كتاب روضة التقرير في اختلاف القراءات بين الإرشاد والتيسير
نظم الإمام العلامة الشيخ
علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن الحسن الواسطي
المعروف بالديواني رحمه الله تعالى (٦٦٣ - ٧٤٣ هجرية)
حققه وقدم له
أبو مازن
محمد بن رجب الخولي
دار العاصمة للنشر والتوزيع
1 / 1
دار العاصمة للنشر والتوزيع، ١٤٣٢ هـ
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
الناشر
دار العاصمة للنشر والتوزيع
الرياض - المملكة العربية السعودية
هاتف: ٤٤٩٧٢٢٤ - ١ - ٠٠٩٦٦
ناسوخ: ٤٤٩٧٢٢٥ - ١ - ٠٠٩٦٦
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 3
مقدمة
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ، ونستهديه ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومن اهتدى بهَدْيِهِ إلى يومِ الدِّينِ.
وبعدُ .. فإنَّ من أشرفِ العلومِ وأعلاها ما كان متصلًا بكتابِ اللهِ تعالى؛ إذْ هو أشرفُ الكتبِ وأجلُّها؛ ومن أهمِّ علومِ القرآنِ الكريمِ علمُ القراءاتِ؛ وهو العلمُ الذي يبحثُ في القرآنِ الكريمِ من جهةِ لفظِهِ وأدائِهِ روايةً ودرايةً، ويبحثُ في اختلافِ الناقلينَ فيه.
ولقد أمرَ اللهُ ﷾ بتلاوةِ كتابِهِ وتَدبُّرِهِ والعَملِ به، وتَكفَّلَ هو سبحانه بحفظِهِ؛ وعلمُ القراءاتِ من أدلِّ الأدلةِ على حفظِ اللهِ تعالى كتابَهُ؛ إذ هو العلمُ الوحيدُ الذي لا يزالُ يُتناقلُ روايةً ومشافهةً بأسانيدَ متصلةٍ إلى الرسولِ الكريمِ صلى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلّم! ولقد اصطفى اللهُ سبحانه من السلفِ والخلفِ منِ اختصَّهُ بحفظِ القرآنِ الكريمِ والعلمِ بقراءاتِهِ.
فكان من الصحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم قراءٌ معروفون مشهورون بالقراءةِ والإقراءِ؛ منهم: عثمانُ، وعليٌّ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، وأبو الدرداءِ، وأُبَيٌّ، وابنُ مسعودٍ، وسالمٌ مولى أبي حذيفةَ، ومعاذُ بنُ جبلٍ، وأبو موسى الأشعريُّ، رضي اللهُ تعالى عنهم أجمعين؛ وفي الصحيحينِ من حديثِ عبدِاللهِ بنِ عمرٍو ﵄: «خُذُوا القُرْآنَ مِنْ
1 / 5
أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ- فبَدأ به- وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ» (١)، وقرأ بعضُ الصحابةِ على بعضٍ.
ثم اشتهر بعدَ الصحابةِ من تلامذتِهم من التابعين جمعٌ غفيرٌ، انتشروا في الأمصارِ؛ فكان منهم بالمدينةِ: سعيدُ بنُ المسيبِ، وعُروةُ، وسليمانُ وعطاءٌ ابنا يَسَارٍ، ومعاذُ بنُ الحارثِ المعروفُ بمعاذٍ القارئِ، وعبدُالرحمنِ بنُ هُرْمُزٍ الأعرجُ، وابنُ شهابٍ الزُّهريُّ، ومسلمُ بنُ جُنْدُبٍ، وزيدُ بنُ أسلمَ. وكان منهم بمكةَ: عُبيدُ بنُ عُميرٍ، وعطاءُ بنُ أبي رباحٍ، وطاوسٌ، ومجاهدٌ، وعكرمةُ، وابنُ أبي مُليكةَ. وبالكوفةِ: علقمةُ، والأسودُ، ومسروقٌ، وعَبيدةُ، وعمرُو بنُ شُرحبيلَ، والحارثُ بنُ قيسٍ، وعمرُو بنُ ميمونٍ، وأبو عبدِالرحمنِ السُّلميُّ، وسعيدُ بنُ جبيرٍ، والشَّعبيُّ. وبالبصرةِ: أبو العاليةِ، وأبو رجاءٍ، ونصرُ بنُ عاصمٍ، ويحيى بنُ يَعمرَ، والحسنُ، وابنُ سيرينَ، وقتادةُ. وبالشامِ: المغيرةُ بنُ أبي شهابٍ المخزوميُّ صاحبُ عثمانَ، وخليفةُ بنُ سعدٍ صاحبُ أبي الدرداءِ.
