بذور
رسالة المؤلف
الباب الأول
وادي الفريكة أو العودة إلى الطبيعة
الكتاب
أنوار الأفكار
مناهج الحياة
الصلاة
جهل الإنسان لحكمة الخالق
عظة رأس السنة
Shafi da ba'a sani ba
من على جسر بروكلن
فوق سطوح نويرك
وفي مثل هذا اليوم طابت جهنم
التمدن الحديث
الفقر وبنوه
الضجيج والضوضى
روح هذا الزمان
شهداء العلم
الحرب التي تهمني
الخيانة وإبليس
Shafi da ba'a sani ba
خطاب المسيح1
بيني وبين مدير الجريدة1
بين اللاهوتيين والعلماء
ما هي السعادة
بيتان للمتنبي
مكروب الغيرة
التعزية في المصيبة والمصيبة في التعزية
الرداء الأسود
فلتر
جان جاك روسو
Shafi da ba'a sani ba
وليم غاريسون
تولستوي
ابن سهل الأندلسي
الثورة الإفرنسية1
بذور للزارعين
الباب الثانى
الخطب
المقالات
الشعر المنثور
الباب الثالث
Shafi da ba'a sani ba
نور الأندلس
تاريخ سوريا
الأشجار الناطقة
أصوات السكينة
الشعر والشعراء
الموسيقى الإفرنجية والعربية
بلادي
الكنيسة والجامع1
روح اللغة
تعددت الأسماء والظلم واحد1
Shafi da ba'a sani ba
الثورة الحقيقية
حكومة المستقبل
الصوم
هباسيا
القديس أغسطينوس والغزالي
صديقي الأعز
رسم
بذور للزارعين
أبرشية الفريكة
على الأرض السلام
Shafi da ba'a sani ba
شبلي الشميل
جرجي ديمتري سرسق
الترقيع في العمل
روح الثورة1
الأخلاق1
الباب الرابع
الشعر المنثور
في النكبة
في الحرب وبعدها
سوريا ولبنان
Shafi da ba'a sani ba
بذور
رسالة المؤلف
الباب الأول
وادي الفريكة أو العودة إلى الطبيعة
الكتاب
أنوار الأفكار
مناهج الحياة
الصلاة
جهل الإنسان لحكمة الخالق
عظة رأس السنة
Shafi da ba'a sani ba
من على جسر بروكلن
فوق سطوح نويرك
وفي مثل هذا اليوم طابت جهنم
التمدن الحديث
الفقر وبنوه
الضجيج والضوضى
روح هذا الزمان
شهداء العلم
الحرب التي تهمني
الخيانة وإبليس
Shafi da ba'a sani ba
خطاب المسيح1
بيني وبين مدير الجريدة1
بين اللاهوتيين والعلماء
ما هي السعادة
بيتان للمتنبي
مكروب الغيرة
التعزية في المصيبة والمصيبة في التعزية
الرداء الأسود
فلتر
جان جاك روسو
Shafi da ba'a sani ba
وليم غاريسون
تولستوي
ابن سهل الأندلسي
الثورة الإفرنسية1
بذور للزارعين
الباب الثانى
الخطب
المقالات
الشعر المنثور
الباب الثالث
Shafi da ba'a sani ba
نور الأندلس
تاريخ سوريا
الأشجار الناطقة
أصوات السكينة
الشعر والشعراء
الموسيقى الإفرنجية والعربية
بلادي
الكنيسة والجامع1
روح اللغة
تعددت الأسماء والظلم واحد1
Shafi da ba'a sani ba
الثورة الحقيقية
حكومة المستقبل
الصوم
هباسيا
القديس أغسطينوس والغزالي
صديقي الأعز
رسم
بذور للزارعين
أبرشية الفريكة
على الأرض السلام
Shafi da ba'a sani ba
شبلي الشميل
جرجي ديمتري سرسق
الترقيع في العمل
روح الثورة1
الأخلاق1
الباب الرابع
الشعر المنثور
في النكبة
في الحرب وبعدها
سوريا ولبنان
Shafi da ba'a sani ba
الريحانيات
الريحانيات
تأليف
أمين الريحاني
بذور
والآن أجيب أنا في نوبتي وأبدي أنا أيضا علمي [...]
1
إنسانا ولا أطري بشرا.
أيوب 32 : [...]
لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من كنوز الدنيا.
Shafi da ba'a sani ba
حديث شريف
ولو لم يكن إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث لكفى به نفعا. فإن من لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر بقي في الحيرة والعماية.
الإمام الغزالي •••
إن عصرنا هذا لهو عصر الانتقاد والأشياء كافة ينبغي أن تخضع لا [...] ولكن الكثيرين من الناس يظنون أن قداسة السلطة ترفع الدين والشرائع [...] فتوى النقد وتخرج بها من محكمته الجليلة ناكرة صلاحية أحكامها. فإذا [...] ذلك تدمغ الشرائع الدينية والمدنية بالشبهة والريب وتفقد الاحترام [...] نقدمه مخلصين للتعاليم التي تمحص في محكمة النقد - للتعاليم التي لا يخشى واضعوها والمتشيعون لها أن تفحص فحصا مدققا.
