193

من المدينة وسيدي محمد المحفوظ وغيرهم وأما العامة فنحو الثلاثمائة والحمد لله لم يمكثوا في البحر إلا اثني عشر يوما ونزلوا الإسكندرية عند الحاج أبي القاسم القراوي صاحب ولاية طرابلس إذ زبر له الأمير كتاب على ذلك فأكرمهم وأحسن إليهم جازاه الله أحسن الجزاء آمين وبالجملة فكان الإحسان من الأمير وعماله لنا ولأخواننا في الركب وللفقراء فكل ما سألناه وطلبناه لهم منهم إلا وجد بحب وكرامة رغبة في صالح الدعاء له ولذريته حتى انفصلنا عنها على أحسن حال وأكثر فرحي بهذا الأمير لما قام بحق الفقراء نعم أقام جماعة من بلد المنشية مع عامله القائد يحرسون الركب ليلا من السراق إلى أن ظعنا من عندهم وما فعله قط بركب من الأركاب إلا لنا حبا فينا ورغبة فيما لدينا شكر الله سعيه ولا خيب قصده وأدام الستر عليه وعلى أولاده إلى قيام الساعة مع عدم الضد ووجود الهداية والشفقة والعدل والرحمة لأنفسهم وللمؤمنين كان الله لنا ولهم وليا ونصير وقد أحسن إلينا جميع المحبين كل الإحسان بحيث أن من لم يصدر منه ضيافة تمنى أن يضيفنا أحسن الله إليهم لا سيما سيدي محمد بن مقيل وأصحابه وأما العارف بالله الذي علمه الله العلم اللدني فانه يفهم الدقائق من الحقائق والمعاريف (1) إذا لهم لطلب كل داء في الدين فلا يغفل طرفة عين عما يصلح به وبأحبائه حتى يكونوا على المحجة البيضاء يعلم ذلك من ثافنه وخالطه وأني صاحبت كثيرا من الناس غربا وشرقا وجوفا وقبلة ما رأيت من يفهم عن الله مثله فانه له ملكة عظيمة يفهم بها المعاريف (2) الإلهية حاصله قد فتح الله له في التعرف ما لم يكن لغيره ومع ذلك ليس قاصرا في العلم الظاهر فترى معاملته ومخالطته ليس إلا على الشريعة المحمدية ومع هذا لا يغفل عن المواساة لمن يعرفه ومن لا يعرفه خصوصا المحتاج فإنه أزيد رحمة وأقوى شفقة وأحسن رفقة وما

Shafi 210