رسائل الشريف المرتضى (1) PageV0MP001
دار القرآن الكريم مدرسة آية الله العظمى الگلپايگاني مد ظله الوارف PageV0MP002
رسائل الشريف المرتضى المجموعة الأولى (تقديم وإشراف) السيد أحمد الحسيني (إعداد) السيد مهدي رجائي PageV0MP003
* رسائل الشريف المرتضى - 1 * تأليف: الشريف المرتضى * تقديم: السيد أحمد الحسيني * إعداد: السيد مهدي الرجائي * نشر: دار القرآن الكريم - قم * طبع: مطبعة سيد الشهداء - قم * التاريخ: 1405 ه * العدد (2000) نسخة PageV0MP004
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين. PageV0MP005
تقديم بقلم السيد أحمد الحسيني (1) كان الشريف المرتضى مجموعة متزاحمة من الثقافات والمعارف الإسلامية والعربية العالية، فإن له آثارا ممتازة في التفسير والكلام والعقائد والفقه وأصوله والأدب والشعر والجدل وغيرها من العلوم والفنون الدارجة في عصره. دون هذه المعلومات في كتب خاصة أو بحث عنها استطرادا أو في ضمن جواباته على المسائل التي كانت ترد إليه من مختلف البلدان والشخصيات المرموقة.
وعلى دارس الشريف المرتضى أن يتحدث عنه في شتى المجالات الثقافية والجوانب العلمية، وعليه أيضا أن يكون في مستوى علمي رفيع ملما بجوانب كثيرة من شتى العلوم الإسلامية. لكي يتسنى له دراسة المرتضى وتحليل ما خلف من الثروات العظيمة في عالم العلم والدين.
أما أنا فأعترف أنني لست ممن تتوفر فيه المؤهلات الكافية للدخول في هذا الميدان الوسيع، ولست أملك هاتيك الطاقات التي تفتح لي آفاق التحدث عن هذا الطود الشامخ.. ولكن كل هذا لا يمنعني من أن ألقي دلوي في الدلاء PageV0MP007
بالقدر الذي أجد من الفسحة في الوقت والمجال للتحدث.
(2) في هذه الكلمة القصيرة التي نقدم بها مجموعة (رسائل الشريف المرتضى) إلى القراء الأفاضل، نكتفي بنظرة عابرة في أربع جوانب من معارفه، هي:
الجانب الكلامي، والجانب الفقهي، والجانب الأصولي، والجانب الأدبي.
أما دراسة المرتضى بالشكل المبسط ومن كل النواحي، فتلك من وظائف كبار العلماء الذين تتوفر فيهم الثقافات ويجدون الفرصة الكافية، لمثل هذه الأعمال:
1 - خصص الشريف المرتضى كتابية (الذخيرة) و (الشافي) بالكلام وكتب في (الأمالي) و (الفصول المختارة) و (تنزيه الأنبياء) ورسائله وجواباته فصولا طويلة وممتعة في الكلام دلت على قوته الكلامية وشدة صلاته الوثيقة بآراء المتكلمين المتقدمين عليه والمعاصرين له، ولعل كتابيه (الشافي) و (الذخيرة) من أحسن كتبه الكلامية وأطولها، بل لعلهما من أوقع الكتب الكلامية الشيعية القديمة وأرسخها، وفيهما حقا طرق بعض الأبحاث الكلامية، وتوسع فيها توسعا لم يسبق إليه مع عمق في البحث، وإشراق في العبارة، وإكثار من الشواهد القرآنية والحديثية، وجمع للآراء، واحتواء للنظريات.
وكان تلميذا للشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد الذي قيل فيه: كان (من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رياسة الإمامية في وقته، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام) (1) وهو الذي (فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية) (2).
وأستاذ مثل الشيخ المفيد الذي طبق العالم شهرة في الكلام والفقه وغيرهما من العلوم لا بد وأن يربي مثل المرتضى الذي كان (إمام أئمة العراق بين الاختلاف
PageV0MP008
والاتفاق، إليه فزع علمائها وعنه أخذ علماؤها، صاحب مدارسها، وجماع شاردها وآنسها، ممن سارت أخباره، وعرفت به أشعاره، وحمدت في دين الله مأثوره وآثاره، إلى تواليفه في الدين، وتصانيفه في أحكام المسلمين، ما يشهد أنه فرع ذلك الأصل الأصيل، ومن أهل ذلك البيت الجليل) (1).
والذي (كان نصير الدين الطوسي إذا جرى ذكره في دروسه يقول:
صلوات الله عليه، ويلتفت إلى القضاة المدرسين الحاضرين ويقول: كيف لا يصلى على السيد المرتضى) (2).
والمرتضى ككلامي شيعي يبحث من زاويته الخاصة كان شديد الانتصار للآراء الشيعية: يذب عنها بما أوتي من حول وطول، ويدافع عنها بكل قواه، ولا يدع ما يمكن الاستدلال به إلا جعله شاهدا يقيمه لدعم مذهبه وتقوية معتقده.
والغريب أن يعد الشريف المرتضى معتزليا لمناصرته بعض ما يذهب إليه المعتزلة، والأغرب أن يعد التشيع متفرعا من الاعتزال لوجود الشبه الكبير بينهما وتشابكهما في بعض الآراء الكلامية تشابكا قويا...