كنت في كتابه:
of pure Reason [...]
رسالة المؤلف
الباب الأول
وادي الفريكة أو العودة إلى الطبيعة
قل كلمتك وامش
Shafi da ba'a sani ba
وادي الفريكة مهيب أكثر منه جميل، هو عميق ملتو، ينحدر من قرية صغيرة ليغسل رجليه في نهر الكلب. هو صغير ولكنه كثير الزوايا والأسرار يجمع بين الدلب، الذي لا يعيش إلا بالقرب من الماء، والصنوبر، الذي يكتفي بمشاهدة البحر من أعالي الجبال. وفي الشتاء تنثر الطبيعة تحت قدميه أزاهر الدفلي، وتكلل رأسه في الربيع وفي الصيف بأزاهير اللزان. ومع هذا الجلال والدلال تراه حاملا على منكبيه كثيرا من الأطواد التي تخضع صاغرة تحت قدمي صنين، نعم إن ملتقى الجبال على منكبي وادي الفريكة، هنالك تعانق جبال القاطع جبال كسروان ومن أعطافها تتدفق في الشتاء المياه التي تجري في نهر الكلب، هنالك تمتد الأعناق وتنحني الرءوس وتضغط الخدود بعضا على بعض. وفي الصباح قبل أن يغيب القمر وتشرق الشمس تتلألأ فوقها إلهة الحب لتباركها إلى الأبد. تشرق الزهرة من وراء جبل صنين وترسل أشعتها الباهرة فوق الجبال التي يعانق بعضها بعضا عناقا أبديا على منكبي وادي الفريكة.
في هذا الوادي من الصخور الشامخة والمنحدرات المخوفة والوهاد العميقة والكهوف المظلمة؛ ما لا يرغب الناس في الانحدار إليه، فهو يقول للفلاح: تعال وفأسك ومنجلك، ويقول لمحب الطبيعة تعال بأفكارك وتصوراتك، كما تقول الرياض لمحب السرور: تعال بالعود والدن.
في صباح يوم من الأيام التي تقف حائرة بين الخريف والشتاء لبيت دعوة الوادي، خرجت من بيتي بمعطف مشمع وأخذت أقفز عن الربى وأدب من تحت الصخور حتى وصلت إلى قلب الغاب، نزلت لأتفقد الوادي بعد أن اغتسل بسحابة الخريف الأولى، هبطت على عادتي لا ترويحا للنفس كما يقال، بل طالبا الإلهام ناشدا الفائدة. نعم أنا أقصد الوادي كما يقصده الفلاح ولكن فأسي ومنجلي يختلفان نوعا عن فأسه ومنجله، وأحمالنا ونحن عائدان تختلف كثيرا بعضها عن بعض. على أن حطب الغاب يفيد في هذه الأيام أكثر من حطب الخيال والفلاح هو الفيلسوف الحقيقي، ولكن ذلك قلما يهمني، قد انحدرت إلى الوادي ووقفت على صخر يشرف على النهر وتأملت فعل العواصف والأنواء الليلة البارحة - تلك الليلة التي دخل إله الشتاء بعروسه الطبيعة.
كيف لا ومياه النهر والسواقي حمراء كالدم ... وقفت هنالك مبتهجا فأحسست بأن روحي انفصلت عن جسمي وطارت فوق الأشجار البليلة وفوق الصخور الشهباء في الصيف السوداء بعد الأمطار، طارت وطار معها ما تراكم على رأسي وقلبي من الأفكار والخيالات والأماني، طارت مسرعة صامتة كما يطير السنونو والحسون في هذا الفصل. شعرت بأن روح الوادي تجسدت في وروحي تجسدت في الوادي، فأنا إذن والوادي سواء. في نفسي ما فيه من الظلال والخيالات والكهوف، في نفسي ما فيه من الصخور الشامخة والمنحدرات الهائلة والسواقي الفائضة والأنهر الجارية، في نفسي ما فيه من العصافير والجنادب والنسور ومن الهوام والذئاب أيضا أيها القارئ البعيد القريب.
