لتجديد حب آخر)؛ وبعضها ناجمًا من قبل المحبوب: مثل الهجر ونفار المحبوب وجفاء فيه ونزوع إلى الغدر وأخيرًا سبب لا يتعلق بالمحب او المحبوب، وهو اليأس بسبب موت أو غيبة منقطعة أو عارض قتل السبب الذي من أجله نشأ الحب؛ وقد عقد ابن داود فصلًا خاصًا للحديث عن الياس، وتحليليه نفسيًا وطبيًا (١) (وذلك ما لم يتوقف ابن حزم عنده) ولكنه ربطه بالسلو، وأضاف إضافة هامة - لم يستطع ابن حزم معالجتها - حين ربط بين اليأس وبين الانتحار عن طريق ايراده لبعض الحكايات.
٥ - ويعقد ابن داود (٩٨) فصلًا للقنوع، يورد فيه نماذج من الشعر، ويعلق عليها بقوله " وكل هذه الأحوال ناقصة عن حد التمام "؛ ويعد ابن حزم مراتب للقنوع ستًا، يستخلص أحدها من الشعر، فيقول " وللشعراء فن من القنوع أرادوا فيه إظهار غرضهم وإبانة اقتدارهم على المعاني الغامضة والمرامي البعيدة. فمنهم من قنع بان السماء تظله هو ومحبوبه.. الخ " ثم يلمح انهم لم يبلغوا غاية التمام - كما فعل ابن داود، فيقول: " ولي في هذا المعنى قول لا يمكن لمتعقب ان يجد بعده متناولًا ولا وراءه مكانًا.. " (وذلك هو قنوعه بلقاء محبوبه في علم الله) ولا يخفى تدقيقه هنا في ملاحظة ابن داود، وتأثره بها.
٦ - وفي الزهرة فصلان أحدهما في الحجاب (١٠٤) والثاني في الوداع (١٨٤) وقد جمعهما ابن حزم في حديثه عن البين، فيعد حجب المحبوب ومنعه من لقاء محبه بينًا. وابن داود هنا أدق لأنه قسم الحجاب في قسمين اضطراري واختياري، وجعل الحجب بالقوة سببًا اضطراريًا. وأما الحجاب الاختياري فمنه امتحان المحب للمحبوب والخوف عليه من الرقيب (ابن حزم: ثم بين يتعمده المحب بعدًا عن قول الوشاة) والإشفاق على النفس من العذال، واستيلاء الملال على نفس المحب. ولا
_________
(١) الزهرة ١: ٣٣٥.
1 / 48