إن هذا لغريب حقا، وكأن القائل بهذا القول لم يقف على الآراء ولم يبحثها، وإذا كان بحث فيها كان يجد أن (أسس الإمامية أسبق من أسس المعتزلة لأن الاعتزال مذهب جديد حصل في زمن واصل بن عطاء في القرن الثاني للهجرة وخالف في ذلك أستاذه الحسن البصري واعتزل درسه. أما الإمامية فيعتمدون في مذهبهم على أئمة أهل البيت ويستندون إلى أحاديثهم وأحاديث جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله الغارس لبذرة التشيع والموضح لخططه وآثاره،
PageV0MP009
وفي زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام تركزت دعائمه ووضحت معالمه وظهرت خصائصه وكثر متبعوه ومعتنقوه، ولم يزل أئمة أهل البيت يتعاهدونه واحدا بالرعاية والعناية ويكشفون دقائقه وينشرون أعلامه وأحكامه.. واختلاف الشيعة إنما يكون بسبب تفاوت أفهام العلماء في الاستخراج والاستنباط - في الأمور الاستنباطية - وبحسب اختلاف الأنظار والأفكار - في الأمور العقلية. ومن الطبيعي أن هذا الرأي قد يوافق غيرهم وقد يخالفهم، وليس معنى الموافقة أن يكونوا منهم. على أنا لو قلنا بأن الاعتزال تشيع من بعض الجهات لكان أقرب إلى الصواب، حيث أن المتأخر يصح أن ينسب إلى المتقدم ولا يصح العكس. إذن فمن الخطأ أن نقول:
التشيع منحى من مناحي الاعتزال...) (1).
وبعد هذا فهل يصح أن يقال أن المرتضى معتزلي وهو الذي كتب كتابه (الشافي) في رد كبير المعتزلة في عصره القاضي عبد الجبار؟؟
أو هل يصح أن يقال إن الشريف يناصر مذهب الاعتزال وهو الذي يقول في بعض كتاباته ردا على المعتزلة (ويمكن أن يقال للمعتزلة خاصة) (2)؟
إن المرتضى يتصدى لمناقشة آراء المعتزلة كما يفعل بآراء غيرهم من ذوي الآراء الكلامية من سائر الفرق الإسلامية، وهي لديه على حد سواء في قبول النقاش والأخذ والرد، ولا يرى بينها وبين الآراء الشيعية من صلة توجب عليه قبولها أو مناصرتها.
2 - أما الجانب الثاني الذي يلزم التحدث عنه في هذه العجالة، فهو الجانب الفقهي للمرتضى:
PageV0MP010
كان - رحمه الله - قمة شامخة من قمم الفقه الجعفري وفي طليعة الذين كانت لهم مساعي كبيرة في تطوير الفقه وإخضاعه للقواعد الأصولية في طريق الاستنباط، في حين كان قبله في إطار حديثي غير مركوز على أسس الاستدلال والتعمق الأصولي.
كان المرتضى يذهب إلى عدم صحة العمل بأخبار الآحاد، وكتب في ذلك رسالة يقيم على ما يذهب إليه الأدلة ويدفع ما يستدل به خصومه. وبالإضافة إلى ما كتبه في كتابه (الذريعة) وبعض جواباته من التنديد بالعاملين بأخبار الآحاد.
وعلى ضوء هذا الرأي كان كثير العمل بالقواعد الأصولية التي لا بد لمثله من الأخذ بها في مجابهة المسائل الفقهية وكان قبله موضوع أخذ القواعد الأصولية بعين الاعتبار في الفقه مما لم تأنس أذهان الفقهاء به حينذاك، فكانوا يرون في هذا خروجا على عرفهم العام وطريقتهم في عملية الاستنباط، إلا أن هذه الطريقة أصبحت مأنوسة لهم فيما بعد المرتضى وخاصة في زمن الشيخ محمد بن الحسن الطوسي المتوفى بالنجف الأشرف سنة 460 ه، إذ كان للطوسي قوة عظيمة في تطوير الفقه تطويرا كاملا وتركيزه على القواعد الأصولية، ولعل (كتاب المبسوط كان محاولة ناجحة وعظيمة في مقاييس التطور العلمي لنقل البحث الفقهي من نطاقه الضيق المحدود في أصول المسائل إلى نطاق واسع يمارس الفقيه فيه التفريع والتفصيل والمقارنة بين الأحكام وتطبيق القواعد العامة ويتتبع أحكام مختلف الحوادث والفروض على ضوء المعطيات المباشرة للنصوص) (1).
وعلى كل حال فقد كان المرتضى (أعرف الناس بالكتاب والسنة ووجوه التأويل في الآيات والروايات، لما سد باب العمل بأخبار الآحاد اضطر إلى
PageV0MP011
استنباط الشريعة من الكتاب والأخبار المتواترة والمحفوفة بقرائن العلم، وهذا يحتاج إلى فضل اطلاع على الأحاديث وإحاطة بأصول الأصحاب ومهارة في علم التفسير وطريق استخراج المسائل من الكتاب، والعامل بأخبار الآحاد في سعة من ذلك) (1).
ولكن مما يلفت النظر في كتابات المرتضى الفقهية واستدلالاته، تشبثه بالاجماع وادعاؤه تحقق ذلك في الكثرة الكاثرة من المسائل التي يبحث فيها (2).
فما هو معنى الإجماع عنده؟ وما يقصده من هذه اللفظة عندما يستدل بها؟
فهل هو الإجماع المحصل، أو الإجماع المنقول، أو تعبير عن بيان كشف الواقع عنده بهذه اللفظة من دون تصريح بذلك، أو توفيقه للقاء الحجة المنتظر عليه السلام وأخذه المسألة منه ثم نقله ذلك في كتبه بهذه الإشارة؟
الإجماع عنده هو الاتفاق الحاصل بين جميع الإمامية على مسألة ما، وهذا الاتفاق - في رأيه - يكشف عن رأي المعصوم عليه السلام في تلك المسألة، إذ لو كان له رأي خاص غير ما اتفق عليه العلماء المذكورون لبان وظهر، ولأن رأيه عليه السلام متبع ومفروض علينا فإجماعهم حجة علينا لا بد من الأخذ به.
