ث إذا حدث الحديد الحديدا
بلدة تنبت المعالي فما يث
غر الطفل فيهم أو يسودا
وهذه صفة معرة النعمان - به أدام الله تأييده - لا خلت منه ، ومن النعمة عليه وعنده، فقد وجدت أهلها معترفين بعوارفه، خلا أبي العباس أحمد بن خلف الممتع أدام الله عزه؛ فإني وجدت آثار تفضله عليه ظاهرة، ولسانه رطبا بشكره وذكره، وقد ملأ السماء دعاء والأرض ثناء.
قالت قريش للنبي - عليه الصلاة والسلام: أتباعك من؟! هؤلاء الموالي: كبلال، وعمار، وصهيب، خير من قصي بن كلاب، وعبد مناف، وهاشم، وعبد شمس؟! فقال: نعم والله لئن كانوا قليلا ليكثرن، ولئن كانوا وضعاء ليشرفن حتى يصيروا نجوما يهتدى بهم ويقتدى، فيقال: هذا قول فلان، وذكر فلان، فلا تفاخروني بآبائكم الذين موتوا في الجاهلية، فلما يدهده الجعل بمنخره خير من آبائكم الذين ماتوا فيها فاتبعوني أجعلكم أنسابا، والذي نفسي بيده لتقتسمن كنوز كسرى وقيصر. فقال له عمه أبو طالب: أبق علي وعلى نفسك، فظن - عليه الصلاة والسلام - أنه خاذله ومسلمه. فقال: يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته، ثم استعبر باكيا، ثم قام فلما ولى ناداه: أقبل يا بن أخي فأقبل. فقال: اذهب وقل ما شئت فوالله لا أسلمتك لسوء أبدا، فكان - عليه الصلاة والسلام - يذكر يوما ما لقي من قومه من الجهد والشدة، قال: لقد مكثت أياما وصاحبي هذا - يشير إلى أبي بكر - بضع عشرة ليلة ما لنا طعام إلا البرير في شعب الجبال.
وكان عتبة بن غزوان يقول: إذا ذكر البلاء والشدة التي كانوا عليها بمكة: لقد مكثنا زمانا ما لنا طعام إلا ورق البشام أكلناه، حتى تقرحت أشداقنا، ولقد وجدت يوما تمرة فجعلتها بيني وبين سعد وما منا اليوم أحد إلا وهو أمير على كورة. وكانوا يقولون فيمن وجد تمرة فقسمها بينه وبين صاحبه: إن أسعد الرجلين من حصلت النواة في قسمه يلوكها يومه وليلته من عدم القوت، وكذا قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «لقد رعيت غنيمات أهل مكة لهم بالقراريط.»
وابتدأ أمره أنه وقف على الصفا ونادى: يا صباحاه، فجاءوا يهرعون. فقالوا: ما دهمك ما طرقك؟ قال: بم تعرفونني ؟ قالوا: محمد الأمين، قال: أرأيتم إن قلت لكم: إن خيلا قد طرقتكم في الوادي، وإن عسكرا قد غشيكم من الفج أكنتم تصدقونني؟ قالوا: اللهم نعم؛ ما جربنا عليك كذبا قط، قال: فإن الذي أنتم عليه ليس لله ولا من الله ولا يرضاه الله قولوا لا إله إلا الله، واشهدوا أني رسوله، واتبعوني تطعكم العرب وتملكوا العجم، وإن الله قال لي استخرجهم كما استخرجوك وابعث جيشا أبعث خمسة أمثاله، وضمن لي أنه ينصرني بقوم منكم، وقال لي: قاتل بمن أطاعك من عصاك، وضمن لي أنه يغلب سلطاني سلطان كسرى وقيصر.
ثم إنه - عليه الصلاة والسلام - غزا تبوك في ثلاثين ألفا، وهذا من قبل الله الذي يجعل من لا شيء كل شيء، ويجعل كل شيء لا شيء يجمد المائعات، ويميع الجامدات؛ يجمد البحر، ثم يفجر الصخر وما مثله في ذلك إلا كمثل من قال: هذه الزجاجة الرقيقة السخيفة أحك بها هذه الجبال الصلدة الصلبة المنيفة فترضها وتفضها، وهذه النملة الضعيفة اللطيفة تهزم العساكر الكثيرة المعدة، وكذا حقيقة أمره - عليه الصلاة والسلام - حتى لقد قال عروة بن مسعود الثقفي لقريش. وكان رسولهم إليه
صلى الله عليه وسلم
Shafi da ba'a sani ba