قال: وكان مالك يكره لمن صرف دراهم بدنانير، ثم وجد فيها درهما زائفا أو مغشوشا بعدما افترقا، فأتى يستبدله، وكان يرى الصرف منتقضا إن فعل، إلا أن يكون صارفه بدنانير لها عدد، فلا ينتقض لما استبدل من الدراهم إلا صرف دينار واحد، ما بينه وبين أن يزيد ما استبدل من الدراهم على صرف دينار، فينتقض صرف دينار، ثم هكذا فيما زاد على ذلك. قال: وليس الاستبدال في الصرف بالحرام البين المجتمع عليه، قد كان بعضهم يجيز ذلك ما لم يكن شرطا في أصل المصارفة، وقد كان ابن شهاب يجيزه والليث بن سعيد وابن وهب، فإذا كان شرطا في أصل المصارفة، فمجتمع عليه أن ذلك لا يحل؛ لأنه إذا قال: ما رد عليك أبدلته لك، فقد صار صرفا فيه نظرة، وذلك حرام وربا، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء))، وإنما استخفه من استخفه إذا لم يكن شرطا، ولا أن يبدل له الدرهم ونحوه، وكرهه مالك وأصحابه كلهم، ورأوه صرفا منتقضا، وهو أحوط عندنا، وبه نأخذ، إلا أن يرضى المصرف أن يتجاوز ما وجد من زائف ومغشوش، فيجوز ذلك ولا ينتقض الصرف، فإن وجد درهما ناقصا من العدد، كان نسيه عند الصيرفي، أو أخطأ به العدد، انتقض الصرف بينهما، فإن أراد أن يتجاوزه، ويدعه ولا يتناقض الصرف، كما يتجاوز الزائف والمغشوش لم يجز ذلك، وانتقض الصرف بينهما على كل حال؛ لأنه صرف لم ينتجز حتى نقص من عدده، ولم يستوعب المصرف قبضه كله، وأن الذي يجد الزائف والمغشوش قد قبض جميع الصرف، وبان به وأثبتها بينهما، فلم يبق لبعضهما في يدي بعض حق إلا ظهر له، إلا أمر زيافة الدراهم، أو غش فضته مما هو في يديه، فقد قبضه وصار إليه، فإذا رضي أن يتجاوزه، فإنما يتجاوز ما قد قبضه عند المصارفة، فبان بهذا فرق ما بينهما.
قال: ومن باع فضة بذهب، ثم وجد أحدهما في بعض الذهب غشا، أو في بعض الفضة، أو وجد في بعض ذلك نقصانا من الورق، فسبيله سبيل ما فسرنا فوق هذا في جميع وجوهه.
Shafi 83