صعدت قليلا وجلست تحت خرنوبة غضة وتنفست متنشقا هواء الأحراج المنعش فكاد يكون لنفسي صدى في حفيف الأوراق، في ظل هذه السكينة يكاد المرء يسمع خفقان قلبه، وعند توقلي في الصخر سمعت صوت رفرفة العصافير فالتفت إلى جهة الصوت وإذا بسرب كبير من السنونو فر من أمامي ففكرت في نفسي قائلا: لو كان للطير أن يقرأ الأفكار لما كان هذا السرب يفر الآن من وجهي بل كان يجيئني مغردا فأقبله ويقبلني ويسير بعدئذ كل منا في سبيله، ولكن إخواني البشر لم يعودوا الطير مثل هذا والسنونو لم يقرأ شيئا حتى اليوم مما أكتبه، إلى الآن لا يعرفني، وهل يلام على ذلك والإنسان نفسه لم يزل يعجز عن فهم ما انطوى عليه الإنسان؟
السكينة بعد العواصف، أتأملتها في زمانك؟ هي عندي نوع من الراحة الأبدية، السكينة في الوادي تكاد تكون في هذا الفصل غير عالمية، فما أنعشها للنفس وما أجمل وقعها على الأذن والقلب! ولو جاز أن تقول إن للسكينة ألحانا وأنغاما لقلت إنها أشجى في مسمعي وأبدع من ألحان أمهر الموسيقيين.
وما معنى الألحان التي لا تسبقها وتتلوها السكينة؟ إنها عندي كلا شيء، بل هي ضجيج مزعج ممل، وأما العبير المنتشر في الغابات بعد الأمطار - وخصوصا بعد السحابة الأولى من فصل الشتاء - فيحير الكيماوي والنباتي والعطار، فما أشذاه وأطيبه وما أبعده وأغربه! أيفاخرني الخليع بروائح الحشيش والأفيون وحبوب المسك والعنبر وغيرها من «نسخات» المصريين؟ فوالله إن روائح الغاب والوادي بعد الأمطار لأطيب منها شذى وأبعد منها غرابة وأشد منها فعلا في النفس.
مر علي ساعة من الزمن وأنا أتنشق هذه الروائح وأفكر في الحشاشين والروحيين والبوذيين، في أولئك الذين يسكرهم الإيمان أو الأفيون فيرتفعون بأحلامهم إلى ما وراء الطبيعة أو ينحدرون إلى ما تحتها، فنهضت وقد تخدرت أعصابي من أرج الأشجار الندية وأفيون الأرض الندية، ونظرت بعين البصيرة إلى الأفق من خلال الأغصان فتنسمت من الغيوم المتراكمة فيه خيرا وقلت في نفسي: إلى البيت يا ولد إلى البيت! فها قد اختبأت في أعشاشها الطيور وعادت إلى أوكارها الحشرات والهوام وعدت نحو حظائرها الماشية. ها قد انهزمت السكينة أمام الرياح وهبت الأوراق الصفراء البالية من الأدواح لتختبئ في الغياض والأدغال.
وأنت، فما الذي يبقيك هنا؟ عد إلى عشك قبل أن تحاصرك الرياح، عد إلى عشك قبل أن تسل عليك صوارمها الغيوم وتطلق مدافعها، قبل أن ترسل عليك السحب شآبيبها. فقبلت نصيحة نفسي ونظرت حولي باحثا فرأيت بالقرب من شجرة صنوبر كبيرة صخرا قد نقرت فيه الديم والأعاصير مغارة صغيرة فتقدمت نحوها ودججت تحت الصخر إليها دجا، وتأملت بعد ذلك حكمة الطبيعة ورحمة العواصف والرياح، لا أيها القارئ، إن الطبيعة لا تظلم بنيها مهما اشتد غضبها ومهما تعامت في مناحيها الهائلة المخوفة. وأما أولئك الذين يخافون الأمطار ويخشون الأعاصير فيتفرجون عليها من وراء الزجاج فذرهم في نعيمهم يمرحون. أولئك فقراء الروح لا يدركون الغرض الجوهري من الحياة الدنيوية، ولا يعرفون ما غرب وخفي فيها من اللذات الروحية والجسدية، كم من مرة سمعت صوت النفس يناجيني قائلا: امش تحت المطر الهاطل وعرض خديك لسهام الغيوم - بل لقبلاتها - فهي تسيل شوقا إليك، وإذا وجدت نفسك في الغاب أو في الوادي في مثل هذه الآونة فلا تخف على جلدك من الذوبان ولا تهرول إلى البيت كالجبان، بل قل لنفسك مكانك تحمدي أو تستريحي! افرح بكل مظهر من مظاهر الطبيعة واستفد إن كان عندك ذروة من العلم.
عليك بشجرة وارفة الظلال فاشغل فكرك أو قلبك بشيء تراه حولك ولا تكن من الخاسرين، هذه الفرص ثمينة يا صاح، وهي أندر من الغراب الأعصم، ولعلك لا توفق أيضا للاقتراب من الطبيعة في شدة غضبها - في ساعة تهيجها واضطرابها، فاقترب منها الآن! تعلم منها الثبات والإخلاص واستمد منها القوة والجلال.