ثم تجرّد من بعدِ ذلك قومٌ واعتنوا بضبطِ القراءةِ أتمَّ عنايةٍ حتى صاروا أئمةً يُقتدى بهم ويُرحل إليهم؛ فكان بالمدينةِ: أبو جعفرٍ يزيدُ بنُ القعقاعِ، ثم شيبةُ بنُ نَصَاحٍ، ثم نافعُ بنُ أبي نعيمٍ، وبمكةُ: عبدُاللهِ بنُ كثيرٍ، وحُميدُ بنُ قيسٍ الأعرجُ، ومحمدُ بنُ مُحيصنٍ، وبالكوفةِ: يحيى بنُ وَثّابٍ، وعاصمُ بنُ أبي النُّجودِ، وسليمانُ الأعمشُ، ثم حمزةُ، ثم الكسائيُّ، وبالبصرةِ: عبدُاللهِ بنُ أبي
_________
(١) «صحيح البخاري» (٣٧٥٨، ٣٧٦٠، ٣٨٠٨، ٤٩٩٩)، و» صحيح مسلم» (٢٤٦٤).
1 / 6
إسحاقَ، وعيسى بنُ عمرَ، وأبو عمرِو بنُ العلاءِ، وعاصمٌ الجحدريُّ، ثم يعقوبُ الحضرميُّ، وبالشامِ: عبدُاللهِ بنُ عامرٍ، وعطيةُ بنُ قيسٍ الكلابيُّ، وإسماعيلُ بنُ عبدِاللهِ بنِ المهاجرِ، ثم يحيى بنُ الحارثِ الذِّماريُّ، ثم شُريحُ بنُ يزيدَ الحضرميُّ.
واشتهر من هؤلاءِ في الآفاقِ الأئمةُ السبعةُ: نافعٌ؛ وقد أخذ عن سبعينَ من التابعين منهم أبو جعفرٍ. وابنُ كثيرٍ؛ وأخذ عن عبدِاللهِ بنِ السائبِ الصحابيِّ. وأبو عمرٍو؛ وأخذ عن التابعينَ. وابنُ عامرٍ؛ وأخذ عن أبي الدرداءِ وأصحابِ عثمانَ. وعاصمٌ؛ وأخذ عن التابعينَ. وحمزةُ؛ وأخذ عن عاصمٍ والأعمشِ والسبيعيِّ ومنصورِ بنِ المعتمرِ وغيرِهم. والكسائيُّ؛ وأخذ عن حمزةَ وأبي بكرِ بنِ عياشٍ (١).
قال الإمامُ السيوطيُّ: «ثم لما اتَّسع الخرقْ، وكاد الباطلُ يلتبسُ بالحقّْ، قام جهابذةُ الأمةِ وبالغوا في الاجتهادِ، وجمعوا الحروفَ والقراءاتْ، وعَزَوُا الوجوهَ والرواياتْ، وميزوا الصحيحَ والمشهورَ والشاذَّ، بأصولٍ أصَّلوها، وأركانٍ فصَّلوها» (٢).
ومِن أشهرِ مَن ألَّف في عزوِ القراءاتِ والوجوهِ إلى أصحابِها وذِكْرِ اختلافِهم واتفاقِهم فيها، الإمامُ أبو عمرٍو الدانيُّ (٤٤٤ هـ) في كتابِهِ «التيسيرِ في القراءاتِ السبعِ»، وانتهت إليه الرياسةُ في القراءةِ والإقراءِ في عصرِهِ، ولما نظم الإمامُ الشاطبيُّ (ت ٥٩٠ هـ) كتابَ «التيسيرِ» في منظومتِهِ «حرزِ الأماني ووجهِ التهاني» اقتصر عليها
_________
(١) «الإتقان في علوم القرآن» (ص ٤٧٣ - ٤٧٩).
(٢) السابق (ص ٤٨١).
1 / 7
وعلى أصلِها علماءُ الأمصارِ، حتى صار الجميعُ إلى الآن يقرءون بمضمَّنِ هذه المنظومةِ المباركةِ.
واشتهر في ذلك بالعراقِ وما جاورها الإمامُ أبو العزِّ القلانسيُّ (٥٢١ هـ) وكتابُهُ «إرشادُ المبتدي وتذكرةُ المنتهي» في القراءاتِ السبعِ أيضًا، وكان كتابُهُ لأهلِ العراقِ ككتابِ أبي عمرٍو لغيرِهم، وفيه طرقٌ ورواياتٌ ليستْ في «التيسيرِ» ولا «الشاطبيةِ» كما أن فيهما ما ليس فيه.
