صبر رسول الله ﷺ على أذى المشركين وتحمله ما نزل به وبأصحابه ﵃ منهم
٤٩ - عن عائشة قالت: قُلتُ للنبي ﷺ: هل أتى عليكَ يومٌ كان أشدَّ عليكَ من يوم أُحُد؟ قال: لقد لقيتُ مِن قومِكِ، وكان أشَدُّ ما لَقِيتُ [منهم] يوم العقبة، إذ عَرضْتُ نفْسي على ابْنِ عَبْدِ يا ليلِ ابنِ عَبدِ كُلال، فلم يُجِبنِي إلى ما أرَدْتُ، فانطلقتُ وأنا مغمومٌ على وجهي، فَلَم اسْتَفِق إلا وأنا بِقَرنِ الثَّعالِبِ (١) فرَفَعتُ رأسي، وإذ أنا بسَحَابَة قد أظَلَّتني، فنظَرتُ فإذا فِيها جِبْرِيلُ، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سَمِع قول قومِكَ وَما رَدُّوا عَلَيكَ، وقد بَعَثَ إِلَيكَ مَلكَ الجِبَالِ لِتَأمُرَه بِما شِئتَ فِيْهِم، فَنَاداني مَلَكُ الجِبالِ، فسَلَّم عَلَيَّ، ثمَّ قال: يا محمَّد إن الله قد سَمِعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ، وأنا مَلَكُ الجِبَال وقَدْ بَعَثني رَبُّكَ إِلَيكَ لِتَأمُرَنِي بِما شِئتَ، إن شِئتَ أطبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخشَبَيْنِ (٢)، قالَ رسولُ الله ﷺ: بل أرجو أنْ يُخْرِجَ الله مِن أصْلابِهِم مَن يَعْبُدُ الله وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شَيئًا. أخرجه البخاري ومسلم (٣).
٥٠ - عن عبد الله بن مسعود قال: أوَّلُ من أَظهَرَ إِسلامَهُ سَبْعَةٌ: النبيُّ
_________
(١) هو ميقات أهل نجد، ويقال له: قرن المنازل أيضًا، وهو على يوم وليلة من مكة، والقرن: كل جبل صغير منقطع من جبل كبير.
(٢) هما جبلا مكة: أبو قبيس، والذي يقابله وكأنه قعيقعان، وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما، والمراد بإطباقهما: أن يلتقيا على من بمكة، ويحتمل أن يريد أنهما يصيران طبقًا واحدًا.
(٣) رواه البخاري ٦/ ١٩٧ و١٩٨ في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، ومسلم رقم (١٧٩٥) في الجهاد: باب ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين وفي هذا الحديث بيان شفقة النبي ﷺ على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ وقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.
1 / 54