والاجماع لا يرجع إليه بصورة مطلقة، بل يرجع إليه (في كل حكم لم نستفده بظاهر الكتاب ولا بالنقل المتواتر الموجب للعلم عن الرسول أو الإمام عليهما السلام) (3).
فإذا تحقق الإجماع من الفرقة المحقة فهو حجة (وليس علينا أن نعلم
PageV0MP012
دليلهم الذي أجمعوا لأجله ما هو بعينه، فإن ذلك عنا موضوع، لأن حجتنا التي عليها نعتمد في إجماعهم لا ما لأجله كان إجماعهم) (1).
وقد قال في كيفية حصول الإجماع وطريق كشف قول المعصوم عنه (والصحيح الذي ذهب إليه أن قولنا (إجماع) إما أن يكون واقعا على جميع الأمة أو على المؤمنين منهم أو على العلماء فيما يراعى فيه إجماعهم، وعلى كل الأقسام لا بد من أن يكون قول الإمام المعصوم داخلا فيه، لأنه من الأمة ومن أجل المؤمنين وأفضل العلماء، فالاسم مشتمل عليه، وما يقول به المعصوم لا يكون إلا حجة وحقا) (2).
3 - وأما في مجال علم أصول الفقه.. فإن المتتبع يجد كثيرا من الإشارات إلى القواعد الأصولية في الأحاديث المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام، كما أنه يجد بعض أعلام الشيعة دون في أبواب خاصة من أبواب علم الأصول رسائل ولكن لم يتداولها العلماء لعدم استيعابها القواعد والأبواب الأصولية كلها.
ولعل أول من عالج موضوع أصول الفقه مستوعبا هو ما نقله الكراجكي في كتابه (كنز الفوائد) من رسالة الشيخ أبي عبد الله المفيد في الأصول.
إلا أن هذه الرسالة لشدة اختصارها وعدم الاستدلال فيها أشبهت الكتب الموضوعة للمبتدئين من المحصلين ولم يكن فيها غناء للعلماء المستنبطين.
أما الشريف المرتضى فقد دون في علم الأصول عديدا من الآثار، ك (مسائل الخلاف في أصول الفقه) و (مسائل منفردات في أصول الفقه)
PageV0MP013
و (إبطال القياس) و (الذريعة في علم أصول الشريعة)، واستدل على آرائه الأصولية ونقض آراء المخالفين له كما فعل في علم الكلام، وفتح بذلك آفاقا جديدة في طريق الاستنباط الفقهي لم يتطرق إليها الفقهاء إلى ذلك العصر.
وكتاب الذريعة (لم يصنف مثله جمعا وتحقيقا، استوفى فيه كل مباحثة - أي مباحث أصول الفقه - وتعرض لنقل الأقوال في مسائله، وحقق الحق فيها وكان هذا الكتاب هو المرجع في هذا العلم والذي يقرأه الناس إلى زمان المحقق نجم الدين الحلي، فلما صنف المعارج وكان كتابه سهل العبارة والمأخذ عكفت الطلبة عليه، وإن كان كتاب الذريعة إلى اليوم من أشهر الكتب في أصول الفقه عند الشيعة وأحسنها) (1).
والمرتضى نفسه فقد يقول عن كتابه الذريعة (وقد كنا قديما أمللنا قطعة من مسائل الخلاف في أصول الفقه.. والحاجة مع ذلك إلى هذا الكتاب الذي قد شرعنا فيه ماسة تامة والمنفعة به عامة، لأن طالب الحق من هذا العلم يهتدي بأعلامه عليه فيقع من قرب عليه. فهذا الكتاب إذا أعان الله تعالى على إتمامه وإبرامه كان بغير نظير من الكتب المصنفة في هذا الباب، ولم نعن في تجويد وتحرير وتهذيب، فقد يكون ذلك فيما سبق إليه من المذاهب والأدلة، وإنما أردنا أن مذاهبنا في أصول الفقه ما اجتمعت لأحد من مصنفي كتب أصول الفقه.. فقد تحقق استبداد هذا الكتاب بطرق مجددة لا استعانة عليها بشئ من كتب القوم المصنفة في هذا الباب) (2).
4 - وأما المرتضى الأديب.. فلم أعرف في علمائنا المتقدمين من اشتغل
PageV0MP014
بالعلوم الدينية وتوغل فيها تدريسا وتأليفا، ومع ذلك اشتهر في عالم الأدب واللغة والشعر كما اشتهر الشريف المرتضى.
ألف كتبه (الأمالي) و (طيف الخيال) و (الشهاب في الشيب والشباب) و (شرح القصيدة المذهبة) ومؤلفات أخرى في الأدب العربي، وأدرج فيها مسائل في التفسير واللغة والشعر لها أهميتها القصوى في المباحث اللغوية ومعرفة منثور الكلام ومنظومة.
يعالج الآية أو الحديث أو البيت الشعري أو المثل العربي معالجة خبير متمكن من العلوم الأدبية مطلع على دقائقها وأسرارها، فهو إذ يرتئي رأيا في لفظه ما أو تركيب جملة خاصة، يغمر قارئة بكثير من الشواهد المنظومة والمنثورة حتى يقنع خصمه برأيه لما يرى من فيض شواهد لا يستطيع الثبات أمامها.
لقد وصفه مترجموه بأوصاف تدل على كبير مقامه، وعظموه في علمه وأدبه غاية التعظيم، فقد قال عنه ابن خلكان (وكان إماما في علم الكلام والأدب والشعر.. وإذا وصف الطيف أجاد فيه وقد استعمله في كثير من المواضع..
وملح الشريف المرتضى وفضائله كثيرة) (1).