ثم جاء في القرنِ الثامنِ الهجريِّ الإمامُ عليُّ بنُ أبي محمدِ بنِ أبي سعدٍ الواسطيُّ الديوانيُّ (٧٤٣ هـ) فجمع بين الكتابينِ، بذكرِ ما اختلفا فيه وما زاده أحدُهما على الآخرِ؛ جمع ذلك في منظومةٍ داليةٍ سماها «روضةَ التقريرِ في اختلافِ القراءاتِ بين الإرشادِ والتيسيرِ»، وهي منظومةٌ لطيفةٌ، صغيرةُ الحجمِ، عظيمةُ النفعِ.
والإمامُ الديوانيُّ ﵀ قرينٌ للإمامِ الذَّهَبيِّ (ت ٧٤٨ هـ) سمع معه من بعضِ شُيُوخِهِ، وهو أيضًا شيخُ شيخِ الإمامِ ابنِ الجزريِّ (ت ٨٣٣ هـ)؛ وقد مدحاه وأثنيَا عليه، وحسبُكَ بهما في علومِ القراءاتِ والتأريخِ والرِّجالِ.
ولما كنتُ ممن عالج أمورَ التحقيقِ في مختلفِ العلومِ الإسلاميةِ- ومنها علمُ القراءاتِ- منذُ نحوِ أربعةَ عشرَ عامًا؛ وكنتُ كذلك ممن تشرّف بالمشاركةِ في علمِ القراءاتِ روايةً ودرايةً؛ ورأيت كُتُبَ الإمامِ الديوانيِّ لم تُحقَّقْ بعدُ، أحببتُ أن أبادرَ بتحقيقِ هذه المنظومةِ تحقيقًا علميًّا، غيرَ مُطَوِّلٍ في التَّعليقِ عليهَا؛ خشيةَ أن يتحوَّلَ تعليقي إلى شرحٍ، وقد شرحَها ناظمُها، ﵀.
1 / 8
وقدَّمتُ لتحقيقي هذه المنظومةَ بمقدّمةٍ تشتملُ على أربعةِ فصولٍ:
الفصلُ الأولُ: عن الناظمِ ﵀، وفيه أربعةُ مباحثَ:
المبحثُ الأولُ: اسمُهُ، ولَقبُهُ، وكُنيتُهُ، وشُهرتُهُ، ومَذهبُهُ الفقهيُّ، ونسبتُهُ.
المبحثُ الثاني: مولدُهُ وطلبُهُ للعلمِ ورحلاتُهُ وشيوخُهُ.
المبحثُ الثالثُ: تلاميذُهُ ومصنفاتُهُ.
المبحثُ الرابعُ: وفاتُهُ وثناءُ العلماءِ عليه.
الفصلُ الثاني: عن الكتابِ وموضوعِهِ، وفيه ثلاثةُ مباحثَ:
المبحثُ الأولُ: اسم الكتاب ونسبته إلى الناظمِ.
المبحثُ الثاني: التعريفُ بالكتابِ وموضوعِهِ وأهميتِهِ ومنهجِهِ ومصادرِهِ.
المبحثُ الثالثُ: القراءُ السبعةُ، ورواتُهم وناقلو الطرقِ.
الفصلُ الثالثُ: التعريفُ بأصلي الكتابِ وصاحِبَيهما، وفيه مبحثان:
المبحثُ الأولُ: أبو عمرٍو الدانيُّ وكتابُهُ «التّيسيرُ».
المبحثُ الثاني: أبو العزِّ القلانسيُّ وكتابُهُ «الإرشاد».
1 / 9
الفصلُ الرابعُ: وصفُ النُّسختينِ الخطيتينِ ومنهجُ التحقيقِ، وفيه مبحثان:
المبحثُ الأولُ: وصفُ النُّسختينِ الخطيتينِ.
المبحثُ الثاني: منهجُ التحقيقِ وعملي في الكتابِ.
وختمتُ مقدمةَ التحقيقِ بنماذجَ من النسختين الخطيتين.
ثم ذيّلتُ الكتابَ بكشافاتٍ فنيةٍ تناسبُ النظمَ.
