صفة جدة
وجدة هذه قرية على ساحل البحر المذكور أكثر بيوتها اخصاص وفيها فنادق مبنية بالحجارة والطين وفي أعلاها بيوت من الاخصاص كالغرف ولها سطوح يستراح فيها بالليل من أذى الحر. وبهذه القرية آثار قديمة تدل على أنها كانت مدينة قديمة وأثر سورها المحدق بها باق إلى اليوم وبها موضع فيه قبة مشيدة عتقيقة يذكر إنه كان منزل حواء أم البشر صلى الله عليها عند توجهها إلى مكة فبنى ذلك المبنى عليه تشيهرا لبركته وفضله والله أعلم بذلك.
وفيها مسجد مبارك منسوب إلى عمر بن الخطاب ﵁ ومسجد آخر له ساريتان من خشب الآبنوس ينسب أيضا إليه رضى الله عنه ومنهم من يسنبه إلى هارون الرشيد رحمة الله عليه.
وأكثر سكان هذه البلدة مع ما يليها من الصحراء والجبال أشراف علويون: وحسنيون وحسينيون وجعفريون رضى الله عن سلفهم الكريم وهم من شظف العيش بحال يتصدع له الجماد إشفاقا، ويستخدمون انفسهم في كل مهنة من المهن: من إكراء جمال أن كانت لهم أو مبيع لبن أو ماء إلى غير ذلك من تمر يلتقطونه أو حطب يحتطبونه وربما تنأول ذلك نساؤهم الشريفات بأنفسهن فسبحان المقدر لما يشاء ولا شك انهم أهل بيت ارتضى الله لهم الآخرة ولم يرتض لهم الدنيا جعلنا الله ممن يدين بحب أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وبخارج هذه البلد مصانع قديمة تدل على قدم اختطاطها ويذكر أنها كانت من مدن الفرس وبها جباب١ منقورة في الحجر الصلد يتصل
_________
١ جباب، الواحد جب: البئر الكثيرة الماء، البعيدة القعر.
1 / 53