============================================================
وكذلك يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال : السعيد من وعظ بغيره.
وروي عن عمر بن عبد العزيز، أنه قال في خطبته : ألا ترون أنكم تتقلبون في اسلاب الهالكين، ويرثها منكم الباقون؟ كذلك (تكونون) (1) حتى تردوا (2) إلى خير الوارئين وأنتم تجهزون كل يوم غاديا أو رائحا إلى الله عز وجل ، تضعونه في صدع من الأرض ثم في بطن صدع، قد توسد التراب، وخلف الأحباب، وقطع الأسباب موجه للحساب، غني عما خلف، فقير إلى ما قدم، يحضهم على الفكر والذكر بذلك.
فإذا تفكر العبد على نحو ما (3) وصفنا قصر أمله واستعة للقاء ربه بالتوبة، فأعطي العزم ألا يعود فيما كره ربه عز وجل.
قلت: قد وصفت لي ذكر الخوف للموت ومطالبة قصر الأمل بإبهام الأجل ال والعبر بالموتى، وقد كنت أذكر (بعض ذلك) (4) من قبل، فلا أجده ينجع في قبي، وإن نجع (في قلبي) (5) لم يلبث إلا قليلا حتى يزول عن قلبي قال: إنك تذكره بجملة المعرفة والقلب مشغول بغير ذلك، فلو ذكرته ذكرا يباشر قلبك أنجع ذلك فيك، وهاج منه خوف المعاجلة، ولزمه قصر الأمل.
قلت: فكيف أذكره ذكرا يباشر قلبي قال : أن تفرغ قلبك حين تذكره من ذكر كل شيء إلا من ذكره، فإذا ذكرته كذلك باشر ذلك قلبك، إذ لاشيء فيه غيره، ولم يلبث أن يتبين ذلك على بدنك، وكما وصف الله عز وجل قلب أم موسى عليه السلام ، حين فرغ من كل شيء إلا من ذكر موسى قال: (1) ما بين الحاصرتين: سقطت من ط (2) في ط: ترد.
(3) في ط: مما.
(4) في ط : وقد كنت أذكر من قبل بعض ذلك.
(5) ما بين الحاصرتين: سقطت من ط
Shafi 149