هذا، وأسألُ اللهَ- جلَّ وعلا- أن يُيسِّر لي أمري، ويشرحَ لي صدري، وما كان في هذا العملِ منِ الصَّوابِ والتَّوفيقِ، فإنّه من اللهِ ﷾، وما كان غيرَ ذلك فإنه من نفسي ومن الشَّيطانِ، ورحم اللهُ رجلًا أهدى إليَّ عُيوبي:
[فَيَا مَنْ رَأَى تَحْقِيقِيَ النَّظْمَ بَائِرًا] ... يُنَادَى عَلَيْهِ كَاسِدَ السُّوقِ أَجْمِلا
وَظُنَّ بِهِ خَيْرًا وَسَامِحْ نَسِيجَهُ ... بِالاِغْضاءِ وَالحُسْنَى وَإِنْ كانَ هلْهَلا
وَسَلِّمْ لإِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ إِصَابَةٌ ... وَالاُخْرَى اجْتِهادٌ رَامَ صَوْبًا فَأَمْحَلا
وَإِنْ كانَ خَرْقٌ فَادَّرِكْهُ بِفَضْلَةٍ ... مِنَ الحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلا
وَعِشْ سَالِمًا صَدْرًا وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ ... تُحَضَّرْ حِظَارَ القُدْسِ أَنْقَى مُغَسَّلا
وَبِاللهِ حَوْلِي وَاعْتِصَامِي وَقُوَّتِي ... وَمَا لِيَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلا
وكتب:
أبو مازن
محمد بن رجب الخولي
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
[email protected]
[email protected]
1 / 10
مقدمةُ التحقيقِ
الفصلُ الأولُ: عن الناظمِ ﵀
الفصلُ الثاني: عن الكتابِ وموضوعِهِ
الفصلُ الثالثُ: التعريفُ بأصلَيِ الكتابِ وصاحبيهما
الفصلُ الرابعُ: وصفُ النسختينِ الخطيتينِ، ومنهجُ التحقيقِ
1 / 12
الفصلُ الأولُ عن الناظمِ ﵀
المبحثُ الأولُ: اسمُهُ، ولَقبُهُ، وكُنيتُهُ، وشُهرتُهُ، ومَذهبُهُ الفقهيُّ، ونِسبتُهُ.
المبحثُ الثاني: مولدُهُ وطلبُهُ للعلمِ ورحلاتُهُ وشيوخُهُ.
المبحثُ الثالثُ: تلاميذُهُ ومصنفاتُهُ.
المبحثُ الرابعُ: وفاتُهُ وثناءُ العلماءِ عليه.
1 / 14
المبحثُ الأولُ: اسمُهُ، ولَقبُهُ، وكُنيتُهُ، وشُهرتُهُ، ومَذهبُهُ الفقهيُّ، ونسبتُهُ:
اسمُهُ (١): عليُّ بن أبي محمّدِ بن أبي سعدِ بن الحسنِ؛ هكذا أثبتَ الناظمُ اسمَهُ بخطِّهِ في كُتُبِهِ المخطوطةِ (٢): في صفحةِ عنوانِ «جمعِ الأصولِ»، وفي صفحةِ عنوانِ «روضةِ التقريرِ» ونهايتِها، وفي صفحةِ عنوانِ «طوالعِ النجومِ» ونهايتِها، وفي صفحةِ عنوانِ «المقامةِ الواسطيةِ»، إلا أنه لم يذكرِ «ابنَ الحسنِ» في صفحةِ عنوانِ «جمعِ الأصولِ»، ولم يَذكرِ اسمَهُ كلَّهُ في نهايتِهِ، ولم يذكرْ مذهبَهُ إلا في نهايةِ «طوالعِ النجومِ»، وفي الصفحةِ الأخيرةِ من «المقامةِ» جاء اسمُهُ هكذا: «علي بن محمد بن أبي سعيد بن الحسن ... الوسطي»، والصفحةُ كلُّها بخطٍّ مختلفٍ عن خطِّ الناظمِ (٣).
_________
(١) ترجمته في: «معرفة القراء الكبار» للذهبي (٣/ ١٤٩٥ - ١٤٩٦)، و» غاية النهاية في طبقات القراء» لابن الجزري (١/ ٥٨٠)، و» النشر في القراءات العشر» له (١/ ٩٥ - ترجمة مختصرة، وذكر رحلته إلى دمشق في ٢/ ١٩٦)، و» الدرر الكامنة» لابن حجر (٣/ ١٠٤ - ١٠٥)، و» معجم المؤلفين» لكحالة (٢/ ٥٠٥)، و» كشف الظنون» لحاجي خليفة (١/ ٥٩٤ - ٥٩٥، ٩٢٥)، و» الأعلام» للزركلي (٥/ ٥)، و» هدية العارفين» للبغدادي (١/ ٣٧٧، ٧١٨ - ٧١٩)، وذكره ابن الجزري في «منجد المقرئين» (ص ١٥٧) وعده من الطبقة الرابعة عشرة. وستتكرر الإحالة إلى هذه المراجع في متن مقدمة التحقيق أو حواشيها، بلا ذكر للجزء والصفحة اختصارًا.
