أفئدتكم، فاذكروا لي حجة مما فيها أو كلها، أو في غيرها من الكتب مما تقدرون عليه أنتم ومن وافقكم، فإن لم أجاوبه عنها بجواب فاصل بيّنٍ، يعلم كل من هداه الله أنه الحق، وأن تلك هي الباطل، فأنكروا عليّ. وكذلك عندي من الحجج الكثيرة الواضحة ما لا تقدرون أنتم ولا هم أن تجيبوا عن حجة واحدة منها، وكيف لكم بملاقاة جند الله ورسوله؟
وإن كنتم تزعمون أن أهل العلم على خلاف ما أنا عليه، فهذه كتبهم موجودة، ومن أشهرهم وأغلظهم كلام الإمام أحمد، كلهم على هذا الأمر، لم يشذ منهم رجل واحد ولله الحمد، ولم يأت عنهم كلمة واحدة أنهم أرخصوا لمن لم يعرف الكتاب والسنة في أمركم هذا، فضلًا عن أن يوجبوه. وإن زعمتم أن المتأخرين معكم، فهؤلاء سادات المتأخرين وقادتهم: ابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب عندنا له مصنف مستقل في هذا، ومن الشافعية الذهبي وابن كثير وغيرهم؛ وكلامهم في إنكار هذا أكثر من أن يحصر. وبعض كلام الإمام أحمد ذكره ابن القيم في الطرق الحكمية فراجعه.
ومن أدلة شيخ الإسلام: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ١ الآية، فقد فسرها رسول الله ﷺ والأئمة بعده، بهذا الذي تسمونه: الفقه، وهو الذي سماه الله: شركًا، واتخاذهم أربابًا، لا أعلم بين المفسرين في ذلك اختلافًا.
والحاصل: أن من رزقه الله العلم يعرف أن هذه المكاتيب التي أتتكم، وفرحتم بها وقرأتموها على العامة، من عند هؤلاء الذين تظنون أنهم علماء، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ ٢ إلى قوله: ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ
١ سورة التوبة آية: ٣١.
٢ سورة الأنعام آية: ١١٢.