Tafiya A Cikin Tunanin Zaki Najib Mahmud
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Nau'ikan
لقد حاول هذا الباحث تأكيد القضية التي أثارها في البداية؛ وهي أننا نخطئ كثيرا عندما نحكم على فكر زكي نجيب محمود من منظور الوضعية المنطقية وحدها، وأن كل من يأخذ بهذا المنظور، فإنه يكشف عن خطأ أساسي أو قصور شديد؛ لأنه لم يتتبع التطور الروحي لهذا المفكر، أو أنه اكتفى بالتوقف عند مرحلة واحدة من مراحل تطوره. (2)
أن زكي نجيب محمود مفكر تنويري يقوم بمواصلة المهمة التنويرية، التي بدأها رفاعة الطهطاوي وسار فيها أعلام نهضتنا الحديثة؛ فهو يستكمل الطريق نفسه الذي سار فيه رواد كبار من أمثال محمد عبده ولطفي السيد وطه حسين والعقاد، وغيرهم من الذين جمعوا بين الثقافة العربية الأصيلة والفكر المعاصر في دمج واحد؛ ومن هنا قدم مفكرنا صيغة ثنائية هي «العقل والوجدان» والتفرقة بين هذين المجالين حلا لمشكلتنا الثقافية، وقد عرض هذه الصيغة في «الشرق الفنان»، وجسدها هو نفسه بحياته ومؤلفاته. (3)
في هذه الصيغة الثنائية «العقل والوجدان» حرص على خلق طريقة عقلية جديدة، يحلل بها المثقف العربي لنفسه ولمجتمعه، إذا أراد، مفاهيمه وأفكاره بأن يفكها إلى مكوناتها الأصلية، ليلقي عليها الضوء، فلا نستخدم مفاهيم غامضة يمكن أن تكون عقبة أكثر مما تكون دافعا للتطور، ثم قدم لنا نماذج من اهتماماته الأدبية لا سيما «المقال الأدبي»، الذي يهدف إلى إثارة الوجدان عند القارئ.
فأي منهج نطبقه في الحالات التي يتداخل فيها اللامتناهي مع المتناهي ويتصل به؟!
128 (4)
نستطيع أن نقول أيضا إن «فكرة الثنائية»، لا سيما الأنطولوجية، غير مستقرة عند مفكرنا الكبير؛ فهو أحيانا يرى أنها ثنائية لا تسوي بين الشطرين، بل تجعل للشطر الروحاني الأولوية على الشطر المادي؛ فهو الذي أوجده، وهو الذي يسيره ويحدد له الأهداف.
129
وواضح أننا هنا أمام واحدية؟! إذ يمكن أن يرد الشطر المادي إلى الروحاني! ثم يقول في أحيان أخرى: «إنها نظرة تجمع بين الثنائية والكثرة، ثنائية بالنسبة إلى الله الخالق والكون المخلوق والكثرة بالنسبة لأفراد الناس الداخلين في حدود هذا الكون المخلوق ...»
130
ثم هو يميل، بصراحة ووضوح، في مقالاته الأخيرة في جريدة الأهرام ، إلى الوحدانية؛ ولك أن تقرأ مجموعة المقالات التي كتبها بعنوان «من إشعاعات التوحيد ...»
Shafi da ba'a sani ba