(٢) انظر وصف النسختين الخطيتين.
(٣) انظر ما سيأتي في وصف النسختين الخطيتين، والنماذج الخطية.
1 / 15
وقال الناظمُ ﵀ في أولِ «طوالعِ النجومِ»:
يَقُولُ عَبْدٌ بِالْقُرَانِ يَقْتَدِي ... وَهْوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مُحَمَّدِ (١)
وفي أولِ ورقةٍ من نسخةِ «شرحِ الروضةِ» جاء اسمُهُ كاملًا كما أثبتُّهُ هنا في أولِ ترجمتِهِ.
وجاء اسمُهُ في «النشرِ» أيضًا كذلك دونَ «ابنِ الحسنِ».
وجاء اسمُهُ في «معرفةِ القراءِ الكبارِ» و» الدررِ الكامنةِ»: «علي بن محمد بن أبي سعد» فقط، وذكر محققُ «معرفةِ القراءِ» في الهامشِ أنّ في إحدى النسخِ: «علي بن أبي محمد».
واسمُهُ في «غايةِ النهايةِ» و» معجمِ المؤلفينَ» و» هديةِ العارفينَ» - في الموضعِ الثاني-: «علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن عبدالله».
أما في «كشفِ الظنونِ» فجاء اسمُهُ هكذا في الموضعين: «علي بن أبي سعد الواسطي» وفي الموضعِ الأولِ من «هديةِ العارفينَ»: «زين الدين بن أبي سعيد علي الديواني الواسطي»، وفي «الأعلامِ»: «علي بن محمد بن أبي سعد بن عبدالله».
والأَولى في اسمِ الناظمِ ما وُجد بخطِّهِ على كتبِهِ: عليُّ بن أبي محمّدِ بن أبي سعدِ بن الحسنِ.
كُنيتُهُ: يُكنى «أبا الحسنِ»، وجاءت تكنيتُهُ بذلك في كلِّ مصادرِ ترجمتِهِ عدا «الدررَ الكامنةَ» و» منجدَ المقرئينَ»، ولكنها لم تُذكرْ
_________
(١) انظر النماذج الخطية.
1 / 16
أيضًا في أيٍّ من كتبِهِ.
لَقَبُهُ: يُلقَّبُ بـ «زينِ الدِّينِ»، وورد هذا اللقب في «هديةِ العارفينَ» و» كشفِ الظنونِ» في الموضعِ الأولِ منهما فقط، ولم يذكرْهُ غيرُهما ممن ترجم له، ولم يُذكرْ هذا اللقبُ أيضًا في أيٍّ من كتبِهِ التي بخطِّهِ.
شُهْرَتُهُ: أما شهرته فإنه يُعرَفُ ويشتهرُ بـ «الدِّيوانيِّ»، وواضحٌ من ترجمتِهِ أنه ﵀ اشتُهر وعُرف بها في عصرِهِ وبعدَهُ، فقد ذُكرتْ هذه الشهرةُ في جميعِ مصادرِ ترجمتِهِ؛ قال الإمامُ الذهبيُّ: «المشهورُ بالشيخِ عليٍّ الدِّيوانيِّ»، وقال ابنُ الجزريِّ في «غايةِ النهايةِ» وأكثرُ من ترجم له: «المعروفُ بالدِّيوانيِّ»، وذُكِرتْ هذه الشهرةُ في «النشرِ» و» المنجدِ» و» كشفِ الظنونِ» والموضعِ الأولِ من «هديةِ العارفينَ» دونَ كلمةِ «المعروفِ».
ولكنّ هذه النسبةَ أو الشهرةَ لم تُذكرْ في أيٍّ من كتبِهِ، والظاهرُ أنها بسببِ تولِّيه بعضَ المناصبِ الدِّيوانيةِ، ولعلّه كان لا يحبُّ ذِكرَ هذه النسبةِ.
مذهبُهُ الفقهيُّ:
نص على مذهبِهِ الفقهيِّ في آخرِ كتابِهِ «طوالعِ النجومِ» (مخطوط)؛ حيث قال: «الشافعيّ مذهبًا».
نِسبتُهُ:
ينسبُ إلى «واسطٍ»؛ بلدٍ بين الكوفةِ والبصرةِ، بناه الحجاجُ بنُ يوسفَ (ت ٩٥ هـ)، خرج منه جماعةٌ من أهلِ العلمِ في كلِّ فنٍّ،
1 / 17
وفيهم كثرةٌ وشهرةٌ (١).
