قال: ووجه استضراب الدراهم والدنانير، كاستعمال الصائغ الخلاخل والخواتم والأساور وأشباه ذلك، يعمل لك من فضتك وذهبك بعينها، فأما الذين يصيغونه في بيت الضرب من جمعهم فضاض الناس بعد معرفتهم بوزنها، فإذا اجتمعت لهم الدراهم المضروبة من ضربهم، أعطوا كل إنسان على حساب ما كان من فضته، قد عرفوا مخرج ذلك، وصار عددهم أمرا واحدا يحملون الناس عليه، فإن ذلك لا يحل العمل به، وقد سألت عنه من لقيت من المدنيين والمصريين، فلم يرخصوا فيه على حال. قلت لهم: ما يصنع المحتاج إلى استضراب فضته أو ذهبه؟ فقالوا: يراطلها إن وجد، وإلا باعها بالعرض، ثم باع العرض بالعين، فقلت لهم: إنما يمر في طريق الحج بالبلد يضرب فيه السكك في الأسواق، كبعض الصاغة والأعمال، فيأتي الرجل إلى السكاك بفضته، فيزنها ويعلم ما فيها ومخرجها، فيجوز له أن يتعجل دراهم مضروبة من عند السكاك، ويعطيه أجر عمله لما يزيد من تعجيل قضاء حاجته، ولعل سفره قد دفعه إلى الخروج، فقالوا: وهذا أخبث من الأول الذي سألتنا عنه، وهذا لا يحل للمضطر، ولا للشيخ وهو مثل حديث مالك عن ابن عمر حين سأله الصائغ عن الشيء يصوغه من الذهب والورق بوزنه، ثم يبيعه ويعطي أجر صياغته، فنهاه عنه ابن عمر، وأخبره أنه ربا، وأنه ضارع ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما))، ثم قال: هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلينا وعهدنا إليكم.
تم الباب الثالث منه، يتلوه الرابع في الكراهة الثلاثة التي تلي هذا، وهو الباب الرابع في بيع الذهب ووجه الصرف، وما ضارع الصرف، والخامس: في بيع الطعام بالطعام في جميع أصنافه، فهذا ما وقع هاهنا -وبالله التوفيق.
Shafi 77