237

Wasikun Masana

رسائل البلغاء

Nau'ikan

ولا مجد معدود إذا اللؤم عقبا

والحسب مأخوذ من قولك حسبت الشيء أحسبه حسبا، إذا عددته، وكان الرجل الشريف يحسب مآثر آبائه ويعدهم رجلا رجلا، فيقال: لفلان حسب أي آباء يعدون وفضائل تحسب، فالمصدر مسكن والاسم مفتوح، كما تقول: هدمت الحائط هدما فتسكن المصدر، وتقول لما سقط إلى الأرض: هدم فتفتح الدال من الاسم، وكذلك الأمم فيها أمة كرم بلبانها كالعرب؛ فإنها لم تزل في الجاهلية تتواصى بالحلم والحياء والتذمم وتتعاير بالبخل والغدر والسفه، وتتنزه من الدناءة والمذمة وتتدرب بالنجدة والصبر والبسالة، وتوجب للجار من حفظ الجوار، ورعاية الحق فوق ما توجبه للحميم والشفيق، فربما بذل أحدهم نفسه دون جاره ووقى ماله بماله وقتل حميمه، منهم كعب بن مامة. وكان إذا جاوره جار، فمات بعض لحمته وداه، وإذا مات له بعير أو شاة أعطاه مكان ذلك مثله، ومنهم عمير بن سلمى الحنفي أحد أوفياء العرب. وكان له جار فخالفه أخوه قرين إلى امرأته، فاشتد الرجل في حفظ امرأته فقتله. وكان عمير غائبا فلما قدم وخبر بذلك دفع قرينا إلى ولي المقتول، فقتله واعتذر إلى أمه وعظم جرمه. فقالت:

تعد معاذرا لا عذر فيها

ومن يقتل أخاه فقد ألاما

ومن أعجب أمر في الجوار قصة أبي حنبل، حارثة بن مر. وكان الجراد سقط بقرب بيته فقصد الحي لصيده، فلما رآهم قال: أين تريدون، قالوا: نريد جارك هذا. فقال: أي جيراني، قالوا: الجراد. فقال: أما إذ جعلتموه لي جارا، فوالله لا تصلون إليه، ثم منع منه حتى انصرفوا، ففخر بعضهم. فقال:

لنا هضبة ولنا معقل

صعدنا إليه بصم الصعاد

ملكناه في أوليات الزمان

من بعد نوح ومن بعد عاد

ومنا ابن مر أبو حنبل

Shafi da ba'a sani ba