Rayuwar Richard Feynman a Kimiyya

Muhammad Ibrahim Jundi d. 1450 AH
93

Rayuwar Richard Feynman a Kimiyya

ريتشارد فاينمان: حياته في العلم

Nau'ikan

من الثانية). وهذا يكافئ المقاييس الزمنية التي تتم خلالها التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات. وعن طريق إضاءة الجزيئات بواسطة نبضات قصيرة مثل تلك، يأمل العلماء في مشاهدة تسلسل الأحداث الذي تتم به تلك التفاعلات عند المستوى الذري. (4)

هندسة الكم:

كان أكثر ما أثار فاينمان بشأن الآلات ذرية القياس وتقنياتها إدراكه أنه بمجرد أن يتمكن المرء من العمل عند تلك المقاييس، فإن الخصائص الغريبة التي تتصف بها ميكانيكا الكم تصير ظاهرة للعيان. ومن الممكن حينئذ لكل من يفهم تلك الحقيقة أن يأمل في تصميم مواد ذات خصائص ميكانيكية كمية معينة، تكون عجيبة في بعض الأحيان. ومرة أخرى نقتبس من بحثه تلك العبارات:

ما الذي يمكن أن تكون عليه خصائص المواد لو أننا تمكنا بالفعل من ترتيب الذرات بالطريقة التي نريدها؟ سوف يكون من المثير للغاية أن نبحث الأمر من الناحية النظرية. ولست أعرف بالضبط ما الذي سيحدث، غير أنني لا أشك لحظة في أننا - عندما نمتلك شيئا من السيطرة على ترتيب الأشياء عند مقياس صغير - سوف نحصل على نطاق أعظم بكثير من الخصائص المحتملة التي يمكن أن تتمتع بها المواد، ومن الأشياء المختلفة التي يمكننا القيام بها. وعندما نصل إلى العالم بالغ الصغر - وليكن مثلا دوائر كهربية مكونة من سبع ذرات - فإننا نملك حينئذ الكثير من الأشياء الجديدة التي يمكن أن تحدث والتي تمثل فرصا جديدة تماما للتصميم. إن الذرات عند نطاق صغير تسلك سلوكا مختلفا تماما عن سلوكها عند المقاييس الكبرى؛ إذ إنها عندئذ تطيع قوانين ميكانيكا الكم. وهكذا فإننا كلما هبطنا إلى أسفل وعزفنا على أوتار الذرات الموجودة هناك، تعاملنا حينئذ مع قوانين مختلفة. يمكننا حينئذ أن نصنع الأشياء بطرق مختلفة. يمكننا أن نستخدم، ليس الدوائر فحسب، وإنما منظومة تتضمن مستويات كمية من الطاقة، أو تفاعلات دوائر مغزلية محددة الكم ... إلخ.

تضم الجمعية الفيزيائية الأمريكية حاليا أكثر من خمسة وعشرين ألف عضو. ومن بين هؤلاء الفيزيائيين المتخصصين والطلبة، يعمل أكثر من نصفهم في مجال يطلق عليه اسم فيزياء المادة الكثيفة، وفيه يخصص قدر كبير من جهدهم ليس فقط لفهم الخصائص الإلكترونية والميكانيكية للمواد وفق قوانين ميكانيكا الكم، وإنما أيضا لتخليق مواد غريبة تؤدي بالضبط ما تنبأ به فاينمان. ونتيجة لذلك صار من الممكن التوصل لطائفة من التطورات، تتباين من موصلات فائقة لدرجات الحرارة المرتفعة، إلى أنابيب النانو الكربونية، إلى ظواهر أكثر غرابة مثل المقاومة محددة الكم واللدائن الموصلة، وقد منح ما لا يقل عن عشر جوائز نوبل في الفيزياء عن أبحاث التجارب وما صاحبها من بحوث نظرية في خصائص الكم العجيبة لتلك المواد التي صنعها الإنسان. وتماما مثلما غير الترانزستور - وهو الجهاز الذي يعتمد على قوانين ميكانيكا الكم في أدائه لوظائفه وهو الأساس وراء الغالبية العظمى من جميع الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها الآن - شكل العالم كليا، فإن تقنيات عالم القرن الحادي والعشرين وما بعده ستعتمد بلا أدنى شك على هندسة الكم التي تمارس الآن في معامل الأبحاث في جميع أنحاء العالم. •••

لما رأى فاينمان أن الإثارة الذهنية التي تحققها تلك الاحتمالات التي عرض خطوطها العريضة في السطور السابقة غير كبيرة بالقدر الكافي، قرر عام 1960 أن يمول بشكل شخصي جائزتين باسم «جائزة فاينمان » بقيمة 1000 دولار أمريكي. واشترط أن يكون أول فائز بها «أول رجل يتمكن من وضع المعلومات الواردة في صفحة من كتاب على مساحة تبلغ 1 / 25000 بمقياس الرسم الخطي بحيث يمكن قراءتها بالميكروسكوب الإلكتروني». أما الثانية فمخصصة «لأول رجل يصنع محركا كهربائيا؛ محركا كهربائيا دوارا يمكن التحكم فيه من الخارج، ولا يزيد حجمه عن 1 / 64 من البوصة المكعبة، بدون الوصلات والأسلاك.» (للأسف، كان فاينمان ابن عصره، وعلى الرغم من أن شقيقته كانت فيزيائية، فإن جميع الفيزيائيين والمهندسين كانوا في نظره ذكورا.)

