كذلك العمل يحدث عنه في الأجرام بوساطة أجرام، لا أنه يتناول الأعمال بذاته بل بعلمه، وعن علمه يحدث بوساطة جرم، لأنه إذا أراد وجود من الأجرام شيء من الأجرام فظاهر أنه يعلم ذلك الشيء فيوجده بوساطة ما يتحرك عنه من الأجرام، كما أنه إذا أراد إيجاد العلم أفاضه على العقول فيوجده في إنسان يليق به بتوسط عقل أعلى من الإنسان.
ومن قوله أيضًا
في الفيض والعقل الإنساني والعلم الإلهي
ولو رجعنا إلى القضاء والقدر لاسترحنا، فكل شيء يعلمه، لأنه يفيض الخير أجمع. كل شيء موجود بعلمه يختلف من جهة القابل، منه فاض مثل ذلك القابل فهو يعلمه، وعنه فاض كل موجود حتى ما يوجد في المادة القابلة للكون والفساد، وإن كان بتوسط، فنسبته إليه نسبة واحدة بتوسط ودون توسط، لأنه أعطى الأسه مطلعه كما هي في علمه، لعلمه بذاته، وأفاض على المتوسط أن يوجد الصورة مثل ما هي في علمه، وأفاض على القابل للصورة أن يقبل الصورة. هذا في جميع الموجودات حتى في مادة الكون والفساد، وحتى في العقل الإنساني. وجعل وجوده بعد عدمه لم يزل، فإذا كمل وجوده لم يزل موجودًا. وهذا الموجود وحده من الموجودات أزلي في الكون والفساد صفته هذه الصفة، لا يزال الوجود فيه كذلك، لا يزال يوجد بعد أن لم يكن. فإن وجد دام وجوده مع الدهر لا مع الزمان. فعلى هذا الوجه يكون عقل الإنسان له البقاء الدائم.
وانظره في إيضاح الخير بجده، ففيه أبواب كثيرة في الخير. وأظنه الذي يسمى بمقالات الخير، فإن كل باب منه قول في الخير.
فهذا ما ظهر لي فيما تجاذبناه. ولقد واليت النظر في أبوابه، فانكشف لي نور بين وعلم يقين، فلا أقدر أن أفارقه، ولقد علقت عليه.
وانظر، مع نظرك في مقالات الخير، في عيون المسائل، ثم في قول أبي حامد، تجد الكل من نمط واحد، والكل في التأويل مع الكتاب العزيز متفق.
لكن ذلك بأن توجد في بصيرة العقل في العقل، وهذا هو رجوع الشيء على ذاته، حتى يكون فعله هو ذاته، حتى لا يحتاج إلى فاعل يفعله ولا لمن يحفظه، بل هو حافظ ذاته، وفعله دائم لا يحتاج في وجوده إلى غيره، فليس له شيء يعدمه لأنه واحد في ذاته.
والنور هو في القلب نظر ننظر به المعقولات كما ننظر ببصر العين إلى الأشخاص المرئية. وبتلك البصيرة التي نرى بها المعقولات نرى لوازم المعقولات المتقدمة من اللوازم المتأخرة، وذلك هو العقل في المعقولات مجردة عن التخيل، وذلك هو نظره في ذاته بذاته أن ينظر بنور القلب فيرى دائمًا ما حصل له، وينظر فيما يحصل عما قد حصل، ويرى ذلك النور به، فيرى دائمًا ما حصل له، وينظر فيما يحصل عما قد حصل، ويرى ذلك النور به، فيرى دائمًا ما حصل له، وينظر فيما يحصل عما قد حصل، ويرى ذلك النور به، فيرى رحمة الله الفائضة عليه، وهي وجوده الأكمل، كيف وسعت كل شيء على مثال واحد، وإنما اختلفت نسب القابل وعظمها قبولًا لذلك النور المتدع الأول.
1 / 31