Rasail
رسائل ابن حزم الأندلسي
Bincike
إحسان عباس
Mai Buga Littafi
المؤسسة العربية للدراسات والنشر
الوجوه البديعة الصنعة، ويتصدى للمشاهد المؤذية، ويحب الخلوات المهلكات (١)؛ والصالحان من الرجال والنساء كالنار الكامنة في الرماد لا تحرق من جاورها إلا بأن تحرك، والفاسقان كالنار المشتعلة تحرق كل شيء.
وأما امرأة مهملة ورجل متعرض فقد هلكا وتلفا؛ ولهذا حرم على المسلم الالتذاذ بسماع نغمة امرأة أجنبية، وقد جعلت النظرة الأولى لك والأخرى عليك، وقد قال رسول الله ﷺ: " من تأمل امرأة وهو صائم حتى يرى حجم عظامها فقد أفطر " (٢) . وإن فيما ورد من النهي عن الهوى بنص التنزيل لشيئًا مقنعا؛ وفي إيقاع هذه الكلمة، أعني " الهوى " اسمًا على معان، وفي اشتقاقها عند العرب دليل على ميل النفوس وهويها إلى هذه المقامات. وإن المتمسك عنها مقارع لنفسه محارب لها.
وشيء أصفه لك تراه عيانًا: وهو أني ما رأيت قط امرأة في مكان تحس أن رجلًا يراها أو يسمع حسها إلا وأحدثت حركة فاضلة كانت بمعزل، واتت بكلام زائد كانت عنه في غنية، مخالفين لكلامها وحركتها قبل ذلك؛ ورأيت التهمم لمخارج لفظها وهيئة تقلبها لائحًا فيها ظاهرًا عليها لا خفاء به؛ والرجال كذلك إذا أحسوا بالنساء. وأما إظهار الزينة وترتيب المشي وإيقاع المزح عند خطور المرأة بالرجل واجتياز الرجل بالمرأة فهذا أشهر من الشمس في كل مكان. والله ﷿ يقول: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم﴾ وقال تقدست أسماؤه: ﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن﴾ (النور: ٣٠ - ٣١) . فلولا علم الله ﷿ بدقة (٣) إغماضهن في
(١) برشيه: المهلكة. (٢) لم أجده نصًا، ومما هو بسبيله ما جاء في مصنف عبد الرزاق: (٤: ١٩٣): من تأمل خلق امرأة وهو صائم بطل صومه. (٣) جميع الطبعات: برقة.
1 / 271