219

Tafiyar Ibn Jubayr

رحلة ابن جبير - الجزء1

Mai Buga Littafi

دار بيروت للطباعة والنشر

Lambar Fassara

الأولى

Inda aka buga

بيروت

آخرهم وعجلوا بقطع دابرهم وكومت بهذه البطحاء جماجمهم وكفى الله المسلمين عاديتهم وشرهم وأحاق بهم مكرهم والحمد لله رب العالمين.
وسكانها اليوم قوم سنيون فأقمنا بها يوم السبت ببطحاء هذه البلدة مريحين ورحلنا منها في الليل وأسرينا إلى الصباح ووصلنا مدينة حلب ضحوة يوم الأحد الثالث عشر لربيع الأول والرابع والشعرين ليونيه.
ذكر مدينة حلب حرسها الله تعالى
بلدة قدرها خيطر وذكرها في كل زمان يطير خطابها من الملوك كثير ومحلها من التقديس أثير١ فكم هاجت من كفاح وسلت عليها من بيض الصفاح لها قلعة شهيرة الامتناع بائنة الارتفاع معدومة الشبه والنظير في القلاع تنزهت حصانة أن ترام أو تستطاع قاعدة كبيرة ومائدة من الأرض مستديرة منحوتة الإرجاء موضوعة على نسبة اعتدال واستواء فسبحان من أحكم تقيدرها وتدبيرها وأبدع كيف شاء تصويرها وتدويرها عتيقة ف الأزل حديثة وإن لم تزل قد طاولت الأيام والأعوام وشيعت الخواص والعوام، هذه منازلها وديارها فأين سكانها قديما وعمارها؟ وتلك دار مملكتها وفناؤها فأين أمرؤها الحمدانيون وشعراؤها؟ أجل فني جميعهم ولم يأن٢ بعد فناؤها فيا عجبا للبلاد تبقى وتذهب أملاكها ويهلكون ولا يقضى هلاكها تخطب بعدهم فلا يتعذر ملاكها٣ وترام فيتيسر بأهون شيء إدراكها
هذه حلب كم أدخلت من ملوكها في خبر كان ونسخت ظرف الزمان بالمكان أنث اسمها فتحلت

١ الأثير: المفضل، المكرم.
٢ يأني: يحين.
٣ ملاكها: الزواج منها.

1 / 225