ولا تجد فيه لا ألف ألف عود كرم ، ولا ألف عود كرم ، ولا مسطاحا واحدا للزبيب (1).
ومن أغرب الأمور أني حدقت كثيرا في أرض الوهط على ما هي عليه الآن ، فلم أجدها تسع هذه النعمة التي وصفوها ، ولم أجد الماء كافيا لشيء منها ، بل رأينا عين الوهط ، وكان ذلك في شهر أغسطس آب لا تجري إلا إلى مسافة قصيرة جدا ، وقال لنا أهل القرية : إنها في بعض السنين التي يكون المطر فيها نزرا تنقطع تماما ، ويضطرون إلى الاستقاء من المثناة ، أي من مسافة ساعة ، فكيف كان الوهط بتلك النعمة التي حدثوا عنها ، وهو الآن لا يكاد ماؤه يسقي بعض حيطان ، وقد ينقطع بعض السنين ، إن في ذلك لسرا ، والذي أظنه أنه قد كان الشجر في جبال الطائف لذلك العهد أكثر جدا ، فكان المطر أغزر ، وكانت العيون أجرى ، وكانت الجنان أعظم ، وإن الذي أصاب هذه الجبال من قلة المطر التي لا تسمع أهل تلك الديار إلا شاكين منها ، إنما هو من أثر قطع الأشجار ، وزوال الحراج الملتفة.
وهناك سبب آخر للخصب والعمران قد زال أيضا بتطاول الأعصر ، وهو السدود التي كانوا يجعلونها على الأودية ، ومجاري المياه الشتوية ، فكانت تخزن المياه إلى مدة طويلة ، وتسقى الأرضات العطاش ، وتمسك بأرماق الخضرة في سني القحط ، وأينما ذهبت في جزيرة العرب تجد سدودا دارسة وقنيا خربة (2).
Shafi 254