Shafi da ba'a sani ba
إذا كنت في سفينة تتقاذفها الرياح من كل جانب وأوشكت تبتلعها الأمواج أتضيع وقتك بالعويل والنحيب صارفا النظر عما يتمثل حواليك من جمال الطبيعة وهولها وجلالها، لا أقول لك لا تصل إلى الله لينجيك من الغرق في مثل تلك الساعة ولكنني أقول اشكره تعالى أولا وآخرا على أنه جعلك ممن شاهدوا هذا المشهد العظيم، ووقفوا هذا الموقف الرهيب، ألا تظن مشاهدة البحر ساعة هيجانه تساوي شيئا وخصوصا إذا كنت في مركب واقع في شبك أمواجه الزابدة، هل لنا أن نختبر مثل هذه الاختبارات النادرة كل يوم، ولنفرض أني مت في الوادي تحت الغيث الهاطل أو سكنت قعر البحر تحت الموج المتراكم أينقص من نفسي الأزلية شيء؟ فعلام الخوف والجبن؟ أيخشى الإنسان ربه؟ أيحاذر ابن الطبيعة أمه؟ أتوجس النفس الأزلية خيفة من شيء زائل؟
قد شذبت نصائح القوم ووضعت ما بقي منها في جيبي وسرت مع نفسي سيرا بطيئا بعيدا عن طرق الوادي الضيقة، بعيدا عن تلك الخطوط الصفراء التي يراها التائه عن بعد فيقصدها ويلازمها مطمئنا، سرت بين شرايين الوادي وعروقه طالبا في القلب مركزا جميلا تزينه ثلاث من أدواح الصنوبر الشامخة، وقد تساوت كلها حجما وقدا وجمالا، رأيتها واقفة هنالك شبه عرائس خرجن من خدورهن ليدعونني إليهن، وهل تظنني خاطرت بنفسي إذ لبيت الدعوة؟ لا - وحياتك أيها القارئ - فقد خاطرت بشيء من اللحم والدم والعظام التي تقيد النفس، أوليس من المحمدة أن يطلق المرء للنفس ذمامها مهما كلفه ذلك؟ أوجه هذا السؤال إلى الشعراء لا إلى اللاهوتيين، أنا لا أذكر سوى اللذات الروحية حينما أكون بالقرب من الطبيعة، ومتى عدت إلى المدينة فهنالك لذات جسدية تنتظرني، هنالك سرور ينسيني النفس كما ينسيني سروري الآن سرور الجسد، وأما الكوارث والحوادث التي يخافها الناس ويبالغون في التهويل بها فمتى جاءت تراني متأهبا تراني دائما مستعدا إلى السفر.
الطريق التي اتخذتها إلى الصنوبر في الوادي هي الطريق إلى الحقيقة في العالم، وعلى من يحب الاقتراب من الصنوبر وتتوق نفسه إلى فيء أشجاره وأرضه المفروشة بإبره اليابسة أن يخاطر بكثير من الرفاهية التي ألفها. عليه أن يخاطر في الأحايين بحياته - أي بلحمه ودمه - عليه أن يمشي بين العوسج والأدغال وعلى الشوك والبلان والشيح بين الحجارة والرتم والقيضوم وفوق الصخور المغطاة بالطحلب النامي في ثقوبها الغار والخنشار، عليه أن يدج دجا من تحتها تارة ويقبل شوك القرقفان الذي يعترضه ويشم رائحة الطيون الذي تلتصق أوراقه بثيابه، وقد يقع تارة من صخر أملس ويزلق طورا على الأرض المفروشة بورق الأشجار البالي.
وبينما هو سائر يسمع الحقيقة تخاطبه قائلة: أنا الصنوبر أيها الشاب الطلق المحيا الرائع الوجه الرقيق العواطف الراسخ في علم السلوك المواظب على سنن الأدب والمسامرة، فإن كنت تريد الاقتراب مني - إن كنت تحب الجلوس تحت جوانحي الخضراء المبللة بندى الحب فعليك أن تترك وراءك نعومة المجالس وجمال الترف ورفاهة العيش وبذخه، عليك أن تدوس شوك الخرافة وتمشي بين عوسج التقليد وتقطع أودية الأوهام وتعبر سواقي الحب الكاذب وتتوقل في الصخور الشامخة وتسقط تارة في عليق الرؤساء وطورا في أدغال الحكام وأحافير الشرائع، وإذا سلمت بعد كل ذلك فصعد في الصخور المعتزة بذاتها المتفردة بعظمتها القائمة على شفر الهاوية من غير أن تشعر بشيء من الخوف والرعبة أو أن يخامرك شيء من الريب بنفسك. ومتى وصلت إلي تقيم في ظلي سعيدا قريبا من الحياة بعيدا عنها في آن واحد، وتصبح مثل قمة جبل الشيخ لا ملك فيك لأحد من الناس ولا لإحدى الطوائف والأحزاب، تصبح إذ ذاك ملكا مشاعا للجميع، تبارك من عاش في ظل الحقيقة! تبارك من ملك نفسه!
