Rayuwar Richard Feynman a Kimiyya
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Nau'ikan
خلال سنوات الحرب، لم يكف فاينمان تماما عن التفكير في مشكلات الفيزياء. لقد كان يحمل معه في كل مكان مجموعة من قصاصات الورق المليئة بالحسابات، التي كثيرا ما كان يجريها أثناء رحلاته الأسبوعية لزيارة آرلين، وفيها كان يعود لطرح سؤاله عن كيفية صياغة نظرية كمية حقيقية للكهرومغناطيسية. انصب تركيزه في المقام الأول على كيفية دمج نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين في معادلاته بصورة صحيحة.
تذكر أنه عرف، وهو بعد طالب في الجامعة، أنه ما من أحد غير بول ديراك اكتشف الطريقة السليمة لوصف الحركة النسبية للإلكترونات، وأن بحث ديراك عن صياغة لاجرانج لميكانيكا الكم كان هو الملهم للعمل الذي أدى لأطروحة فاينمان العلمية. كانت المشكلة تكمن في أنه على الرغم من أن طريقة «حاصل جمع المسارات» التي ابتكرها يمكنها على نحو كامل إنتاج معادلة شرودينجر، وهي معادلة ملائمة لميكانيكا الكم في إطار خارج النسبية، فإن فاينمان لم يتمكن من إيجاد وسيلة للتوسع فيها بسهولة بحيث تنتج معادلة ديراك في سياق النسبية. لقد اكتشف أنه عندما حسب مجموع الطاقات ظل يحصل على إجابات لا معنى لها، من بينها الجذور التربيعية لأرقام سالبة، وعلاوة على ذلك، عندما حاول حساب الاحتمالات، كان جمع احتمالات جميع الأحداث لا ينتج حاصلا مقداره 100 بالمائة.
بعد انتهاء الحرب، ومع بداية عودته لتلك المسائل، ركز اهتمامه في البداية على ما كان من المفترض أن يمثل مهمة أكثر يسرا: كتابة نتائج رسالة الدكتوراه التي بدأها عام 1942، والتي لم تنشر رسميا بعد. وهنا بدأت سمة أخرى من سمات شخصية فاينمان في البروز بوضوح. لم يجد سهولة في كتابة بحثه وإعداده للنشر. لم تكن لديه مشكلة في كتابة النتائج بشكل عفوي لاستخدامه الشخصي أو بحيث يفهمها هو - ففي حقيقة الأمر، لقد فعل ذلك في العديد من المناسبات بانضباط عظيم - ولكن الكتابة من أجل النشر تتطلب صياغة تعليمية رسمية لا يحتاج فيها لاستعراض تاريخ كيفية اكتشاف الأشياء وإنما يحتاج لتحليل متدرج مترابط منطقيا للنتائج النهائية باستخدام لغة وعلاقات يرتاح إليها باقي الوسط العلمي.
علاوة على ذلك، كانت هناك قضية أخرى تتمثل في الدقة. فعندما كان فاينمان يعمل على مشكلات تخصه هو، كان يتوصل للحلول بديهيا في الغالب، ثم كان في استطاعته بعد ذلك مراجعتها للتأكد من أنه كان على صواب بتجربة العديد من الأمثلة المحددة. لم يكن يتبع أي تسلسل منطقي واضح، غير أنه كان يدرك أن هذا هو المطلوب من أجل نشر المقالات. تطلبت ترجمة نتائجه جهدا هائلا؛ كان هذا أشق عليه من خلع ضرس.
ظهر عمله للنور أخيرا عام 1947 في دورية ريفيوز أوف مودرن فيزيكس بعد أن رفضت نشره دورية بحثية أكثر التزاما بالنهج التقليدي في نشر البحوث وهي «فيزيكال ريفيو». غير أنه ربما ما كان لينشر في تلك الدورية ذلك العام لو لم يكن صديقاه بيرت ومليكة كوربن - اللذان كان في زيارة لهما في صيف عام 1947 - قد أرغماه على كتابة البحث أثناء إقامته عندهما. وصف بيرت الأمر ببساطة بهذه الكلمات: «لقد حبسنا ديك فعليا في غرفة وأمرناه ببدء الكتابة.» وأدخلت السنون على تلك القصة المزيد من التفاصيل، وعندما رواها الفيزيائي فريمان دايسون - الذي قال هو نفسه عن فاينمان: «كان الأمر يتطلب إجراءات متطرفة لإقناعه بكتابة أي شيء!» - في مذكراته كان محورها عندئذ مليكة وكانت القصة أكثر تطرفا: «لقد استضافت فاينمان في منزلها، وحبسته بكل بساطة داخل غرفة ورفضت أن تطلق سراحه حتى يكتب البحث. بل أعتقد أنها رفضت إطعامه إلا بعد أن يكتبه.»
