229

Wasikun Masana

رسائل البلغاء

Nau'ikan

والناس يجتمعون في ولادة شيث بن آدم، ثم في ولادة نوح، ثم يتشعبون؛ فولد نوح أربعة نفر: سام، وحام، ويافث، ويام، فأما يام فهلك بالطوفان فلا عقب له، وهو الذي قال له أبوه:

يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين (هود: 42)، وأما حام؛ فإن أباه لعنه ودعا عليه بأن يكون عبدا لأخويه، فخملت ذريته وسقطت فيه، فهم: النوبة، وفزان، والزغاوة، وأجناس السودان، والسند، والقبط. وأما يافث: فإن أباه دعا له بالنماء والكثرة، فولد الصقالب والترك ويأجوج ومأجوج، وأمما عدد الرمل والحصا في مشارق الأرض، فأما سام: فبارك عليه فأشراف الناس من ولده منهم: العماليق، ومنهم الجبابرة، وفراعنة مصر، وملوك فارس، ومن ولد سام الأنبياء جميعا بعد نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم ومن بعده إلى نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - فالعرب وفارس يتساوون في هذه الجملة، وتفضلها العرب بأنها من ولد إسماعيل بن إبراهيم، فهي أدنى من خليل الله دناوة وأمس به رحما.

ثم تتساوى العرب وفارس في أن الفريقين ملكوا، وتفضلها العرب بأن قواعد ملكها نبوة وقواعد ملك فارس استلاب وغلبة، وتفضلها العرب بأن ملكها ناسخ وملك فارس منسوخ، وتفضلها بأن ملكها متصل بالساعة، وملك فارس محدود، وتفضلها العرب بأن ملكها واغل في أقاصي البلاد، داخل في آفاق الأرض، وملك فارس شظية منه ليس فيه الشام ولا الجزيرة ولا خراسان في أكثر مددهم ولا اليمن إلا في أيام وهزر وسيف بن ذي يزن.

ومن عجب أمرهم أيضا فخرهم على العرب بآدم بقول النبي

صلى الله عليه وسلم : «لا تفضلوني عليه؛ فإنما أنا حسنة من حسناته.» ثم بالأنبياء وهم من العجم إلا أربعة نفر: هود وصالح وشعيب ومحمد

صلى الله عليه وسلم ؛ وفي هذا القول وضع الفخر على غير أساس، ومن أسس بنيانه على الباطل والغرور أوشك أن يتداعى وأن يخر وظلم للعرب فاحش، ومنه ادعاؤهم آدم كأن العرب ليسوا من ولده، ومنه انتحالهم موسى وعيسى وزكريا، ويحيى وأشباههم من بني إسرائيل. وليس بين فارس وبين بني إسرائيل نسب على ما بينت لك، ومنه دفعهم العرب عن قربهم بهؤلاء الأنبياء وهم بنو عمومهم وعصبتهم؛ لأن العرب بنو إسماعيل بن إبراهيم بإجماع الناس، فهم بنو أخي إسحاق بن إبراهيم وأولى به وأحق بشرفه وأولى بموسى وعيسى وداود وسليمان وجميع الأنبياء من ولده. وقال الله تعالى:

إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين (آل عمران: 33)، قال إبراهيم: هم ولد إسحاق وولد إسماعيل، ثم قال:

ذرية بعضها من بعض (آل عمران: 34).

فأعلمنا أن العرب وبني إسرائيل شيء واحد في النسب، وفيما أوحى الله إلى موسى: إني سأقيم لبني إسرائيل من إخوتهم مثلك، أجعل كلامي على فيه، يريد: أنه يقيم لهم من العرب نبيا مثل موسى يعني: نبينا محمدا

صلى الله عليه وسلم

Shafi da ba'a sani ba