وأجاب عن هذا بعض أصحابنا بأن المؤذن داع للخير ، والشيطان داع إلى الشر ، والضدان لا يجتمعان ، وهذا مليح رشيق ، وفي مثل هذا [33 / ب] المجال متسع للكلام وبالله التوفيق.
وأما تخصيص الأذان بالشهادة له (1) فيمكن أن يقال : إن ذلك لأنه دعاء إلى الله ، وإقامة حجة على عباده ، فاحتيج إلى الشهادة على التبليغ (2) كما احتيج (3) إليها للفصل بين المتحاكمين ، فهذه الشهادة كشهادة الأمة يوم القيامة بتبليغ الأنبياء إلى الأمم على ما جاء في الحديث ، والله أعلم.
ومن ذلك أن سائلا سأل عن قوله تعالى ( أن تضل إحداهما ) (4) ( فتذكر إحداهما الأخرى ) (5) وقال : لم كرر لفظ إحداهما (6)؟ والأليق بالإيجاز أن يضمر فيكون اللفظ : فتذكرها الأخرى. وأجبت إذ ذاك بجواب غير مخلص حسبما حضرني ، ولم يكن لمن حضر فيه جواب ، ثم من الله جل وعلا بفهم المعنى في ذلك وهو بديع فيما أرى والله أعلم ، وهو أن إعادة لفظ «إحداهما» لتعادل الكلام ، وتوازن الألفاظ في التركيب ، وتماثل أقسام الكلام فيما اشتملت عليه من المفردات وهو المعنى ، في الترصيع ، ولكن هذا أبلغ وأبدع لأن الترصيع توازن الألفاظ من حيث صيغتها ، وهذا من حيث تركيبها
Shafi 153