وإذا كان للأساتذة والشيوخ أثر في تنشئة الإنسان، فقد (تلقى المرتضى اللغة والمبادي مع أخيه الرضي على الشاعر ابن نباتة السعدي، ثم صحب المرتضى أبا عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، وتتلمذ عليه في الشعر والأدب، يحضر مجلسه - وكانت دار المرزباني مؤل العلماء والمتأدبين - فكان المرتضى يأخذ من علم الرجل ممن يفدون على داره من شيوخ الأدب وعمده، ما هيأ له ذخيرة كبيرة من الأخبار وروايات الشعر واللغة ظهرت آثارها في أماليه،
PageV0MP015
فإنا لنرى مصدر أكثر الروايات في كتاب (أمالي المرتضى) هو أستاذه المرزباني ومن أساتذته كذلك سهل بن أحمد الديباجي وأبو الحسن الجندي وأحمد بن محمد بن عمران الكاتب) (1).
أما في عالم الشعر فقد كان المرتضى يعد من المكثرين فيه، ويزيد ديوانه المطبوع في ثلاثة أجزاء على أكثر من عشرة آلاف بيت، وهو قد تطرق في شعره ألوانا من الأغراض شتى قد أجاد في أكثرها كل الإجادة وأبدع فيها كل الابداع.
لقد كان المرتضى أخا الرضي الذي وصف بأنه أشعر الطالبيين المكثرين (2)، ولعل هذه الشهرة هي التي غطت على المرتضى الشاعر وقللت ذكره في عالم الشعر، فقد نقل (بعض الأصحاب عن جامع ديوان المرتضى أنه قال: سمعت بعض شيوخنا يقول: ليس لشعر المرتضى عيب إلا كون الرضي أخاه) (3).
أما بعد:
فهذا هو الشريف المرتضى العالم الفقيه المتكلم الأديب الكاتب الشاعر، الذي في حياته العلمية فسحة كبيرة من القول لا تستوعبها هذه الصحائف القليلة من الكلام.
ولا علينا أن نختم الكلام فيه بما قاله عنه تلميذه الأرشد محمد بن الحسن الطوسي (توحد المرتضى في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم مثل علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر ومعاني الشعر
PageV0MP016
واللغة وغير ذلك. وله من التصانيف ومسائل البلدان شئ كثير) (1).
(3) يعود عملي في إحياء آثار الشريف المرتضى إلى سنة 1385 ه، حيث أسس صديقنا العلامة الحجة الشيخ حامد الواعظي، في مبني مقبرة الشريف المرتضى بالكاظمية - العراق مكتبة عامة كان في ضمن مشاريعها المفيدة إصدار كراسات إسلامية لتثقيف الشباب المتدين وتحقيق مؤلفات المرتضى وإخراجها في طباعة جيدة.
كل من نتاج هذه النية طبع المجموعة الأولى من (رسائل المرتضى) و (جمل العلم والعمل) وبعض الكراسات الصغيرة، ولكن العوائق عاقت دون تحقيق هذه الأمنية وتوقف العمل في بداية الطريق.
لقد تساءل كثير من العلماء وإخواني الأفاضل عن سبب توقف العمل، وحثوني بشتى التعابير لدفعي في المضي في هذا السبيل، ولكن الأسباب لم تتهيأ لي حتى أقوم بهذا الواجب العلمي الذي أؤمن به ضرورة القيام به والعمل الجاد في إنجازه.
وقبل شهور زرت سيدنا المرجع الديني الكبير آية الله العظمى سماحة السيد محمد رضا الگلپايگاني دام ظله الوارف، فإذا به يريني صورة من مجموعة لرسائل المرتضى ويأمرني بالعمل في طبعه وإخراجه إلى عالم النور.
كان سروري عظيما بما لمست من الشعور الطيب الذي دفع سماحة السيد الكلبايكاني في المشاركة العملية لإحياء آثار أعلامنا الأقدمين، وكان اغتباطي شديدا إذ رأيت أمنية تتحقق قد كنت كتبت في أكثر من مناسبة أحث العلماء والمحققين على تحقيقها وإخراج هذا التراث المطمور في زوايا المكتبات
PageV0MP017
العامة والخاصة. إلا أنني أسفت شديد الأسف على تزاحم الأعمال علي وعدم وجدان الفرصة الكافية لامتثال هذا الأمر المبارك، ولكن كل هذا لم يمنعني من الرجاء من فضيلة الشاب المهذب المجد السيد مهدي الرجائي لحمل هذا العبء الذي أرجو له لقاءها الثواب الجزيل من الله تعالى وتعزز.
المجموعة المشار إليها تحتوي على أكثر من عشرين رسالة من رسائل الشريف المرتضى وبعض الرسائل للآخرين، كتبها سيدنا آية الله المرحوم السيد أحمد بن محمد رضا الحسيني الخونساري ، وهي موجودة الآن في مكتبة ولده سماحة آية الله السيد مصطفى الصفائي الخوانساري بمدينة قم.
وبالإضافة إلى الرسائل الموجودة في هذه المجموعة حاولنا جهد المستطاع جمع بقية الرسائل المخطوطة والمطبوعة لكي تكون المجلدات التي تصدر بعنوان (رسائل الشريف المرتضى) حاوية لكل ما كتبه الشريف بعنوان مسألة ورسالة وجواب سؤال.
والذي يجب لفت النظر إليه أننا هيئنا ثبتا للنسخ الممتازة من آثار الشريف المرتضى مقدمة للعمل الفني المكتمل الشرائط في هاتيك الآثار، وهذه المجموعات ليست إلا طبعة مستعجلة قصدنا بها تيسير تداولها للقراء الأفاضل، وكلنا أمل وطيد في الالتقاء بهم في تلك الطبعة الفنية الممتازة بتوفيق الله تعالى.
وبهذه المناسبة التي اعتز بها:
ابتهل إلى الله العلي القدير في أن يديم ظلال سيدنا الگلبايگاني إذ كانت له عناية كبيرة في طبع هذه المجاميع. PageV0MP018
كما أسأله تعالى أن يأخذ بعضد سيدنا الصفائي الخوانساري الذي وضع مكتبته الثمينة في متناول المعنيين بالتراث الإسلامي.
