عن عائشة عند البخاري ومسلم، وعن عكرمة عند أحمد وابن خزيمة، وعن أنس عند البيهقي، وعن جابر عنده، وعن ابن مسعود وأم سليم عنده، وعن أم سلمة عند أحمد، والطبراني في "الكبير"، وفي إسناده ابن إسحاق، ولكنه صرح بالتحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح، وعن ابن عمر عند الطبراني، وفيه علي بن عاصم، وهو ضعيف، قال العقيلي: روى عن ابن عباس قصة ضباعة بأسانيد ثابتة جياد، وقد غلط الأصيلي غلطًا فاحشًا، فقال: إنه لا يثبت في الاشتراط حديث، وكأنه ذهل عما في "الصحيحين"، وقال الشافعي: لو ثبت حديث عائشة في الاستثناء، لم أَعْدُه إلى غيره؛ لأنه خلاف ما ثبت عن رسول الله ﷺ. قال البيهقي: فقد ثبت هذا الحديث من أوجه.
١٩ - فصل في الفوات والإحصار ووجوب الهدي على المُحْصَر
عن عكرمة، عن الحجاج بن عمرو، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من كسر، أو عَرِج، فقد حلَّ، وعليه حجة أخرى" رواه الخمسة، وسكت عنه أبو داود، والمنذري، وحسنه الترمذي، وأخرجه ابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي، وعن عمر بن الخطاب، وفي رواية: "أو مرض" رواه أبو داود، وابن ماجه. قلت: تمسك بظاهر هذا أبو ثور، وداود، وقالا: إنه يحل في مكانه بنفس الكسر والعرج، وأجمع بقية العلماء على أنه يحل من كسر أو عرج، ولكن اختلفوا فيما به يحل، وعلى ما لا يحل، فقال أصحاب الشافعي: يحل على ما إذا شرط التحلل به، فإذا وجد الشرط، صار حلالًا، ولا يلزم الدم، وقال مالك وغيره: ويحل بالطواف بالبيت، لا يحله غيره، ومن خالفه من الكوفيين يقول: يحل بالنية والذبح والحلق.
قال الشوكاني: الإحصار لا يختص بالأعذار المذكورة، بل كل عذر حكمه حكمها؛ كإعواز النفقة، والضلال في الطريق، ونفي السفينة في البحر، وبهذا قال كثير من الصحابة، وقال النخعي والكوفيون: الحصر -بالكسر-: المرض والخوف، وقال آخرون، منهم: مالك، والشافعي، وأحمد: لا حصر إلا بالعدو، وحكى ابن جرير قولًا: أنه لا حصر بعد النبي ﷺ، والسبب في هذا
1 / 58