تغير قيمة العملة وأثره في التعامل والديون
التمهيد: إذا اقترض أو اشترى شخص شيئًا بمبلغٍ ما ولم يسلم الثمن فلما حان وقت السداد أبطل السلطان تلك العملة التي اتفق عليها البائع والمشتري أو نقصت قيمتها فما الحكم، هذا ما سنبحثه خلال هذا المبحث ويستوي في ذلك الشراء والقرض وغيره.
المسألة الأولى: إذا حرم السلطان العملة وأبطلها أو بطلت قيمتها لأي سبب.
أقوال العلماء:
قال الجمهور: يلزم برد القيمة أشبه كسرها أو تلف أجزائها. وهذا قول المالكية والحنابلة في القرض والثمن المعين وأوجبه ابن تيمية في سائر الديون.
وقال أبو حنيفة ﵀: ينفسخ العقد ويرد المبيع إن كان قائمًا أو قيمته أو مثله إن كان هالكًا وأما صاحبا أبي حنيفة ﵀ فوافقا الجمهور.
وقال الشافعية: يلزم برد المثل لأن ذلك ليس بعيب حدث فيها وقياسًا على نقص سعرها.
والراجح في هذه المسألة والعلم عند الله تعالى هو قول الجمهور لأن إلزامه بقبول المثل يعني أخذه لما لا قيمة له، وهذا ظلم تأباه نصوص الشرع.
المسألة الثانية: تغير قيمة العملة.
اتفق الأئِمة الأربعة على أنه يلزم رد المثل في النقدين (الدرهم والدينار) .
أما إذا نقص سعر الفلوس فقد قال أكثر العلماء يلزمه رد المثل، وفي المبسوط ٢٢/٣٤ أنه يرد المثل في المضاربة.
وقال أبو يوسف ﵀: يلزم برد القيمة في الفلوس، وذكر الراهوني قولًا لبعض المالكية برد القيمة فيما إذا نقصت كثيرًا حتى كان القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه. واختار هذا القول ابن تيمية وابن القيم (رحمهما الله) وذكره ابن تيمية ﵀ منصوص أحمد.
أدلة القول الأول: أن القول برد القيمة يفتح بابًا للربا يصعب غلقه.
أدلة القول الثاني: قياسًا على تحريم السلطان للعملة لما في كل منهما من الضرر، ولأن هذا هو مقتضى العدل، وقياسًا على الجائحة التي أمر الشرع بوضعها.
9 / 1