حاصرني المطر في كهفي الصغير ساعة من الزمن فأخذت أتأمل أثناء ذلك ما كان داخله من آثار المخلوقات التي سكنته قبلي، فرأيت أن الحية كانت تدخله لتغير فيه ثوبها، والثعلب ليأكل فرخته والضبع ليفترش فيها مائدته، كيف لا وهذا ثوب الحية البالي، وهنا بعض ريش الدجاجة المسكينة، وهناك عظم من عظام الثعلب، وفي السقف والزوايا أنسجة العنكبوت وفيها عشيرة من البعوض. وإني أؤكد أن هذه البعوضة الراقدة الآن في هذه الخيام النحيفة آمن على نفسها من قيصر الروس في قصره، ولقد يستطيع حزاز الصخور أن يفيدني شيئا من هذا الباب لو شاء ربك، لقد يستطيع الخنشار النامي على باب المغارة الباسط جناحه المزركش فوق هذه الأوراق البالية أن يقص علي قصة غريبة عجيبة. فكم من حادث حدث في جوف هذا الكهف لو كان لجدرانه أن تنطق وتتكلم!
آها على رفيق يشاطرني الآن هذا المأوى الصغير المعتم البارد - الجميل في ذاته! لا أنكر أن العزلة جميلة، ولكن - رفيقا واحدا لأقول له من وقت إلى آخر إن العزلة جميلة. فقد تاقت نفسي وأنا بالقرب من الطبيعة إلى نفس بشرية أخرى تريني بما فيها من القوة والضعف ما خفي من قوتي وضعفي، تأملت وأنا في هذه المغارة ما في الطبيعة من القوى الكامنة ومن الهول الراقد تحت ستار السكينة والجمال، فجرني الفكر إلى الهيئة الاجتماعية الحاضرة الواقفة على شفر هاوية فتن لم يسبق لها مثيل في التاريخ، جرني الفكر إلى ستار الكذب والتصنع والاحتيال الذي يسدله ذوي الغايات النفسية على الحقيقة - إلى القوى الكامنة في الشعوب المظلومة - إلى الهول الراقد تحت ملاءة من الخوف والخمول - إلى الخير الكامن في الأفراد الغيورين على الحقيقة الجريئين في الذب عنها.
ومهما اشتدت الاضطهادات على ذوي الأفكار فهم لا يحرمون كوخا يلتجئون إليه، تضربنا الطبيعة باليسرى وتعيننا باليمنى، تعد لنا المغاور لنلتجئ إليها حينما يشتد غضبها الأعمى، وإذا حملقت فينا الهيئة الاجتماعية وكشرت عن نابها ففي زوايا الأرض وأطرافها نفوس حرة سامية تنعشنا بطيب شذاها، وتجدد فينا حرارة محبتها الحماسة والنشاط.
وبعد أن وضعت حرب الرقيع أوزارها أشرقت السماء قليلا، فظهر شيء من نور الشمس من خلال الغيوم والأغصان وحول نقط الماء المتجمعة على الأوراق إلى نثرات من الفضة وحبات من اللؤلؤ الثمين، وأخذت - إذ ذاك - العصافير تطير من غصن إلى غصن ومن صخر إلى آخر ساكتة خائفة، وهكذا تفعل بعد الأمطار والعواصف، فهل هي تشعر مع الشاعر بلذة التأمل الذي توجبه السكينة؟ أتمثل الآن دور الفيلسوف بعد أن مثلت دور المنشد المطرب؟
في مثل هذه الساعة - ساعة السكينة والهدو - لا تتوق النفس المبتهجة إلى الشمس ونورها ولا تشتاق إلى بهائها وحرارتها، في مثل هذا الوقت من السنة تلذ لي الغاب ويبعدني الوادي عن الأوراق والكتب، تلذ لي الغاب وما فيها من السلوى والإلهام والراحة، تلذ لي ظلمتها وظلالها، سكينتها وصخورها وأشجارها وأدغالها، أشواكها وأزهارها، نعم إن صوت الغيث الهاطل على الأشجار جميل فهو يضرب على أغصانها فيخرج منها أنغاما وألحانا مطربة مدهشة، ولكن السكينة التي تتلو العواصف أجمل في أذن النفس وأطرب.
