد من نماء الشجر ما يحار فيه العقل.

وجميع ما في هذه الجنان أشجار مثمرة ، منها ، الكرمة ، والسفرجل ،

Shafi 257