أيا كان ما حدث بالفعل ، فإن إعادة صياغة رسالته من جديد لم تتح له إنعاش أفكاره القديمة فحسب، وإنما كذلك التوسع فيها بحيث بدأت صياغته لميكانيكا الكم تبدو مرئية أكثر. بدأ «يفكر» من منظور المسارات. والحقيقة أن فاينمان في مقاله هذا يصف بشكل صريح ولأول مرة ميكانيكا الكم بهذه اللغة الجديدة؛ من منظور «حاصل جمع المسارات». وقد قال عن ذلك لاحقا: «جاء الوضوح من خلال كتابة مقال دورية ريفيوز أوف مودرن فيزيكس ... أمكنني حينها رؤية المسار ... وكان لكل مسار نطاق.» وبهذا البحث أتم فاينمان إعادة صياغته لفهمنا لميكانيكا الكم. ولسوف تتطلب الأهمية الحقيقية لإعادة الصياغة - وإدراك أنه عند مستوى عميق معين قد لا يتوقف الأمر عند كونها صورا أكثر جوهرية من الصور التقليدية وإنما أعظم قوة بكثير منها أيضا - بعض الوقت ليترسخ فهمها، سواء من فاينمان أو من باقي أعضاء مجتمع الفيزياء. •••
بعد أن تحرر من هذا العبء، عاد فاينمان إلى مهمة محاولة صياغة نظرية كمية نسبية للكهرومغناطيسية. وقد تناول هذه المسألة مثلما تعامل مع كل المشكلات المشابهة، باستكشاف كل طريقة ممكنة لتصويرها. وحسبما وصف في خطاب كتبه إلى تيد ويلتون، قال: «يحدوني الأمل في أن يعمل تعديل طفيف في واحدة من الصور على حل بعض المشكلات الحالية ... صحيح أننا لسنا بحاجة إلا لإجراء الحسابات، لكن من المؤكد أن الصورة وسيلة مريحة، ولا يقترف المرء إثما بتشكيل صورة.»
ولكي نفهم طبيعة الصور التي كان يلهو بها، نحتاج أولا لاستكشاف قدر بسيط من التعقيد الكبير الجديد الذي أدخله ديراك على ميكانيكا الكم عندما اكتشف معادلته الشهيرة حول الخصائص النسبية لجسيمات مثل الإلكترونات. كما أوضحت من قبل، تمتلك الإلكترونات خاصية تسمى «اللف المغزلي» لأنها تحمل داخلها «زخما زاويا» ذاتيا، وهي الخاصية التي تمتلكها الأجسام العادية عندما تدور في حركة مغزلية. على نحو تقليدي، لا يوجد هذا المفهوم مطلقا على مستوى الجسيم النقطي، الذي لا يمكنه أن يسلك سلوكا يبدو معه وكأنه يتحرك حركة مغزلية لأنه لا يوجد له «مركز» (أي نقطة أخرى) يدور حوله. فلكي يكون لها زخم زاوي، مثل عجلة الدراجة الدوارة، يجب أن يكون للأجسام العادية امتداد مكاني.
هذا الدوران الغريب، أو الزخم الزاوي، الذي يجري «تكميمه» - شأنه شأن كل شيء آخر في ميكانيكا الكم - (أي إنه يوجد على صورة مضاعفات تكاملية لأصغر وحدة)، يلعب دورا محوريا، ليس في سلوك الإلكترونات وحدها وإنما في سلوك كل صور المادة في واقع الأمر. الإلكترونات التي تدور في مدارات حول الأنوية داخل الذرات، على سبيل المثال، تمتلك زخما زاويا، مثلها مثل الكواكب التي تدور حول الشمس، لكن القيم تكون مكممة، كما أوضح نيلز بور وكان أول من بين ذلك. ثم يتضح أن الزخم الزاوي الذاتي للإلكترونات يحمل قيمة تساوي نصف أصغر وحدة للزخم الزاوي المداري، لذا نسميها جسيمات اللف المغزلي 1 / 2.
تفسر لنا هذه الخاصية في نهاية المطاف السبب الذي يجعل الأجسام الصلبة موجودة وتتصرف على النحو الذي تسلكه. كان عالم الفيزياء النظرية السويسري العظيم فولفجانج باولي، قد أوضح من قبل أن الخصائص الذرية يمكن فهمها إذا افترضنا وجود ما سماه «مبدأ استبعاد» على النحو الآتي: الإلكترونات، أو أي جسيم آخر من جسيمات اللف المغزلي 1 / 2 (البروتونات والنيوترونات أيضا تنتمي لهذه الجسيمات)، لا يمكنها أن توجد في ذات الحالة الميكانيكية الكمية في نفس المكان وفي نفس الزمن.
Shafi da ba'a sani ba