وأما الأحاديث فلم يذكر في تفسيره شيئا من الموضوعات التي رواها الثعلبي، بل يذكر الصحيح منها، ويعزوه إلى البخاري وغيره، فإنه مصنف كتاب «شرح السنة» ، و«كتاب المصابيح» ، وذكر ما في الصحيحين والسنن، ولم يذكر الأحاديث التي تظهر لعلماء الحديث أنها موضوعة، كما يفعله غيره من المفسرين كالواحدي صاحب الثعلبي، وهو أعلم بالعربية منه، وكالزمخشري، وغيرهم من المفسرين الذين يذكرون من الأحاديث ما يعلم أهل الحديث أنه موضوع» .
ملاحظة:
ذكر الدكتور رمزي نعناعة في كتابه «الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير» صفحة (280) ، منتقدا شيخ الإسلام في تقييمه للبغوي، فقال:
«إن ابن تيمية لم يكن دقيقا في حكمه على البغوي بأنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة... ولعله لم يطلع (¬1) على تفسير البغوي، ولكنه حكم عليه بما حكم، لما يعرفه عنه من أنه من رجال الحديث البارزين، ومن كان هذا شأنه يستبعد عليه -عادة- أن يغتر بموضوع فيرويه على أنه صحيح لا غبار عليه...» .
وقد رد هذا الانتقاد الدكتور الفاضل عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي في كتابه البديع «شيخ الإسلام ابن تيمية وجهوده في الحديث وعلومه» الذي نال فيه الشهادة العالمية (الدكتوراه) قال:
«كلام شيخ الإسلام في هذا التفسير كان كلام خبير، ومطلع على ما فيه من حسن وقبح، وليس هو بالظن والتخمين كما يظنه الباحث؛ لأن مثل هذا الكلام لا يستطيع أن يقوله أحد في أي كتاب مستقل، أو تلخيص إلا بعد قراءة متأنية، وكلام شيخ الإسلام حول هذا التفسير في أماكن متعددة يفيدنا بأن هذا التفسير اختصار من تفسير الثعلبي والواحدي، وأنه حذف منه الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والآراء المبتدعة، كما حذف أشياء أخرى، وسبب حذف هذه الأشياء ثقافته الواسعة في الدين، والعقيدة، والحديث، والفقه.
وأما ما اعتمد فيه على الثعلبي هو أقوال المفسرين، والنحاة، وقصص الأنبياء، فهذه الأمور نقلها منه.
Shafi 17