بسم الله الرحمن الرحيم

وما توفيقي إلا بالله

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلواته على سيد المرسلين، محمد المصطفى، وآله الأكرمين، ثم الحمد لله الفرد الواحد الصمد الماجد العليم بخفيات الأمور، وخبيات الصدور، الذي جعل للعلماء شواهد واضحة، وبراهين لائحة، ودلائل ناصعة، وحججا قاطعة، وأنواراً ساطعة، وجعلهم على الأنام حكاماً، ونصب أعلاماً، أحمده على ما أفاض من نعمه التي لا تحصى أعدادها، ولا تنقطع أمدادها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدين بها سراً وجهاراً، وأستديمها ليلاً ونهاراً، وأعدها للعباد يوم المعاد، وأشهد أن محمداً المصطفى، رسوله إلى الورى، وخير من مشى على الثرى صلى الله [وسلم]^(١) عليه ما تلا دهر دهراً.

قال أبو [نصر]^(٢) شريح بن عبد الكريم بن أحمد الروياني: لما كثرت تصانيفي في الأصول، والفروع، والمّفِقِ، والمختلف، وأنفقت عليها عنفوان شبيبتي، وأيام كهولتي، وجاوزت الستين، رأيت آداب القضاة، وطرق الأحكام، والحكومات قد صارت مسلمة ولم أر في الوثائق، والسجلات لأبناء العصر طريقة مرضية، وكنت ابن بجدة^(٣) عمل القضاء، والأحكام اجتهدت فيها الإمضاءَ^(٤)، والإحكام من أول شبيبتي إلى شيوختى^(٥)؛