Littafin Rawabiʿ na Aflatun
كتاب الروابيع لأفلاطون
Nau'ikan
قال أحمد: إن الروح إذا أحال الجسد والنفس جميعا حتى يقوما كهيئته فإنه لا يثبت فى دار الطبيعة دون أن يشغله. وشغله أن تزاوجه من الجسد الذى منه دبرت فى البدء فإنه يشتغل بقلبه عن ماهيته إلى ذاته عن الذهاب.
قال أفلاطون: فيلحقك مع الضبط كفاية المؤونة فى العود إلى العمل.
قال أحمد: من المستفيض عند منتحلى هذا العمل أن من دبر العمل مرة واحدة فإنه مستغن عن العود إلى العمل. فيرى من لم يتدرب فى العلوم العلوية أن ذلك إنما هو أن الشىء القليل يقلب الكثير من الجسد عن ماهيته إلى المراد باقتصاره على ما دبر مدة زمانه؛ وذلك بخلاف هذا. وهو ما أخبرنا به الفيلسوف، لأن الروح إذا أحال الجسد والنفس حتى يقوما كهيئته إذا جمع بينه وبين الجسد الذى كان منه بدء العمل فإنه لا يزال يؤثر فيه حتى يقلبه عن ماهيته إلى ذاته حتى يقيمه كهيئته. فالعامل مستغن بهذا العمل من الروح عن العود؛ وكذلك الفادح نارا مستغن عن الزناد ما بقى عنده النار.
قال أفلاطون: ويتبرم بكثرته حتى يضطر إلى التخلية عنه فى كل مدة.
قال أحمد: إن هذا الشىء إذا أحال مثله أو غيره من الجسد الذى كان منه، كان زائدا فى كميته. فلا تزال الزيادة تنتهى إلى حد يتبرم بها العامل فيضطر إلى تخلية بعضها إذ قد استغنى بالقليل الذى يبقيه، سيما وهو يعلم أن الزمان يبلغ به فى الزيادة إلى ما يريد، إذ هو كالشريرة من النار فى الفعل.
قال أفلاطون: ولا تزاوجه بما تريد أن تحيله إليه إلا بما كان منه فى البدء — إلى أن قال: فإن فعلت ذلك صار إكسيرا للذى تزاوجه؛ ولذلك قد فات أكثر العاملين مرادهم بعد الفراغ من العمل بما بخسوا من الوقوف على هذا السر.
Shafi 234