144

وتوفى الشيخ أبو سليمان عبد الرحمن الدارانى فى سنة خمس عشرة ومائتين، وداران قرية من أعمال دمشق، وكان أحد الحوارى مريده، قال: قال الشيخ: إن القناعة من الرضا بمكانة الورع من الزهد؛ فالأول هو الرضا، وهذا أول الزهد، وقال: لقد وصلنا بالرضا لدرجة لو وضعوا فى عيننا اليمنى سبع طبقات من جهنم، فلا يستقيم فى خاطرنا لما لم توضع فى عيننا اليسرى.

وتوفى فى نفس السنة هود بن خليفة بن عبد الله بن عبيد الله بن أبى بكر، ومحمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصارى، وإسحاق بن الطباع، وأبو عمرو معاوية بن عمرو، وأبو عمرو قبيضة بن عقبة من بنى عامر.

ولما بلغ المأمون بغداد، استدعى طاهرا من الرقة، وأرسله إلى خراسان، ومنحه إياها من جبل حلوان حتى أقصى بلاد المشرق، وفى نهاية الأمر، فإن خبث نيته وفساد ضميره كان باعثا له على العصيان؛ فخلعه المأمون وطرح اسمه من الخطبة، وفى سنة سبع ومائتين يوم الجمعة من شهر جمادى الأولى، ذكر الخطبة باسم القاسم بن على، وكفر بنعمة المأمون حتى نام فى ذلك الأسبوع ذات ليلة فى بيته ومات، ولم يعرف أحد سبب موته، وتلك عاقبة كفران النعمة فكل من أنكر نعمة وليه فسيصيبه الزمان بالبلاء، وكان للمأمون رغبة فى زيارة أنو شيروان العادل.

حكاية دخمة أنو شيروان:

قيل إن المأمون أراد أن يرى مبانى المدائن وتلك القصور والقصر الذى كان لأنو شيروان، فصحب معه الحصن بن سهل الكاتب، وأحمد بن خالد الأحول وشاهدوا هذه الأبنية وأبدوا إعجابهم بها، وقال بعد ذلك: يجب أن أزور أنو شيروان، فقالوا: فى موضع كذا رجل شيخ يعلم أين دخمة أنو شيروان، فأحضروه، ولما قدم على المأمون أثنى عليه بلغة العجم، ثم قال: إن جد جدى كان حارس دخمة أنو شيروان وآلت إلى بالوراثة.

Shafi 169