الله ﷺ، فَحِينَئِذٍ تَقُولُ: «حَسْبِي، حَسْبِي».
وَكَيْفَ يَسْتَحِيلُ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ مَا وَصَفَ رَسُولُ الله ﷺ مِنْ وَضْعِ القَدَمِ فِي جَهَنَّمَ؟ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ بِكَمَالِهِ فِي جَهَنَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمْلَأَهَا، وَبَعْدَمَا مَلَأَهَا؛ لِأَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، فَجَهَنَّمُ مِنْ أَعْظَمِ الأَمْكِنَةِ، فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ كَذَّبَ بِالآيَةِ إِذْ تَدَّعِي أَنَّ جَهَنَّمَ مُمْتَلِئَةٌ مِنَ الجَبَّارِ، ﵎ ﷿ عَنْ وَصْفِكَ.
ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَنَّ مَنْ تَأَوَّلَ فِي هَذَا قَدَمَ الجَبَّارِ فَقَدْ جَعَلَ اللهَ مِنَ الجِنَّةِ
وَالنَّاسِ وَمَنْ تَبِعَ إِبْلِيسَ. إِذْ زَعَمَ أَنَّ شَيْئًا مِنْهُ يَدْخُلُ جَهَنَّمَ، وَالله يَقُولُ: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)﴾ [السجدة: ١٣].
فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ: فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلْتَهُ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ وَمَنْ تَبِعَ إِبْلِيسَ، إِذْ تزْعُم أَنَّهُ لَا تَخْلُو مِنْهُ جَهَنَّمُ، وَلا شَيْءٌ مِنَ الأَمْكِنَةِ، أَفَبَعْضٌ أَوْحَشُ أَمْ كُلٌّ؟.
وَيْلَكَ! إِنَّمَا أَرَادَ الله بِقَوْلِهِ: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)﴾ [السجدة: ١٣]: الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ العَذَابُ.
وَلَهَا خَزَنَةٌ يَدْخُلُونَهَا؛ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ، غَيْرُ مُعَذَّبِينَ بِهَا، وَفِيهَا كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وَقَالَ: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [المدثر: ٣٠ - ٣١]، فَلَا يدْفعُ هَذِه الآيَات قَوْلُهُ: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)﴾ [السجدة: ١٣]، كَمَا لَا يَدْفَعُ هَذِهِ الآيَةَ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: «يَضَعُ الجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ».
فَإِذَا كَانَتْ جَهَنَّمُ لَا تَضُرُّ الخَزَنَةَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا وَيَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَكيف تَضُرُّ الَّذِي سَخَّرَهَا لَهُمْ؟ فَإِنْ أَنْتَ أَقْرَرْتَ بِالخَزَنَةِ وَمَلَائِكَةِ العَذَابِ وَمَا