صوت الأوراق الصفراء التي تقع متناثرة إلى الأرض من ثقل ما عليها من الماء، أو صوت نقطة ماء تقع من ورقة خضراء حية على ورقة يابسة ميتة، أو صوت فأس الحطاب بين أشجار العفص والسنديان، أو أصوات الأولاد الذين يؤمون الوادي والغابات طالبين الحلازين؛ هذا كل ما تسمعه في الغاب بعد العواصف والرياح، وهو جميل؛ لأنه قليل في كثير:
Shafi da ba'a sani ba
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير
صحيح ما يقال من أن الرياح والأعاصير تضر بمصالح الناس، ولكن أمن أجل الإنسان ومصالحه الزمنية المادية خلق الله كل شيء. هكذا يقال في التعاليم الدينية. ولكن الطبيعة تقول غير هذا القول، ويظهر لي أن الأعاصير تعوض أضعافا على الإنسان فالذي تأخذه من ملكه الخاص تعيده إلى ملك الطبيعة والخسارة لا تكون إلا نسبية، وهذا ظاهر لكل الذين وصلوا بترقيهم الروحي العقلي إلى درجة يتم فيها امتزاج الروح البشرية بروح الطبيعة الشاملة. وهؤلاء القلائل لا يفقدون شيئا أزليا ولا يكسبون شيئا زائلا؛ لأن الطبيعة بما فيها هي أبدا لهم وهم أيضا لها على غابر الدهر.
السير في شوارع المدن الكبرى يذكر الإنسان بالإنسان وأما السير في الوادي أو الغاب فيذكر السائر بالخالق العظيم، الأول يدعو إلى العمل والثاني إلى التفكر والتأمل. في الأول بعض اللذة التي يتبعها الإعياء والقنوط، وفي الثاني نوع من اللذة الذي يتبعه النشاط والعزم وحسن الآمال.
يمشي المتنزه في شارع من شوارع باريز أو نويرك فيدهشه ازدحام الناس وتنقبض نفسه من الضجيج ويتبلبل فكره مما يراه وراء زجاج النوافذ الكبيرة من مصنوعات الإنسان ومن التحف والعاديات، ويمشي ابن الطبيعة في الغاب بين الأدغال وتحت الأشجار والأدواح فتنعشه روائح الصنوبر ويسكره أرج الأرض الذكي الممتزج بروائح القويسه والبطم والغار، فيخرج من بيت أمه وقد ملئ نشاطا وعزما وسرورا وبالأخص إذا كان معها في ساعة تهيجها، يخرج إذ ذاك وهو شاعر بأنه يستحق أن تعامله الطبيعة معاملة مثيل لها، بل معاملة أحد أعضائها المتساوين أمام الناموس الشامل الدائم الذي لا يبطل من أجل الأغنياء ولا يلغى من أجل الملوك والأمراء.
وهكذا خرجت من الوادي بعد أن قضيت فيه بضع ساعات خرجت بعد أن تصفحت فصلا طويلا من كتاب أميرة المنشئين وربة الكتاب. •••
وكلما كنت أعبر طريقا ضيقة كثيرة الأخطار والمخاوف كان يخطر على بالي هذا السؤال: من هو يا ترى فاتح هذه الطريق القديمة التي تدور حول الصخور وتمتد فوق الوهاد وتختفي بين الأدغال فتفضي إلى النهر أو الساقية؟ من هو بطل هذا الوادي، من هو فاتحها يا ترى؟ وما أدراك أن الطريق هذه خططتها الثعالب والذئاب، ما أدراك أن فاتحها ليس من بني الإنسان. ولكن ما لنا ولها فها قد وصلنا إلى الكروم وما وراءها من غيوم السكر ونجوم السرور، فتأمل الجفنات بعد أن أعطت الإنسان ثمارها في وقتها المعين، أتعرف لماذا اسودت جذوعها؟ لأن الدم قد خرج منها؛ لأن عروقها قد جفت فيبست فخارت قواها وسقطت إلى الأرض عن فسائلها، ولكن إذا كانت الجفنات تمثل لنا الموت فالطيون تحت الدكة وحول الجفنة يمثل لنا بأزهاره الحياة الجديدة الأزلية.
قد لاحظت أن أكثر الأزاهير البرية التي تنور في هذه الجبال في أواخر الخريف هي كلها صفراء صغيرة نحيفة، والذي يزيدها رونقا ويزيد محب الطبيعة دهشة هو أنها على ما هي عليه من النحافة وضعف البنية لا تنمو ولا تزهر إلا في الأماكن الخشنة المخوفة، فالزعفران ينبت بين العليق والشوك وتحت الصخور وبين الحجارة، والأقحوان الأصفر ينبت في الودائق وعلى الطرق بين دوس المواشي والبغال، وبخور مريم يلوص لوصا من خلال الدكات وثقوب الصخور، فكأنه يطل من نافذة بيته ليقول للمتنزه: عليك السلام، والطيون يعيش قانعا راضيا في كل مكان، والحندقوق البري يتمايل تيها بين الشيح والأدغال بعيدا عن منجل الفلاح، وأما الزعفران فهو أقل الأزهار طمعا وأكثرهم رقة واتضاعا، فهو يخرج من تحت ترابه بعد أول سحابة من فصل الشتاء ولا يطلب من الطبيعة كثيرا ، لا يطلب منها إلا القليل من الماء ليجدد حياته فيعطيها عوضا عنه بحيرات من نور أزهاره.
