48

Rawdat al-Hukkam wa Zinat al-Ahkam

روضة الحكام وزينة الأحكام

Bincike

محمد بن أحمد بن حاسر السهلي

Mai Buga Littafi

رسالة دكتورة، جامعة أم القرى

Shekarar Bugawa

1419 AH

Inda aka buga

مكة المكرمة

التمهيد : أهمية القضاء

إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق، ووضع لهم منهجاً شاملاً منظماً لجميع شؤون حياتهم، سواء أكان في مجال العقائد والعبادات، أم في مجال المعاملات، أم في فيما يسمى بأحكام الأسرة، أم ما يسمى بالأحوال الشخصية، وغير ذلك.

وإذا خالف الخلق هذا المنهج، فلابد من الأخذ على أيديهم، ولا سبيل إلى ذلك، إلا عن طريق القضاء الذي هو الوسيلة؛ لإقامة العدل بين الأفراد على مختلف طبقاتهم دون تمييز بين شريف ووضيع.

والقضاء من الشرائع التي أحكمت عراها، وبينت قواعدها، وفصلت أحكامها في جميع الأديان، وقد كلف الله تبارك وتعالى الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - بالقضاء بعد أن شرفهم بالرسالة.

قال السرخسي - رحمه الله -: "واعلم بأن القضاء بالحق من أقوى الفرائض بعد الإيمان بالله تعالى، وهو من أشرف العبادات، لأجله أثبت لآدم - عليه السلام - الخلافة، فقال: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾(١)، وأثبت ذلك لداود عليه السلام قال الله تعالى: ﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض﴾(٢)، وبه أمر كل نبي مرسل حتى خاتم الأنبياء عليهم السلام قال الله تعالى: ﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون﴾(٣)، وقال تعالى: ﴿وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم﴾(٤)، هذا؛ لأن القضاء بالحق إظهار للعدل، وبالعدل قامت السموات والأرض، ورفع الظلم، وهو: ما يدعو إليه عقل كل عاقل، وإنصاف المظلوم من الظالم، وإيصال الحق إلى المستحق، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، لأجله بعث الأنبياء والرسل - صلوات الله عليهم -، وبه اشتغل الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم"(٥).

(١) سورة البقرة / ٣١.

(٢) سورة ص/ ٢٦.

(٣) سورة المائدة/ ٤٤.

(٤) سورة المائدة/٤٩.

(٥) المبسوط/ ٥٩/١٦ - ٦٠.

46