واختاروا هذا التاريخ من الكتب القديمة، وصححه جميع العلماء والحكماء، وقايسوا بين ما فيه وبين الواقع، وشهدوا على أنه مقابل للكتب القديمة، وليس فيه من شبهة، وصححه بعد ذلك حكيم مرة أخرى، وبناء على عادتهم فقد نسخوا من هذا الكتاب نسخا ومازالوا، وبذلك لا يمكن أن يكون فيه تغيير ولا تبديل ولا زيادة ولا نقصان، كما تكون أحسن الكتب، وهى كتب صحيحة وخطها جيد، ولا مجال لتبديل ولا تغيير، وقد رعوا هذه الاعتبارات الثلاثة، إذا أرادوا تأليف كتاب استدعوا خطاطا حسن الخط؛ ليكتب كل صفحة من هذا الكتاب بخط نظيف على لوح، ويتولى العلماء مراجعة ما كتبه، وتصحيحه بعناية، ويثبتون خطه الحسن على ظهر الألواح، ويكلفون فى ذلك الوقت خبراء لهم البراعة لينقدوها، وبهذه الطريقة إذا تمت نسخة للكتاب، فإنهم يضعون على كل نسخة رقمها على التوالى، ويقدمون هذه الألواح مثل السكة فى دار الضرب، ويضعونها فى أكياس مختومة، ويسلموها إلى أيد أمينة، ويسجلونها فى دكاكين خاصة، ويضع العمال عليها علامة خاصة، فإذا أراد أحد منها نسخة، مضى إلى هؤلاء العمال، ويقدم رسوما رسمية خاصة، فيخرج هؤلاء العمال هذه الألواح من الأكياس، ويضعونها على أوراق تشبه السكة الذهبية ويسلمونها إليه، وبهذه الطريقة لا يمكن أن يكون فى كتبهم زيادة ولا نقصان، ولهذا السبب يعتمد على كتابهم المذكور، ويستمد منه التاريخ.
Shafi 374