وكل هذه النباتات الجميلة الرقيقة تنبت وتنمو وتزهر وتذبل دون أن يلمسها بشر، دون أن تشعر بحنو قليل من العالم الخارجي، هي تعيش لنفسها وللطبيعة فقط، عفوا، فلو وقفت أمام معلف من المعالف في القرية لرأيت فيه كثيرا من هذه المخلوقات الجميلة الحقيرة، شيء يحزن، ولكن لو كان الفلاح يحب الطبيعة لما كانت تعيش عنده الماشية، وأما الطيون فهو أكثر النبات المزهر غرابة في أطواره؛ لأنه ينور في منتصف الصيف بعد أن يكون قد ذوى زهر الوزال ويعود فيزهر ثانية في هذه الأيام - أيام الخريف والموت - أما هو فلا يموت، هو يجدد شبابه فتخضر ثانية أغصانه الدبقة لتكللها الأنوار الصفراء.
والطيون سمج الهيئة قوي الرائحة لا تكاد تلمسه حتى يلصق بك قسما منه فهو يهبك شيئا من روحه عند المصافحة الأولى، نعم هو حر كريم سره في يده وعلى لسانه، ولكنه غريب بأطواره مستقل بأحواله مكروه عند الفلاح لكثرته وسماجته وقلة نفعه، وهو لا يزهر في الربيع حينما تكون بقية الأزهار البرية آخذة مجدها زاهية بجلالها، ولكن بعد أن تزول النعمة عن تلك تبدو على رءوس أغصانه الدبقة علامة الحياة اللطيفة، حياة الرقة والظرف والجمال، نعم حتى الطيون يزهر ولكن بوقته وبحسب ناموسه، حتى على هذه النبتة السمجة تظهر الطبيعة حسن صنعتها ولو آجلا.
Shafi da ba'a sani ba
ومن الأمور التي تستدعي الفكر وتستوقف البصيرة والبصر هو أن القدر يجعل عنايته بهذه المخلوقات النحيفة بالنسبة إلى ما هو محدق بها من الأخطار والمخاوف، فكم من الأزاهير البرية تنبت بين دواليب العربات وبين دوس الخيل والماشية! وقبل أن أختم هذه المقالة أعرف القارئ بالأقحوانة الناسكة، فقد استوقف نظري ذات يوم أقحوانة واحدة بيضاء زاهرة بين حجرين موضوعين في نصف الطريق على شكل الأثافي وعليهما حجر آخر جاء بوضعه سقفا للبيت، والأقحوانة تحته زاهرة زاهية راضية بحالها غافلة عن الأخطار المحدقة بها، تعيش هذه الأقحوانة بعيدة عن أترابها ولكنها ليست كنساك البشر بعيدة عن الناس، فالطبيعة والتقادير بنت لها الصومعة في نصف الطريق بين أرجل المواشي التي تجيء وتروح عن شمال صومعة الأقحوانة الناسكة وعن يمينها دون أن تمسها بشيء، وكم مرة مرت فوقها وبجانبها العربات دون أن تحرك حجرا من حجارة الصومعة أو أن تؤذي صاحبتها! تباركت الأقدار! هكذا تترك بنيها، وهكذا تصونهم من الأخطار.
الكتاب
يقال إن الكتاب صنفان صنف يكتب ليعيش وصنف يعيش ليكتب، وقد فات من قال هذا القول أن هناك كاتبا آخر يستحق أن يرفع فوق الاثنين ألا وهو الكاتب الذي يعيش ويكتب، والفرق بينه وبين كتاب تينك الطبقتين طفيف في الظاهر. هو قائم بحرف العطف الصغير ولكنه في الواقع عظيم وجدير بالاعتبار.
ولا بأس من التفصيل وإن أدى ذلك إلى التطويل، لا حاجة للقول إن من يكتب ليعيش لا يكتب شيئا يذكر فيؤثر، هو كاتب مأجور يحرك اليراعة كيفما شاء السيد، هو حوذي الأدب يعلق على عربة علمه تعريفة الحكومة ويسوق القلم كيفما شاء الراكب وإلى حيث يشاء، وقد تقرر عند الإفرنج مقام هؤلاء المسودين المبيضين فلا يعدون عندهم من طبقة المؤلفين وأرباب الأدب، وأكثرهم ممن ينشئون الجرائد ويراسلونها فيمارسون صناعة الكتابة زمنا طويلا دون أن يتعدى اسم الواحد منهم إدارة الجريدة المستخدم فيها، وإذا تكلم الناس هنالك في الصحافي مثلا يتكلمون فيه كما يتكلمون في التاجر أو الإسكافي أو الفلاح أو الصراف، فيحصرون الحديث في الأرباح والخسارة، في عدد المشتركين والمعلنين وقلما يذكرون الكاتب أو المدير أو المراسل.