وأطلب إليه عز وجل أن يوفق الشاب الفاضل السيد الرجائي في إحياء ثرواتنا العلمية المحتاجة إلى بذل الهمم العالية والتفاني في العمل الجاد لإخراجها إلى عالم النور.
اللهم وفق المشتغلين بالعلم والعمل الصالح، واجعلنا من الذين يقتفون آثارهم ويهتدون بأنوارهم ويسيرون على خطاهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قم: 20 شعبان المعظم 1405 ه السيد أحمد الحسيني PageV0MP019
ترجمة الشريف المرتضى لقد كتب كثير من المؤرخين وعلماء الرجال عن هذه الشخصية الإسلامية القذة بما يجل عن التعداد والاحصاء فقل أن تجد كتابا أو بحثا عن الشخصيات في التأريخ والتأليف لا يتعرض إلى ذكر الشريف المرتضى (قدس سره)، ولعظمة المترجم وأفقه الواسع لخصنا التحدث عنه فيما يلي:
اسمه ونسبه:
السيد المرتضى علم الهدى ذو المجدين أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
كان والده يكنى ب " أبي أحمد " ويلقب ب " الطاهر، الأجل، ذو المناقب، الأوحد " وكان نقيب الطالبيين في بغداد.
وأمه " فاطمة بنت الحسن " المقلب ب " الناصر الصغير " نقيب العلويين في بغداد، وجده أحمد بن الحسن الملقب ب " الناصر الكبير الأطروش " بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين عليه السلام. PageV0MP020
اطراء العلماء عليه:
قال تلميذه الشيخ الطوسي في الفهرست: متوحد في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم، مثل علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر ومعاني الشعر واللغة (1).
وقال أيضا في الرجال: أكثر أهل زمانه أدبا وفضلا، متكلم فقيه، جامع للعلوم كلها، مد الله في عمره (2).
وقال الرجالي الكبير النجاشي: حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلما شاعرا، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا (3).
وقال العلامة في الخلاصة بعد توصيفه بما تقدم عن الفهرست: وبكتبه استفادت الإمامية منذ زمنه (رحمه الله) إلى زماننا هذا، وهو سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وهو ركنهم ومعلمهم (قدس الله روحه وجزاه عن أجداده خيرا) (4).
وقال ابن داود في رجاله: أفضل أهل زمانه، وسيد فقهاء عصره، حال فضله وتصانيفه شهير (قدس الله روحه) (5).
وقال السيد ابن زهرة في غاية الاختصار: علم الهدى الفقيه النظار، سيد الشيعة وإمامهم، فقيه أهل البيت، العالم المتكلم البعيد، الشاعر المجيد، كان له بر وصدقة وتفقد في السر، عرف ذلك بعد موته - رحمه الله - كان
PageV0MP021
أسن من أخيه، ولم ير أخوان مثلهما شرفا وفضلا ونبلا وجلالا ورئاسة وتحاببا وتواددا، لما مات الرضي لم يصل المرتضى عليه عجزا عن مشاهدة جنازته وتهالكا في الحزن، ترك المرتضى خمسين ألف دينار، ومن الآنية والفراش والضياع ما يزيد على ذلك (1).
وقال المحقق التستري في مقابس الأنوار: السيد السند المقدم المعظم، ومنبع العلوم والآداب والأسرار والحكم، محيي آثار أجداده الأئمة الراشدين وحجتهم البالغة الدامغة على أعداء الدين، المسدد بروح القدس عند مناظرة العدى (2).
وقال في رياض العلماء: الباحث عن كل العلوم باليد الطولى، والمقدم في أصناف الصناعة عند أولي النهى (3).
وقال المحقق الكركي في رسالته قاطعة اللجاج في حل الخراج: كان (رحمه الله) ربع القامة، نحيف الجسم، أبيض اللون ، حسن الصورة، فصيح اللسان، يتوقد ذكاءا، مد الله له في العمر، فنيف على الثمانين، وبسط له في المال والجاه والنفوذ، ففي المال كانت له ثمانون قرية (4).
وقال في الدرجات الرفيعة: وكان الشريف المرتضى (رحمه الله) أوحد زمانه فضلا وعلما وفقها وكلاما وحديثا وشعرا وخطابة وكرما وجاها إلى غير ذلك (5).
وقال السيد بحر العلوم في كتاب رجاله: ذو المجدين وصاحب الفخرين
PageV0MP022
والرياستين، والمروج لدين جاه سيد الثقلين في المائة الرابعة على منهاج الأئمة المصطفين، سيد علماء الأمة، وأفضل الناس حاشا الأئمة، جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد، وحاز من الفضائل ما توحد به وانفرد، وأجمع على فضله المخالف والمؤالف، واعترف بتقدمه كل سالف وخالف. كيف لا، وقد أخذ من المجد طرفيه واكتسى بثوبيه وتردى ببرديه، أما النسب فهو أقصر الشرفاء نسبا، وأعلاهم حسبا، وأكرمهم أما وأبا وبينه وبين أمير المؤمنين عليه السلام عشر وسائط من جهة الأم والأب معا، وبينه وبين الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام خمسة آباء كرام (1).
وقال المحدث البحراني في لؤلؤة البحرين: فضله وبيان مكارمه أعظم من أن يستقصى (2).
وقال السيد الصدر في تأسيس الشيعة: انتهت إليه رئاسة الإمامية في الدين والدنيا، ولم يتفق لأحد ما اتفق له من بسط اليد، وطول الباع في إحياء دوارس المذهب، كان يدرس في كل العلوم الإسلامية، لا سيما الكلام والفقه والأدب والحديث، ويجري على تلامذته رزقا، وتخرج عليه أعلام علماء الإسلام وأئمة الفقه والكلام.
