182

Reasons for the Torment of the Grave

من أسباب عذاب القبر

Nau'ikan

علاج قسوة القلب السؤال لي فترة طويلة وأنا أحاول أن أبكي فلا أستطيع وقلبي أقسى من الحجر، مع أنني لا أقوم الليل فكيف أصنع؟ الجواب رقة القلب ولين العاطفة والخشوع والخضوع والخوف والوجل، هذه من نعم الله، ومن مِنن الله، يقسمها على الناس كما يقسم الله الأرزاق، فمن الناس من له رزق كثير ومنهم من ليس عنده شيء، لكن ليس هذا بالضرورة أن قلبك أقسى من الحجر أي: أنك لا تخاف الله، لا. المقياس الذي تقاس عليه أمور العباد، هو على مدى استجابتهم لأمر الله وبعدهم عن نهي الله، فقد نجد إنسانًا وقافًا عند أوامر الله، لا يرتكب لله ﷿ نهيًا ولا يترك لله أمرًا، وبالرغم من ذلك لا يبكي وهو من السعداء، وقد نجد آخرًا بمجرد ما يسمع آية كريمة أو حديثًا يبكي، لكن لو أتيت تفتشه لوجدته منغمسًا إلى مسامعه في المعاصي والذنوب، فهو يبكي ويخرب، فبكاؤه لا ينفعه، لكن إذا وجدنا إنسانًا رقيق القلب والعاطفة سريع التأثر، وقافًا عند حدود الله لا يرتكب لله نهيًا، ولا يترك لله أمرًا فهذا طيب، ولكن هناك وسائل ذكرها العلماء ترقق القلب وتجعل قلبك لينًا -إن شاء الله-: أولًا: زيارة القبور، من غير شد الرحال، تذهب إلى المقابر وتقف عندها وتسلم على أهلها. ثانيًا: ذكر الموت والقبر والظلمة في داخل القبر، وتصوره على التصور الصحيح، ولو بممارسة شيء من وسائل الإيضاح، أي: من الشيء العملي في بيتك، كان ميمون بن مهران عنده قبر في بيته، حفر قبرًا في طرف بيته، وكان إذا قسا قلبه، يقول لزوجته وأولاده: تعالوا! فيدخل في القبر ويُغطي عليه القبر، ويقول لهم: كونوا قريبين لا تبتعدوا عني، فإذا صحت عليكم افزعوا إليّ، ويصبر في الظلمة وفي الوحشة وفي الضيق إلى أن تكاد روحه تطير، ثم يصيح، ويقول: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون:٩٩] يقول: إذا سمعتموني أسرعوا إليّ ثم يقول: إذا سمعوا الكلمة جاءه أولاده وفتحوا عليه قال: ها مد يدك ويطلعونه فيقول لنفسه: يا ميمون! قم واعمل صالحًا قبل أن تقول: ربي ارجعون فلا تجاب، يقول: فيقوم من قبره وهو نشيط نشاطًا عظيمًا للعبادة والعمل الصالح، هذا درس عملي. ثانيًا: تتذكر الحياة الآخرة، وتتذكر الجنة والنار. ثالثًا: تحسن إلى الفقراء؛ لأن من أحسن إلى الفقراء أحسن الله إليه، من رحم المساكين ﵀، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. أيضًا تمسح بيدك على رأس اليتيم، إذا رأيت يتيمًا في أي أرض ومسحت على رأسه ووضعت مع المسح مبلغًا من المال له في يديه وقبلته وواسيته؛ لأنه من يمسح رأسه إذا لم تمسح رأسه أنت؟ من يقبله من يواسيه؟ أبوه ليس موجودًا ولهذا خير بيت في الأرض بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في الأرض بيت فيه يتيم يساء إليه. فهذه الأمور مما ترقق -إن شاء الله- القلوب. وأيضًا: قراءة القرآن بنوع الأداء الذي فيه خشوع وخضوع، وإن لم تبك فلا أقل من أن تتباكى، أي: تشعر نفسك بالخشوع ولو تصنعًا؛ لأنه مرحلة انتقالية -إن شاء الله- إلى أن تخشع ويلين قلبك بإذن الله وأسأل الله أن يلين قلوبنا جميعًا لذكره وطاعته.

6 / 25