ومن تمامِ الحديثِ عن نسبتِهِ ذكرُ وصفِ الناظمِ نفسَهُ بـ «المقرئُ بجامعِ واسطٍ» فيبدو أنها الصفةُ التي يحبُّها الإمامُ الدِّيوانيُّ- ﵀ ويعتزُّ بها؛ يتضحُ ذلك من تَكرارِهِ إياها في أوائلِ كتبِهِ وأواخرِها، كما يظهرُ أنه يعتزُّ أيضًا بالانتسابِ إلى «واسطٍ» وأنها بلدُ القراءِ والإقراءِ؛ وقد أَخذ الناظمُ على أبي محمدٍ القاسمِ الحريريِّ (ت ٥١٦ هـ) (٢) أنه لم يذكرْها بهذه الصفةِ وهذا النعتِ في مقاماتِهِ، فتفتّقتْ قريحةُ الديوانيِّ عن مقامةٍ رائعةٍ فيها نثرٌ ونظمٌ بديعان، وهي «المقامةُ الواسطيةُ المغايرةُ للمقامةِ الحريريةِ»، يذكرُ فيها مناقبَ بلدِهِ «واسطٍ» ومناقبَ أهلِها، وصلتَها بعلمِ القراءاتِ وما وصلت إليه فيه (٣).
_________
(١) انظر: «تاريخ واسط» لبحشل (ص ٣٨ وما بعدها)، و» الأنساب» للسمعاني (٥/ ٥٦١)، و» معجم البلدان» لياقوت (٥/ ٣٤٧ - ٣٥١).
(٢) في المقامة التاسعة والعشرين؛ الواسطية (ص ٢٨٩ - ٣٠٣) من «مقامات الحريري».
(٣) يقول الناظم فيها: «وبعدُ .. فإني لَمَّا رأيتُ أنّ الشَّيخَ الأَوْحَدْ ... القَاسِمَ أبا محمَّدْ، الحَريريَّ ... حين رَتَّبَ المَقاماتِ اللُّغويّةَ فَأحسَنَها ... ووَسَمَ البلدانَ بِسِمَاتِها، ووَصَفها بصِفاتِها ... وقد نَقَضَ قاعِدتَهْ، ورَفَضَ عادَتَهْ، في المَدينةِ الوَاسِطيّهْ، والبَلْدةِ الحَجَّاجِيّهْ، ولم يُرَاعِ فيها حُكْمَ الجِوَارْ، وهي إلى دارِهِ أَقربُ الدِّيارْ؛ ... وكان الأَولى بعَزْمَتِهْ، والأَحْرَى مِن هِمَّتِهْ، أن يَنْسُبَها إلى ما هي به معروفَهْ، وبِسَمْتِهِ مَوصوفَهْ، وهو عِلمُ القراءاتْ، واختلافِ العباراتِ، وتَسلسُلِ الطُّرُقِ والرِّوَاياتْ ...، فابْتَدَرْتُ حينئذٍ لأَخْذِ الثَّارِ؛ بعَزْمَةٍ رِفاعِيَّهْ، وانْتَدَبْتُ لكَشْفِ العَارِ؛ ببَدِيهةٍ وَاسِطِيَّهْ، وعكستُ قصةَ أبي زيدٍ في استظهارِهِ في مناظرتِهْ، وجعلتُهُ مَحْجُوجًا حالَ استحضارِهِ في مُحاضَرَتِهْ».
1 / 18
المبحثُ الثاني: مولدُهُ وورحلتُهُ وطلبُهُ للعلمِ وشيوخُهُ:
مولدُهُ:
وُلد بـ» واسطٍ» في سنةِ ثلاثٍ وستِّينَ وستِّ مِئَةٍ، وقد نصّ هو نفسُهُ على ولادتِهِ بـ» واسطٍ» في آخرِ «طوالعِ النجومِ» (مخطوط)؛ حيث قال: «الواسطيّ مولدًا».