وصنف أصولا وتأسيسات غير مسبوق بمثلها، وأكثر في التصنيف في المعقولات لنصرة الدين في تلك الطبقات بتلك المصنفات، فكانت له آيات بينات وكرامات كالمعجزات (3).
وقال أيضا في موضع آخر: إمام أئمة الأدب والكلام والفقه والحديث
PageV0MP023
والتفسير واللغة والنحو والشعر، كان شاعرا غلب علمه على شعره (1).
هذه نبذة مما وصفه رجال الشيعة الإمامية، وأما وصفه عند العامة فهو:
قال في لسان الميزان: هو أول من جعل داره دار العلم وقدرها للمناظرة ويقال: إنه امرؤ لم يبلغ العشرين، وكان قد حصل على رئاسة الدنيا العلم مع العمل الكثير في اليسير، والمواظبة على تلاوة القرآن، وقيام الليل، وإفادة العلم، وكان لا يؤثر على العلم شيئا، مع البلاغة وفصاحة اللهجة (2).
وقال في تتميم يتيمة الدهر: قد انتهت الرئاسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب والفضل والكرم، وله شعر في نهاية الحسن (3).
وقال في وفيات الأعيان: كان نقيب الطالبيين، وكان إماما في علم الكلام والأدب والشعر (4).
وقال في مرآة الجنان: إمام أئمة العراق بين الاختلاف والافتراق، إليه فزع علماؤنا، وأخذ عنه عظماؤنا، صاحب مدراسها وجامع شاردها، وآنسها ممن سارت أخباره، وعرفت بها أشعاره، وحمدت في ذات الله مآثره وآثاره وتواليفه في أصول الدين، وتصانيفه في أحكام المسلمين، مما يشهد أنه فرع تلك الأصول، ومن أهل ذلك البيت الجليل (5).
وقال في الجاه والنفوذ: فقد تولى نقابة النقباء الطالبيين شرقا وغربا، وإمارة الحاج والحرمين، والنظر في المظالم، وقضاء القضاة، ثلاثين سنة وأشهرا (6).
PageV0MP024
وقال في دمية القصر: هو وأخوه من دوح السيادة ثمران، وفي فلك الرئاسة قمران، وأدب الرضي إذا قرن بعلم المرتضى كان كالفرند في متن الصارم المنتضى (1).
وقال فخر الدين الرازي في بعض كتبه بعد ذكر بعض فضائله: إن فضائله لكثيرة، وكفى شهادة في فضله كتابه الموسوم ب " الدرر والغرر ". (2).
وقال ابن الأثير في جامع الأصول: كانت إليه نقابة الطالبيين ببغداد، وكان عالما فاضلا كاملا متكلما فقيها على مذهب الشيعة، وله تصانيف كثيرة (3).
وقال في موضع آخر منه أيضا: إن مروج المائة الرابعة بقول فقهاء الشافعية هو أبو حامد أحمد بن طاهر الأسفرايني، ويقول علماء الحنفية أبو بكر محمد ابن موسى الخوارزمي، وباعتقاد المالكية أبو محمد عبد الوهاب بن نصر، وبرواية الحنبلية هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن حامد، وبرواية علماء الإمامية هو الشريف المرتضى الموسوي (4).
وقال ابن عنبة في عمدة الطالب: تولى نقابة النقباء، وإمارة الحاج، وديوان المظالم على قاعدة أبيه ذي المناقب وأخيه الرضي، وكان توليته لذلك بعد أخيه الرضي، وكانت مرتبته في العلم عالية، فقها وكلاما وحديثا، ولغة وأدبا وغير ذلك، وكان متقدما في فقه الإمامية وكلامهم ناصرا لأقوالهم.
قال أبو الحسن العمري: رأيته فصيح اللسان يتوقد ذكاءا (5).
وجه تلقبه بعلم الهدى:
ذكر الشهيد (رحمه الله) في أربعينه قال: نقلت من خط السيد العالم
PageV0MP025
صفي الدين محمد بن محمد الموسوي بالمشهد المقدس الكاظمي عليه السلام في سبب تسمية السيد المرتضى ب " علم الهدى ".
أنه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن الحسين بن عبد الصمد، في سنة عشرين وأربعمائة، فرأي في منامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول له: قل لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ، فقال: يا أمير المؤمنين ومن علم الهدى؟ فقال عليه السلام: علي بن الحسين الموسوي.
فكتب إليه الوزير بذلك، فقال: الله الله في أمري فإن قبولي لهذا اللقب شناعة علي، فقال الوزير: والله ما كتبت إليك إلا بما لقبك به جدك أمير المؤمنين عليه السلام.
فعلم القادر الخليفة بذلك، فكتب إلى المرتضى، يا علي تقبل ما لقبك به جدك، فقبل وأسمع الناس (1).
وفسره في الرياض قال: ولعل " علم الهدى " بالتخفيف بمعنى راية الهدى أو الجبل العالي للهداية، وقد يقال: إنه بالتشديد وقد كان فعلا ماضيا من باب التفعيل، والهدى مفعوله، يعني هو قد علم أبواب الهداية للناس.
وكلاهما محتمل وإن كان الأول أظهر وأشهر.
وبالجملة فعلى هذا يكون شهرته (رضي الله عنه) بهذا اللقب في أواخر عمره - أعني حين بقي من حياته ثلاث عشرة سنة، والله أعلم بحقيقة الحال.
وأم وجه تلقبه بذي المجدين - أعني مجد الدنيا والآخرة - فظاهر.
وكذا الظاهر تلقبه بالمرتضى، وفيه وجه آخر وهو: أن في أجداده أيضا من لقب بالمرتضى، فلقب السيد به أيضا (2).
