آخرون على أنه يعود على النبي ﷺ، وقال آخرون: بل يعود على المؤمن، واحتجوا بقراءة أبي بن كعب: ﴿مثل نور المؤمن] وأحسن هذه الأقوال أن يكون عائدًا على الله- تعالى- لتقدم ذكره في الآية، ولم يتقدم للنبي ﷺ ولا للمؤمن ذكر فيعود الضمير إليه، وأحسب أن الذين جعلوا الضمير عائدًا على النبي ﷺ أو على المؤمن إنما كرهوا عودته على الله- تعالى- لئلا يشبهوا نور الله الذي لا يحد لعظمته وجلاله بنور المصباح في صغره وقلته، وليس الأمر على ما توهموا؛ لأن المعنى مثل نوره الذي يضعه في قلب المؤمن كمثل المصباح في المشكاة، والمشكاة الكوة بلسان الحبشة، فشبه الهدى بالنور لأنه يزيل ظلمة الجهل كما يزيل النور ظلمة الليل، وشبه قلب المؤمن بالزجاجة، وصدره بالمشكاة؛ لأن الوعظ والتذكير يقويان الإيمان والهدى في قلوب المؤمنين فيصيران مادة للهدى، كما يكون الزيت مادة للمصباح، وشبه النبي ﷺ بالزيتونة لأن الهدى انبعث من قلبه كانبعاث الزيت من الزيتونة، وجعل الزيتونة لا شرقية ولا غربية؛ لأن مبعثه ﷺ كان بمكة، وهي بين المشرق والمغرب، فهذا تمثيل خرج على أحسن وجوه التمثيل، وتشبيه جرى على أبرع مجارى التشبيه، بخلاف ما توهمته المجسمة، نعوذ بالله من عدم التوفيق.
وقوله- عز من قائل-: ﴿وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النور: ٣٥] كلام خرج مخرج مجاري