368

لما توفى أوكتاى قاآن، فلم يأت ابنه الأكبر أوكيوك خان من جيش القبجاق، وسرعان ما توفيت مونكا خاتون، وكانت تواركنه خاتون أم الأبناء الكبار استولت على البلاد بالتآمر مع آقاواينى، واجتذبت قلوب الأمراء بأنواع التحف والهدايا حتى جعلتهم جميعا تحت أمرها، واستقر رأى جتيقاى (15)، والوزراء الآخرين، والنواب، وولاة الأطراف على قرار، وبما أنها قد غضبت فى عهد القاآن من جماعة منهم، وحملت الحقد فى قلبها، وصارت فى ذلك الوقت الحاكمة المطلقة، فأرادت أن تكافىء كلا منهم، وكانت لها حاجبة تسمى فاطمة نواقد أسروها عند استخلاص خراسان، وكانت من مشهد طوس غاية فى الذكاء والكفاية وموضع ثقة وسر الخاتون، وجعلها حكام الأطراف وسيلتهم، وكانت تعزل الأمراء الكبار بمشورتها الذين كانوا يتولون المهام الكبرى، وكانت تعين طائفة من الجهال فى أماكنهم، وأرادوا أن يأخذوا جغتاى الذى كان الوزير العظيم للقاآن، فعرفت ذلك وهربت، ومضت عند كوتان، وكانت لفاطمة عداوة قديمة مع يلواج، فعينت شخصا يسمى عبد الرحمن بدلا منه، وقال: أرسلى قورجى حتى يعتقل يلواج، ويأتى به مع الخدم، فهرب يلواج بحيلة من قال، واتصل بكوتان، ولما علم الأمير مسعود بك الذى كان حاكم ممالك التركستان، مضى إلى باتو، وكان قد أرسل قرا أغول وخواتينه الجغتائيين رقية خاتون وغيرها، وقربا إيلجى فى صحبة أرغون آقا إلى خراسان عند كوركوز، ولما قتلوا كوركوز، جعلوا أرغون آقا قائما مقامه، وأرسلوا فى هذه الفتنة كل شخص من هؤلاء إلى جهة، وتوسل كل شخص من الأطراف بالبراءات واحوالات، إلا من جانب سيور قوقيتى بيكى، وأبنائها الذين داوموا على العقوبات، ولم يتجاوزوا الياسا الكبرى، وأرسلت توراكنه خاتون رسلا إلى أطراف البلاد؛ لإحضار الأمراء والقواد للمؤتمر الكبير.

وفى أثناء تلك الملابسات كانت الساحة خالية، ولم يكن كيوك خان قد وصل بعد، فأراد أوتجكين نويان أخو جنكيز خان أن يستولى على العرش بالقوة، فتوجه بجيش عظيم إلى معسكر القاآن، ولهذا السبب اضطرب الجيش كله والشعب، فأرسل توراكنه خاتون رسولا إلى ماكلبنان (16)، قائلا: نحن أعوانك ونستظهر بك، فما جدوى القدوم بجيش؟، فإن الشعب كله قد اضطرب، فندم أوتجكين من تلك الفكرة، وتمسك بعلة التعزية، وفى هذا الوقت جاء خبر نزول كيوك خان بجيشه على ضفة إيمل، فزادت ندامة أوتجكين وعاد إلى وطنه، وجملة القول إن العرش كان تحت سيطرة توراكنه خاتون مدة ثلاث سنوات بسبب عدم انعقاد المؤتمر، ولم يتحقق اجتماع الأمراء.

Shafi 428