وأما تحديدُ سنةِ مولدِهِ فقد نصَّ عليه ابنُ الجزريِّ في «غايةِ النهايةِ»، وهو ظاهرُ ما ذكره الذهبيّ في «معرفةِ القراءِ» في ترجمةِ الناظمِ وترجمةِ الذي قبلَهُ وهو ابنُ مؤمنٍ (١)؛ قال في ترجمةِ الناظمِ: «وهو وابنُ مؤمنٍ متقاربانِ في السنِّ، ثم أخبرني ابنُ مؤمنٍ أنه سأله فيما بعدُ عن عُمُرِهِ فإذا هو أسنُّ من ابنِ مؤمنٍ بثمانِ سنينَ»، وكان الذهبيُّ قد قال في ترجمةِ ابنِ مؤمنٍ (٢): «وذكر لي مولدَهُ أنه في سنةِ إحدى وسبعين وستِّ مئةٍ»؛ وهذا يعني: أنّ مولدَ الناظمِ في سنةِ ثلاثٍ وستينَ وستِّ مئةٍ (٦٦٣ هـ)، وكذا ذكره الزركليُّ (ت ١٣٩٦ هـ) في «الأعلامِ»، وحاجي خليفة (ت ١٠٦٧ هـ) في «كشفِ الظنونِ»، والبغداديُّ (ت ١٣٣٨ هـ) في «هديةِ العارفينَ» في الموضعِ الثاني منه،
_________
(١) هو: هبةُ اللهِ نجمُ الدِّينِ أبو محمدٍ عبدُاللهِ بنُ عبدِالمؤمنِ بنِ الوجيهِ الواسطيِّ، يعرفُ بـ» ابن مؤمنِ» و» ابنِ عبدِالمؤمنِ» (ت ٧٤٠ هـ). «معرفة القراء الكبار» (٣/ ١٤٩٤ - ١٤٩٥).
(٢) السابق (٣/ ١٤٩٤).
1 / 19
وذكر ابنُ حجرٍ (ت ٨٥٢ هـ) في «الدررِ الكامنةِ» أنّ مولدَهُ في سنةِ بضعٍ وستين؛ يعني: وستِّ مئةٍ (١).
رحلتُهُ وطلبُهُ للعلمِ:
رحل الإمامُ الديوانيُّ في طلبِ العلمِ وجابَ الآفاقَ؛ فمن البلادِ التي رحل إليها:
- «دِمشقُ»؛ وقرأ فيها على الشيخِ إبراهيمَ الإسكندريِّ (٢).
- و» الخليلُ»؛ وقرأ فيها على الإمامِ الجعبريِّ (٣).
- و» تِبريزُ».
- و» شِيرازُ» وفيها كتب كتابَنا هذا كما نصَّ على ذلك في نهايتِهِ.
- و» أَصبَهانُ» (٤).
ثم عاد إلى بلدِهِ «واسطٍ» فانفرد بالإقراءِ بها، وهو الذي نقل طريقَ الأزرقِ عن ورشٍ من دمشقَ إلى واسطٍ (٥).
_________
(١) وقع في «كشفِ الظنونِ» و» هديةِ العارفينَ» في الموضعِ الأولِ من كلٍّ منهما: أن الناظم ولد في سنةِ ٦٩٥ هـ، ولعله سبق قلم أو انتقال نظر.
(٢) ستأتي ترجمته في شيوخ الناظم.
(٣) ستأتي ترجمته في شيوخ الناظم.
(٤) وقد ذكر الذهبي أن الناظم- ﵀ لزمه دَينٌ فرحل من أجله إلى «أَذْرَبِيجَانَ» وغيرها.
(٥) ذكر ذلك ابن الجزري في «غاية النهاية» (٢/ ١٧٠) في ترجمة أبي بكر الأصبهاني محمد بن عبدالرحيم بن إبراهيم.
1 / 20
شيوخُه:
قرأَ الديوانيُّ وتَلْمَذَ على مشايخَ أجلاّءَ، ذاع صيتُهم، وطار ذِكرُهم، وشَهِد لهم مُترجموهم بالعلمِ والتّقدُّمِ؛ منهم:
١ - أبو عبدِاللهِ الحسينُ بنُ قتادةَ بنِ مزروعٍ الرضيُّ العَلَويُّ الحَسَنيُّ المدنيُّ (ت ٦٨١ هـ) (١).
٢ - عفيفُ الدِّينِ أبو الحسنِ عليُّ بنُ عبدالكريمِ الواسطيُّ، المعروفُ بخُرَيمٍ (ت ٦٨٩ هـ) (٢)، وقد ذكره النّاظم في البَيتينِ (٢٧، ٢٨)، وذكره في «جمعِ الأصولِ» (ص ٣/ مخطوط).
٣ - برهانُ الدِّينِ أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ فلاحِ بنِ محمدِ بنِ حاتمٍ الإسكندرانيُّ (ت ٧٠٢ هـ) (٣)، وقد ذكره النَّاظم هنا في الأبياتِ (٣٠ - ٣٣)، وهو أحدُ شيوخِ الذهبيِّ.