وقد ينشأ من هذه الفصيلة الكبيرة فصيلة أخرى ممتازة باسمها الجليل ومعروفة على الأقل بين المؤلفين إن لم تكن مكرمة عندهم ومحبوبة ألا وهي فصيلة الجهابذة الناقدين، أولئك الذين ينظرون بالكتب الجديدة التي تصدرها المطابع دون انقطاع فينتقدون ويماحكون ويغالطون. وهم قلما يقرظون ويمدحون، نعم الناقد كاتب مجهول يقصر عن التصنيف فيقضي حياته الكتابية في انتقاد التآليف الجديدة، وقلما يشتهر فرد من أفراد هذه القبيلة الغازية الضاربة على تخوم الآداب خيامها، وقلما يكون لها قائد أو شيخ أو أمير، فكلهم في الميدان سواء «كل إذا عد الرجال مقدم» ولكن مع كل ما يحدثونه من القرقعة والجلبة، ومع ما يجيء في طعنهم الشديد من النقد السديد لا يعدون من طبقة الكتاب والمصنفين، هم ممن يكتبون ليعيشوا، هم ممن يعلقون على باب مكتبهم التعريفة الرسمية.
وأما الطبقة الثانية من الكتاب - أولئك الذين يعيشون ليكتبوا - فقد تكبر الفائدة في تآليفهم وتصغر بقدر ما يعيش الواحد منهم قريبا من الحياة البشرية المتحركة والحياة الطبيعية الساكنة، فالذي يعيش في مكتبه أبدا ويؤلف بين الكتب والأوراق والمحابر بعيدا عن حركة الحياة ومظاهرها يصنف لا شك كثيرا ولكنه لا يعيش حقا، وقد يسقط في كثرة تآليفه سقطة الكاتب الأول في مقالاته المأجورة. الذكاء شيء نادر يا صديقي، ومتى وهبت منه الطبيعة أحد بنيها فبالدرهم والقيراط، وأكثر المؤلفين المشهورين أفرغوا كل ما أتوه من الذكاء بكتاب أو كتابين من كتبهم العديدة وما سوى ذلك يعد من طبقة الكتابة التي يكتبها ذوو التعريفة الرسمية.
عندك من الكتاب الأميركان من يضطر أن يؤلف كل سنة رواية أو روايتين حتى يظل اسمه في أفواه الشعب يردد وفي أنظارهم يتمثل، فلا ينساه إذ ذاك القراء ولا تخسر الشركة في طبع تآليفه، فالكاتب الذي يضطر أن يؤلف على التوالي بلا انقطاع ليظل مذكورا معروفا لا يجيء غالبا إلا بسقط المتاع وإذا كتب شيئا نفيسا فبالاتفاق وكبيضة الديك، كتابا واحدا من بين تآليفه كلها التي تعد بالعشرات.
وبين مثل هذا المؤلف الذي يعيش ليكتب وذاك الذي يسود المقالات ليعيش شيء من النسبة والقرابة، فكلاهما يكتب ما ينسى بعد القراءة الأولى وكلاهما أسير قلم، يمارس الكتابة والتأليف كما يمارس التاجر تجارته والدباغ صناعته والفلاح الحراثة، فمن من هؤلاء كلهم يتفرغ مثلا للذات العقلية والتأملات الروحية أو الرياضات الجسدية، من منهم يخرج من دائرة مهنته الضيقة إلى حقول الحياة ورياضها ولو مرة في الأسبوع أو في الشهر ، من منهم يخرج إلى الطبيعة ليقرأ في كتابها النفيس الفريد ولو صفحة كل يوم أو صفحتين؟
من يكتب ليعيش إذا يعيش ولا يكتب، ومن يعيش ليكتب يكتب ولا يعيش. وأما الثالث فيقسم وقته تقسيما حكيما ويفرد منه للطبيعة وللحياة وللأدب، الثالث يعيش حياة عقلية وروحية وجسدية معا في حين يعيش الاثنان الأولان عيشة ناقصة ناشفة الواحد منهما عقلي والثاني مادي والاثنان بعيدان عن العنصر الروحي العلمي الذي يجب أن يسود في كل ما نكتبه اليوم.
الكاتب الثالث: الكاتب الذي يعيش ويكتب لا يصنف تصانيف فكتور هوغو أو فلتر ولا يعيش عيشة ڤرلاين أو أديب إسحاق، وهو لا يكتب إلا في ساعة الإلهام والوحي، خذ لك مثلا قريبا يشرح رأيي هذا شرحا جليا، تعال نقابل أيها الأديب بين فلتر وروسو أو بين هوغو وهيني، فكم صنف فلتر وكم ألف، وكم سود من المقالات ونظم من القصائد وكتب من الرسائل، وإذ إنه لم يخرج قط في حياته الخاصة عن الرسميات والتكلف جاء ما كتبه في الموضوعات الاجتماعية ناقصا ففلتر الكثير التآليف لم يختبر العالم مثل روسو والقليل الذي كتبه هذا يوازي الكثير الذي صنفه ذاك.
Shafi da ba'a sani ba