عليه (1)، وهو الذي فيه الروض النضير ، والماء الغزير ، والدوح الكبير ، والكروم التي ليس لها نظير ، والرمان الذي حبه كحب اليواقيت ، والذي ذكره في البلاد يسير.
فأما مكان القهاوي الذي نعرفه جميعا ، فهو صحراء مستوية يابسة ، ليس فيها إلا سدر وطلح ، وما أشبه ذلك ، فلا إمكان للتأليف بين هذا القول الذي سمعه ، وهذ الذي أذكره أنا إلا على شرط واحد ، وهو أن يكون اسم وادي لية يطلق على كل هاتيك الأراضي.
** ولقد رحم الله الحجاز بعدم دخول الإفرنج إليه ، وبعدم جوسهم
خلاله ، وبعدم استطاعتهم الكتابة في جغرافيته وتاريخه ، إذ لو كان ذلك لرأينا العجائب والغرائب ، ولشهدنا النجوم طالعة في النهار ، والشمس طالعة في الليل ، ولكانت التعليلات على مظنة سوق عكاظ ، مما تضيق عن وصفه الألفاظ ، ولذهبوا فيها من المذاهب ، وأوردوا من الفكر ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
** فواحد يقول مثلا : إن اختلاف هذه الروايات بين القانس والقهاوي
قد يجعل ريبة في صحة كل منها ، ولو قدر أن بين المكانين مسافة نصف ساعة.
** وآخر يقول : إن مكان سوق عكاظ الحقيقي محاط بالغموض ، بحيث لا
يقدر أن يجزم أحد بشيء.
** وآخر يذكر أنه توجد أسباب تدعو إلى الظن بأن قصة سوق عكاظ
مخترعة ، لأجل أن تتخذ دليلا على فصاحة العرب.
** وآخر يقدح زناد الفكر فيقول : إن كون الأقرع بن حابس التميمي
حكما في السوق دليل على أنها لم تكن في الحجاز ، بل في نجد ، لأن بني تميم يسكنون في العارض لا في الطائف.
Shafi 170