PageV0MP026
مشائخه ومن روى عنهم:
قد روى السيد المرتضى عن جماعة عديدة من العامة والخاصة وقرأ عليهم أيضا، وقد استقصى السيد حسن الصدر مشائخ إجازته في كتاب طبقات مشائخ الإجازات، والكتاب مخطوط لم نظفر على نسخته، فممن عثرت عليهم هم:
1 - الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، وكان كيفية ملاقاة السيد للشيخ المفيد هو أن المفيد رأي في منامه أن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله دخلت عليه، وهو في مسجده بالكرخ، ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السلام صغيرين، فسلمتها إليه وقالت: علمهما الفقه.
فانتبه الشيخ وتعجب من ذلك. فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر، وحولها جواريها وبين يديها ابناها علي المرتضى ومحمد الرضي صغيرين، فقام إليها وسلم عليها.
فقالت له: أيها الشيخ هذان ولدي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه.
فبكى الشيخ وقص عليها المنام، وتولى تعليمهما وأنعم الله عليهما (1).
2 - أبو الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي.
3 - الحسين بن علي بن بابويه أخي الصدوق.
4 - أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري.
5 - أبو عبد الله محمد بن عمران الكاتب المرزباني الخراساني.
6 - أبو الحسين علي بن محمد الكاتب.
7 - أبو الحسن أحمد بن الحسين العطار أو الشطار.
8 - أبو العباس الجوهري.
9 - أبو علي أحمد بن زيد بن دارا.
PageV0MP027
10 - أبو التحف علي بن محمد بن إبراهيم المصري.
11 - أحمد بن سهل الديباجي.
12 - أبو القاسم عبيد الله بن عثمان بن يحيى.
13 - الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه.
14 - أبو يحيى ابن نباتة عبد الرحيم بن الفارقي.
15 - نجيح بن اليهودي الصائغ الحلبي.
16 - الشيخ أبو محمد الحسن بن محمد بن محمد بن نضر.
17 - الحسن بن أبي الحسن السوداني.
18 - القاضي أبو الحسن علي بن القاضي الطبراني.
19 - ابن نباتة الأديب في العربية المعروف بخطبه.
تلامذته والراوون عنه:
ويروي عنه جماعة كثيرة من العامة والخاصة، وهم:
1 - شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي.
2 - أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي.
3 - أبو يعلى الهاشمي العباسي.
4 - أبو الصلاح التقي الحلبي.
5 - أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري.
6 - الشيخ أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي.
7 - الشيخ أبو القاسم عبد العزيز بن تحرير بن البراج.
8 - ابن روح.
9 - الشيخ هبة الله بن الوراق الطرابلسي.
10 - السيد أبو زيد عبد الله بن علي الكبابكي ابن عبد الله بن عيسى بن زيد PageV0MP028
ابن علي الكحي الحسيني الجرجاني.
11 - ابن الشريف المرتضى الذي صلى عليه يوم وفاة أبيه.
12 - الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد.
13 - الشيخ أبو عبد الله الدوريستي.
14 - القاضي ابن قدامة.
15 - الشيخ محمد بن محمد البصروي.
16 - الشيخ الصدوق أبو منصور العكبري.
17 - الشيخ أبو غانم العصمي الهروي.
18 - الشيخ أبو الفضل ثابت بن عبد الله بن ثابت اليشكري.
19 - الشيخ أحمد بن الحسن بن أحمد بن النيسابوري الخزاعي.
20 - السيد نجيب الدين أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن القاسم بن موسى بن عبد الله بن موسى الكاظم عليه السلام.
21 - الشيخ المفيد أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي.
22 - السيد الداعي الحسيني.
23 - أبو الفرج المظفر بن علي بن الحسين الحمداني.
24 - الشيخ عز الدين عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي القاضي.
25 - أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني المروزي.
26 - الشيخ سليمان بن الحسن بن سليمان الصهرشتي.
27 - الشيخ محمد بن علي الحمداني أو الحلواني.
28 - الحسين بن ثابت بن هارون الفراء البزاعي.
29 - الحسين بن عقبة بن عبد الله البصري الضرير. PageV0MP029
30 - الحسين بن أحمد بن محمد القطان البغدادي.
31 - يعقوب بن إبراهيم الفقيه البيهقي.
32 - الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الملك ابن التبان المتكلم.
33 - الشيخ أبو العباس النجاشي.
34 - السيد أبو تراب المرتضى.
35 - أبو الحسن محمد بن أبي الغنائم.
36 - أبو الفتح عثمان بن جني.
37 - زربي بن عين.
38 - أبو الحسن الطيوري.
عقبة الشريف:
قال في عمدة الطالب: وأعقب المرتضى من ابنه أبي جعفر محمد، من ولده أبي القاسم علي بن الحسن الرضي بن محمد بن علي بن أبي جعفر محمد بن علي المرتضى، النسابة الفاضل صاحب كتاب (ديوان النسب) وغيره.
أطلق قلمه ووضع لسانه حيث شاء، كما طعن في آل أبي زيد العبيدليين نقباء الموصل وهي شئ تفرد به لم يذكره أحد سواه من النسابين.
وحدثني الشيخ النقيب تاج الدين محمد بن معية الحسني قال: قال لي الشيخ علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي أنه تفرد بالطعن في نيف وسبعين بيتا من بيوت العلويين لم يوافقه على ذلك أحد.
ثم قال لي النقيب تاج الدين: لا شك أنه تفرد بالطعن في بيوت، فأما هذا المقدار فإنه يكتب في مشجرته التي سماها " ديوان النسب " من سمع به ولم يتحققه بعد موصلا بالحمرة. وليس ذلك منه بطعن، إنما هو تشكيك لم PageV0MP030
يتحققه بعد إلا أنه تحقق فيه شيئا. ولا يخفى أن هذا اعتذار من النقيب عنه، والله تعالى أعلم.
