أما جواب أمين فكان حاميا، ولكنه استحال في قلبي بردا وسلاما. وإليك نصه:
أخي مارون - حفظه الله
وأبيشالوم، إنك مازح في كتابك الجميل إلي، أو إنك هازئ يائس، ليس أخوك ممن ينشدون المثل الأعلى في الزبور، ويقتدون بمن غير فكره عند صياح الديك، فقد عدت إلى الوطن لأني مثل الذين أبعدوني أحب هذا الوطن، ومثلهم أحب أن أقيم فيه على الدوام.
وإننا نحن - والله - المقيمون على الدوام لا هم. أجل إنني أعلم وأعتقد وأتيقن وأتأكد أن سيجيء اليوم الذي يرى فيه المستعمر الأثيم حاملا بندقيته ومدفعه وطبله وزمره - وكيسه الفارغ - وراحلا راحلا.
البرهان؟ الدليل؟ أنا وأنت والقلائل الكرام، إخواننا في كل مكان، البرهان؟ الدليل؟ مدرستك وتلاميذك، ومدرستي السيارة وتلاميذي، وذريتهم وذريتنا، وإيمانهم وإيماننا، وجهادهم الذي سيكون أضعاف جهادنا شدة وانتشارا، لا يريبنك ذلك.
فلا تزال الشعوب سائرة إلى الأمام.
ولا يزال الإنسان عاملا جادا في سبيل الرقي في كل مكان، ولا تزال البنود الحمر تخفق فوق رواسي الفكر والأمل الخالد يشع حولها.
ولا يزال الله على عرشه حيا يرزق.
عفوا يا أخي مارون، ما جئت أقرع الطبول في حزنك، ولا جئت أعزيك بوفاة الوالد - رحمه الله - وسيرحمه الله، وكيف لا يرحمه وأنت ابنه؟ بل سيكرمه لأنك ابنه، لا يريبنك ذلك.
إن يقيني بما سيكون لأشد جدا من يقيني بما هو كائن. الغد لنا يا مارون، الغد لنا هنا وهناك.
Shafi da ba'a sani ba