198

============================================================

لله تبارك وتعالى عبادا عرفوه بيقين من معرفتسه فشمروا قصدا إليه، احتملوا فيه المصائب لما يرجون عنده من الرغائب، صحبوا الدنيا بالأشجان وتنعموا فيها بطول الأحزان فما نظروا إليها بعين راغب وما تزودوا منها إلا كزاد الراكب، خافوا البيات فأسرعوا ورجوا النجاة فأزمعوا وبذلوا مهج نفوسهم في رضا سيدهم ونصبوا الآخرة نصب أعينهم وأصغوا إليها بآذان قلوبهم فلو رأيتهم لرأيت قوما ذبلا شفاههم خمصا بطونهم حزينة قلوبهم ناحلة أجسادهم باكية أعينهم لم يصحبوا التعسليل والتسويف وقنعوا من الدنيا بقوت طفيف لبسوا من اللباس أطمارا بالية وسكنوا من البلاد ققرا خالية هربوا من الأوطان واستبدلوا الوحدة من الأخدان فلو رأيتهم لرأيت قوما قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر وفصل أعضائهم بختاجر التعب خمص البطون لطول السرى شعث الرعوس لفقد الكرى قد وصلوا الكلال بالكلال وتأهبوا للنقلة والارتحال رضي الله عنهم ونقعنا بهم آمين قلت وفي مثل هؤلاء الرجال أحسن الذي قال : انت بالصدق قد خبرت رجالا قد أطالوا البكا إذا الليل طالا وملات القلوب منهم بتور من تفيس اليقين يا من تعالى لهم فكنت دليلا وكوت الجميع منهم جمالا فاذا ما الظلام جن عليهم وصلوا بالكلال مسنهم كسسلالا عقروا بالتراب منهم وجوها ذاك لله شية وابتهالا هجرت للمتام منهم ميون فاستطار المنام عنهم وزالا إنا لذة البكا لمريد اسلم الاهل والديار وجسالا خاضعا باكيا حزيتا ينادي يا كريا اذا استقسيل اقالا الحكاية الثانية والعشرون بعد الماتين عن سعيد بن أبي عروبة رضي الله عنه قال حج الحجاج ين يوسف الثقفي فنزل في بعض المياء بين مكة والمدينة ودعا بالغداء وقال لحاجبه انظر إلى من يتغدي معي واساله عن بعض الأمر فنظر نحو الجبل فإذا هو بأعرابي بين شملتين نائم فضربه برجله وقال إيت الأمير فأتاه، فقال "الحجاج اغسل يدلك وتغد معي فقال إنه قد دعاني من هو خير منك فاجيته قال ومن هو قال الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصوم فصمت قال في هذا الحر الشديد قال نعم صمت ليوم هو أشد حرا من هذا اليوم قال فأفطر وصم غدا قال إن ضمنت لي البقاء إلى غد أفطرت، قال ليس ذلك إلى قال فكيف تسالني عاجلا بآجل لا تقدر عليه.

Shafi 198