لكن على الرغم من بعد نظر فاينمان، فإنه كان إلى حد ما متأخرا زمنيا. فلدهشته الكبرى (وخيبة أمله أيضا لأن الابتكار في حقيقة الأمر لم يتضمن أي تقنية جديدة)، في خلال عام من نشر حديثه، ظهر رجل مهذب اسمه ويليام ماكليلان على عتبة باب منزله ومعه صندوق خشبي وميكروسكوب لمشاهدة محركه الصغير، مطالبا بالجائزة الثانية. ومع أن فاينمان لم يكن قد أعد هيكل شروط الجائزة بصيغة رسمية فقد أعطاه الألف دولار عن طيب خاطر. إلا أنه في خطاب بعث به لماكليلان، أضاف قائلا: «لا أنوي تقديم الجائزة الأخرى كعمل خيري. فبعد أن كتبت المقال تزوجت واشتريت منزلا!» لم يكن هناك داع للقلق. فلقد استغرق الأمر خمسا وعشرين عاما حتى تمكن شخص - وفي حالتنا هذه، كان طالبا (ذكرا) بالدراسات العليا بجامعة ستانفورد - من اتباع وصفة فاينمان بنجاح وطالب بجائزته. وبحلول ذلك الوقت لم تعد جائزة الألف دولار تمثل مبلغا ذا قيمة كبيرة. •••

على الرغم من تلك الجوائز، وعلى الرغم من افتتانه بالآلات العملية (إذ واصل فاينمان تقديم مشوراته بصفة منتظمة لشركات متعددة مثل شركة «هيوز أيركرافت» لصناعة الطائرات طيلة حياته المهنية، حتى في الأوقات التي كان يخصص فيها جل وقت جهوده البحثية لأشياء مثل الجسيمات الغريبة والجاذبية)، كانت الفكرة التي أسرت لب فاينمان في محاضرته التي ألقاها عام 1959، والتي ذكرها بصفة أساسية باعتبارها الدافع الذي دعاه للتفكير أصلا في تلك المشكلات، والوحيدة التي تتبعها بحق فيما بعد على الصعيد المهني، هي احتمال صنع نوع مختلف تماما من أجهزة الكمبيوتر أكثر سرعة، وأصغر حجما.

لطالما افتتن فاينمان بالآلات الحاسبة والحوسبة عموما (حكى مارفن مينسكي، عالم الحاسبات بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ذات مرة أمرا يصعب تصديقه، وهو أن فاينمان أخبره أنه كان دوما مفتونا بالحوسبة أكثر من افتتانه بالفيزياء)، إلى حد بلغ ذروة مبكرة ربما خلال السنوات التي قضاها في لوس ألاموس، حيث كانت تلك الأنشطة حيوية من أجل نجاح برنامج القنبلة الذرية. فابتكر خوارزميات جديدة تماما من أجل إجراء التقديرات الذهنية سريعا لكميات عادة ما تعد بالغة التعقيد ولحل معادلات التفاضل المعقدة. وتقديرا لقدراته الفذة، مع أنه كان قد تخرج للتو من كليته، جعله هانز بيته قائد المجموعة الحسابية، التي تجري الحسابات بالورقة والقلم أولا، ثم تجريها باستخدام آلات يدوية بدائية يطلق عليها اسم حاسبات مارشانت، ثم أخيرا باستخدام آلات حاسبة إلكترونية حديثة (وهي التي - لعلك تتذكر - أخرجها فاينمان وفريقه من صناديقها وجمعوها قبل أن يصل خبراء شركة آي بي إم لأداء تلك المهمة). حسبت المجموعة كل شيء من انتشار النيوترونات داخل قنبلة، وهي العملية الحسابية اللازمة لتحديد مقدار المادة المطلوب للوصول للكتلة الحرجة، وحتى محاكاة الانهيار الداخلي، وهي عملية جوهرية لنجاح قنبلة البلوتونيوم. لم يكن هناك وجه من الوجوه إلا وبرع فيه بصورة مذهلة، مما دفع بيته - الذي كان يدخل معه في مسابقات حسابية يتبارزان خلالها ذهنيا - للقول إنه يفضل أن يخسر أي اثنين آخرين من علماء الفيزياء ولا يخسر فاينمان.

قبل وصول الكمبيوتر الإلكتروني بوقت طويل، أسهم فاينمان في إنشاء ما يمكن أن نطلق عليه اسم أول كمبيوتر بشري يجري عمليات المعالجة بالتوازي، فكان مثل إرهاصة تبشر بمقدم معالجات كبيرة الحجم تجري العمليات بالتوازي. كان قد نظم بالفعل مجموعة الانتشار التابعة له لتشكل فريقا دقيق التنسيق، بحيث عندما دخل عليهم بيته ذات يوم وطلب من المجموعة أن تحسب تكامل كمية ما تكاملا رقميا، هتف فيهم فاينمان قائلا : «حسنا، أقلام رصاص، احسبوا!» فقذفوا جميعا أقلامهم الرصاص في الهواء ثم التقطوها معا في آن واحد (وكانت حركة علمهم إياها). كان الأمر أكثر من مجرد لهو. إبان الحقبة التي سبقت عصر الحاسب الإلكتروني، كان لا بد من تقسيم الحسابات المعقدة إلى أجزاء حتى يمكن إجراؤها سريعا. وكانت كل عملية حسابية بالغة التعقيد بحيث لا يمكن لشخص واحد أو حاسبة مارشانت واحدة إجراؤها. غير أنه نظم مجموعة كبيرة، مشكلة في الغالب من زوجات العلماء، كل منهن تتعامل مع جزء بسيط من عملية حسابية معقدة ثم تمررها إلى التالية لها في الصف وهكذا.

Shafi da ba'a sani ba