============================================================
يستخرج معرفة الجوهر من العرض؛ فأما الجوهر الذي هو الفاعل وليس يفعل فهو العقل المتحد بالنفس الشريفة، فهو آبدا فاعل غير مفعول، والجوهر الذي يفعل وينفعل فهي النفس الشريفة لانها عاقلة عالمة حية جوهرية شفافة قابلة للصور، فهي تقبل الجهل كما تقبل العقل، وأما العرض الذي ينفعل وليس بفاعل فهو الجسم الذي تستخدمه الجوارح في اراداتها وهوياتها.
ولما كانت النفس الشريفة تقبل الجهل كما تقبل العقل مائلة إلى الحالتين، فأي ما غلب عليها من العقل والجهل مالت معه، كان جوهرها مكمنا فيها كما يكمن النار في الزناد؛ فلوه مكث الزناد طول الدهر م لقى بلا قادح ولا حجر يحركه، لما ظهر من الزناد نار، وإنما ظهور النار من الزناد بالقادح والحجر، كذلك النفس، إذا عدمت التذكار بالعلوم الوحانية الذي هو غذاؤها وبه بقاؤها ونماؤها، مالت إلى الجهل لغلبة النفس الحسية البهيمية عليها، فترجع إلى الجهل؛ وإذا لم تعدم الرياضة ي رياضة الحكمة والغداء بالعلوم الإلهية، وكانت قابلة لما يتحد بها من آثار العقل، تجوهرت وصفت ولحقت بعالمها، كالزناد الذي إذا حركه القادح استخرج منه الشرار، فتذكي بها النار فتبلغ إلى ما لا نهاية له من العظم، وذلك بالقادح المحرك للزناد، وكان أصل النار شرارة يسيرة وكذلك اتحاد العلم وبركته ونماؤه وزكاؤه كان مثل شرارة زاد اضطرامها كذلك إنما كان العلم أثرا من العقل يتحد بالنفس الشريفة فتقبله فتزكو و تنمو حتى تصير صورة روحانية، كمثل النطفة تتزايد في حالها حالا بعد حال، حتى تكمل صورة الجنين ويخرج من بطن أمه كامل
Shafi 709