129

============================================================

قوالله ما ذكرته قط إلا طال حزنى وصغرت الدنيا في عيني رضى الله عنه ونفعنا به (قلت) وفي أمثاله أقول: عبيد لمولاهم تعالى وغيرهم عبيد الهوى بين الفريقين كالثرى وعلو الثريا في ارتفاع مقامهم بهم يدفع الله البلايا عن الورى المكاية العشرون بهد الماية من بعد بن الصسين البغدادي رضى الله عنه قال حججت في بعض السنين فبينما أنا أدور في شوارع مكة وإذا أنا بشيخ قابض على يد جارية متغير لونها تحيل جسمها وعلى وجهها نور ساطع وضياء لامع وهو ينادى هل من طالب هل من راغب هل من زائد على عشرين دينارا وأنا بريء من كل عيب قال فدنوت منه وقلت له الشمن عرفناه فما العيب.

قال اعلم أنها جارية مهيومة مهمومة قائمة ليلها صائمة نهارها لا تأكل طعاما ولا تشرب شرابا قد ألفت الانفراد والوحدة في كل أرض وبلدة.

فلما سمعت كلامه أحب قلبي الجارية فاشتريتها بالثمن المذكور ورحت بها إلى منزلي فرأيت الجارية مطرقة إلى الأرض ثم رفعت رأسها إلى وقالت يامولاى الصغير من أين أنت يرحمك الله قلت من العراق قالت من أي من العراق من البصرة أم من الكوفة فقلت لها لا من البصرة ولا من الكوفة فقالت لعلك من مدينة السلام بغداد قلت نعم قالت بخ بخ مدينة الزهاد والعباد قال فتعجبت وقلت جارية ينادى عليها من حجرة إلى حجرة من أين لها معرفة بالزهاد والعباد ثم أقبلت عليها شبه الملاعب لها وقلت لها ومن تعرفين منهم قالت أعرف مالك بن دينار، وبشر الحافي، وصسالحا المرى، وأبا حاتم السجستانى، ومعروفا الكرخى، ومحمد بن الحسين البغدادى، ورابعة العدوية، وشعوانة، وميمونة.

فأقبلت عليها وقلت لها من أين لك معرفة هؤلاء قالت يا فتى كيف لا أعرفهم وهم والله أطباء القلوب ومن يدل المجب على المحبوب ثم أنشدت تقول: قوم ههم بالله قد علتت فما لهم همم تسمو إلى أحد فمطلب القوم مولاهم وسيدهم يا حسن مطلبهم للواحد الصمد ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف من المطاعم واللذات والولد ولا لباس لثوب فائق أنق ولا التزيد في الأموال والعدد

Shafi 129