262

مصر وما ألهمه الله من الاعتناء [82 / ب] بالركب ، وإخراج الحصة معه بأمير على أكمل ما يكون من الاستعداد والتأهب ، ماسلك أحد تلك البرية لطولها وخلائها إلا من القطاع. ولكن لطف الجليل جل جلاله يصحب عباده بحسب الحاجة ، وعونه يأتيهم على قدر نزول الشدة ، وغوثه يسرع إليهم على مراتبهم في الاضطرار.

لما كان الروح يتقوت الهواء ، ولا يصبر عنه ساعة ، كان الهواء أكثر الموجودات إمكانا ، ولما كانت الحاجة إلى الماء شديدة ، والصبر عنه قليلا ، كان قريبا منه في الإمكان. فتأمل لو كانا لا يؤخذان إلا بثمن كالطعام ، ما الحيلة؟ ولما كانت الحاجة إلى النار (1) دون ذلك ، والقليل منها يكفي ، والكثير منها يضر ، كانت أقل إمكانا ، حتى إنها قلما (2) تكون إلا بمعالجة.

ومن تصفح دواوين الموجودات ، وجد هذا الفن من علومها كثيرا ، الفواكه قليلة بالنسبة إلى القوت للاستضرار بعدم القوت. وأقل الجواهر وجودا ما لا تمس الحاجة إليه ، ثم عظم في النفوس تعظيما مجردا من سبب ، ليبين أثر القدرة ، وليعم نفع ما فيه النفع ، ولا يقع الاستئثار به. فيا عجبا من حب ما لا ينفع حتى يعوض به أعظم الأشياء نفعا.

لما كان المشي على الأقدام ، كانت بشرتها أغلظ ، والكف تحتاج إلى مباشرة الخشن فغلظت بشرتها بحسب الحاجة ثم تدرج (3) الغلظ في جميع البشرة على نحو ذلك ، حتى صارت بشرة الشفة أرقها إذ لا يباشر بها إلا اللين.

Shafi 331