ففي هذه الأبيات التشنيع الشنيع والتقبيح القبيح لأهل الحق الصريح ، والبراءة منهم على ما في أيديهم من الحق . على أنه قد تقدم عن الإمام أبي سعيد - رضوان الله عليه - أن من فهم معنى : هل القرآن المتلو مخلوق أم غير مخلوق ؟ فشك في ذلك من غير تأويل ، يكون مشركا ، وإن كان متأولا ، فهو كافر كفر نعمة .
فلا يخلو صاحب هذه القصيدة من أحد هذين الحكمين الذين صرح بهما هذا الإمام وعلى كلا الحالتين فتضليله راجع إليه ، ودعاؤه على المحقين دعاء عليه ، وكفى به ضلالة نفس اعتقاده ذلك دون براءته من المحقين الصادقين . ولم ينفرد ذلك الإمام ببيان حكم تضليل القائل بقدم القرآن المتلو ، فقد صرح صاحب المعالم في المعالم (¬1) وصاحب (¬2) العقيدة بالبراءة منه ، بل ولا يجوز فيه إلا ذلك . نعم ، أنفرد ببيان حاله الذي يشرك فيه أو (¬3) الذي يكون فيه منافقا ، جزاهم الله جميعا عن الإسلام وأهله خيرا ولقاهم نضرة وسرورا .
التشبه بحال صاحب النونيه
3 ورميتهم عن قوس بغي بالذي ألبسته من خالص البهتان
أي وقذفت المحقين بظلم واعتداء منك عليهم وبسعيك للفساد في الأرض ، وسبب ذلك ما أدخلك الشيطان فيه من الإفتراء والكذب الخالص عليهم ، حيث أدعيت أنهم المضلون مع أنهم هم المحقون بالبرهان القاطع .
فرمى : بمعنى قذف على حد قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } (¬4) أي يقذفونهن ، مأخوذ من رمى الوتر عن القوس.
والقوس : يؤنث ويذكر ، آلة الرمي في الزمان القديم وسمي قوسا لانحنائه .
والبغي : الظلم والتعدي وإضافة القوس إليه من إضافة المشبه به إلى المشبه على حد قول الشاعر :
Shafi 63