٤ - نجمُ الدِّينِ إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، المعروفُ بابنِ الخبازِ (ت ٧٠٣ هـ) (٤).
٥ - العمادُ أبو العبَّاسِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ المحروقِ الواسطيُّ (ت ٧٠٦ هـ) (٥).
_________
(١) «معرفة القراء الكبار» (٣/ ١٣٨٤)، و» غاية النهاية» (١/ ٢٤٨).
(٢) «معرفة القراء الكبار» (٣/ ١٣٩١)، و» غاية النهاية» (١/ ٥٥١)، و» نزهة الألباب في الألقاب» (١/ ٢٣٦ - وينظر الحاشية).
(٣) «معجم المحدثين» (ص ٦١ - ٦٢) و» معرفة القراء الكبار» (٣/ ١٤٣٢ - ١٤٣٣)، و» غاية النهاية» (١/ ٢٢ - ٢٣).
(٤) «ذيل التقييد» (٢/ ٢٧٤)، و» الوافي بالوفيات» (٩/ ٤٠ - ٤١)، و» معجم المحدثين» للذهبي (ص ٧٢ - ٧٣).
(٥) «معرفة القراء الكبار» (٣/ ١٤٦٧)، و» غاية النهاية» (١/ ١٠٢).
1 / 21
٦ - برهانُ الدينِ إبراهيمُ بنُ عمرَ بنِ إبراهيمَ الجَعْبريُّ، شيخُ بلدِ "الخليلِ" (ت ٧٣٢ هـ) (١).
ومن الكتبِ التي قرأها على شيوخِهِ:
قرأ على الشيخِ عفيفِ الدينِ المعروفِ بخريمٍ: «الإرشادَ» و» الكفايةَ» لأبي العزِّ القلانسيِّ (٢)، و» التذكارَ في القراءاتِ العشرِ» للإمامِ ابنِ شيطا (ت ٤٥٠ هـ) (٣)، وكتابَ «الكاملِ» للإمامِ أبي القاسمِ بنِ جبارةَ الهذليِّ (ت ٤٦٥ هـ) (٤)، وكتابَ «المنهاجِ» وكتابَ «الاختيارِ» للإمامِ أبي محمدٍ عبدِاللهِ بنِ عليٍّ النحويِّ البغداديِّ (ت ٥٤١ هـ) (٥)، وكتابَ «المستنيرِ» لأبي طاهرِ ابنِ سوارٍ (ت ٤٩٦ هـ) (٦)، وكتابَ «غايةِ الاختصارِ» للحافظِ أبي العلاءِ الهمذانيِّ (ت ٥٦٩ هـ) (٧)، وكتابَ «الإقناعِ» للأهوازيِّ (ت ٤٤٦ هـ) (٨) (٩).
_________
(١) «معجم شيوخ الذهبي» (١/ ١٤٧ - ١٤٨)، و» الوافي بالوفيات» (٦/ ٤٩ - ٥٠)، و» طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (٩/ ٣٩٨ - ٣٩٩)، و» البداية والنهاية» (١٨/ ٣٥٠ - ٣٥١)، و» طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٢/ ٣١٨ - ٣٢٠)، و» الدرر الكامنة» (١/ ٥٠ - ٥١)، و» شذرات الذهب» (٨/ ١٧١ - ١٧٢)، و» معجم المحدثين» (ص ٦٠ - ٦١).
(٢) ستأتي ترجمته منفصلة.
(٣) «معرفة القراء الكبار» (٢/ ٧٩١ - ٧٩٢).
(٤) السابق (٢/ ٨١٥ - ٨٢٠).
(٥) السابق (٢/ ٩٦٠ - ٩٦٣).
(٦) السابق (٢/ ٨٥٨ - ٨٦٠).
(٧) السابق (٣/ ١٠٣٩ - ١٠٤٢)، و» غاية النهاية» (١/ ٢٠٤ - ٢٠٦).
(٨) «معرفة القراء الكبار» (٢/ ٧٦٦ - ٧٧١).
(٩) ذكر ذلك كله الناظم في شرحه على «روضة التقرير» (مخطوط).
1 / 22
وقرأ على الشيخِ برهانِ الدينِ الإسكندريِّ «التيسيرَ» لأبي عمرٍو الدانيِّ (١)، و» حرزَ الأمانيِّ» للشاطبيِّ (٢).
_________
(١) ستأتي ترجمته منفصلة.
(٢) ذكر ذلك الناظم في شرحه على «روضة التقرير» (مخطوط).
1 / 23