وكان للنسابة ابن اسمه أحمد درج، وانقرض على المرتضى النسابة، وانقرض بانقراضه الشريف المرتضى علم الهدى بن أبي أحمد الحسين الموسوي (1).
بعض معاصريه:
وقد عاصر الشريف المرتضى من الخلفاء أربعة هم: المطيع، وكانت خلافته منذ سنة 334 ه إلى سنة 363 ه، وكان عمر الشريف المرتضى - حين وفاة المطيع - لم يتجاوز ثمانية أعوام، لذا لم يرد ذكره في الديوان. ثم ولي الخلافة الطائع إلى سنة 381 ه، حيث وليها القادر إلى سنة 422، إذ وليها ابنه القائم وهو شاب، كان هذا الخليفة - القائم - آخر من عاصره الشريف المرتضى، حيث توفي المرتضى سنة 436، وبقي القائم إلى سنة 467 ه.
وعاصر المرتضى من الملوك، بهاء الدولة البويهي، وأبنائه: شرف الدولة وسلطان الدولة، وركن الدين جلال الدولة، ثم الملك أبا كاليجار المرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة.
وعاصر من الوزراء: أبا غالب محمد بن خالف، والوزير أبا علي الرخجي والوزير أبا علي الحسن بن أحمد، والوزير أبا سعد بن عبد الرحيم، والوزير أبا طالب محمد بن أيوب بن سليمان البغدادي، والوزير أبا منصور بهرام بن مافنة وزير الملك أبي كاليجار، وغيرهم.
PageV0MP031
وعاصر من النقباء: والده الشريف أبا أحمد الموسوي، وخاله الشريف أحمد بن الحسن الناصر وأخاه الشريف أبا الحسن محمدا الرضي، والشريف أبا علي عمر بن محمد بن عمر العلوي، والشريف نقيب النقباء أبا الحسن الزينبي، والشريف أبا الحسين بن الشيبة العلوي، وغيرهم.
وعاصر من الأمراء: الأمير أبا الغنائم محمد بن مزيد المقتول سنة 401 ه وعميد الجيوش أبا علي أستاذ هرمز المتوفى في هذه السنة أيضا، وأمير الأمراء أبا منصور بويه بن بهاء الدولة، والأمير أبا شجاع بكران بن بلفوارس، والأمير عنبر الملكي المتوفى سنة 420 ه، وأمير عقيل غريب بن مقفى المتوفى سنة 415 ه، وغيرهم.
وعاصر من العلماء والقضاة الأدباء كثيرين (1).
رواتبه لتلامذته:
وكان الشريف المرتضى (قدس سره) يجري على تلامذته رزقا، فكان للشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) أيام قراءته عليه كل شهر اثنا عشر دينارا وللقاضي ابن البراج كل شهر ثمانية دنانير.
وأصاب الناس في بعض السنين قحط شديد، فاحتال رجل يهودي على تحصيل قوت يحفظ به نفسه، فحضر يوما مجلس المرتضى وسأله أن يأذن له في أن يقرأ عليه شيئا من علم النجوم، فأذن له وأمر له بجراية تجري عليه كل يوم، فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يديه.
وكان (قدس سره) قد وقف قرية على كاغد الفقهاء (2).
PageV0MP032
تصانيفه:
كتب المترجم مؤلفات ورسائل كثيرة، قد تجاوزت جهود الفرد الواحد تمثل اضطلاعه بجوانب المعرفة الشاملة، ومن بينها مؤلفات مشهورة قيمة، لا تزال معينا للعلماء إلى اليوم الحاضر، ونذكر مؤلفاته المذكورة في الذريعة وهي:
1 - إبطال القياس، وهو من أجزاء المسائل الموصليات الأولى، الذريعة 1 / 70.
2 - أحكام أهل الآخرة، الذريعة 1 / 295 و 20 / 382.
3 - الأمالي في التفسير، الذريعة 2 / 312 و 8 / 140 و 16 / 42 و 19 / 365.
4 - الإنتصار في انفرادات الإمامية، الذريعة 2 / 360 و 400.
5 - الانصاف، الذريعة 2 / 395.
6 - إنقاذ البشر من الجبر والقدر، الذريعة 2 / 401.
7 - الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة، الذريعة 3 / 15 و 11 / 126 و 20 / 337.
8 - كتاب البرق في علم الأدب، الذريعة 3 / 86.
9 - تفسير الخطبة الشقشقية، الذريعة 4 / 348 و 13 / 222.
10 - تفسير القصيدة الميمية، الذريعة 4 / 350.
11 - تفضيل الأنبياء على الملائكة، الذريعة 4 / 359 و 20 / 385.
12 - تقريب الأصول في علم الكلام، الذريعة 4 / 365.
13 - تكملة الغرر والدرر، الذريعة 4 / 415.
14 - تنبيه الغافلين عن فضل الطالبيين في الآيات النازلة في شأن الأئمة PageV0MP033
الطاهرين، ينسب إلى السيد، الذريعة 4 / 446.
15 - تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام، الذريعة 4 / 456.
16 - كتاب الثمانين، الذريعة 5 / 11.
17 - جمل العلم والعمل، الذريعة 5 / 144.
18 - جواب أهل الحجاز في نفي سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينسب إليه، الذريعة 5 / 175.
19 - جواب السؤال عن وجه تزويج أمير المؤمنين ابنته من عمر، الذريعة 5 / 183.
20 - جواب شبهات بعض العامة، الذريعة 5 / 185.
21 - جواب المسائل، الذريعة 5 / 186.
22 - جواب الملاحدة في قدم العالم 5 / 194.
23 - جوابات المسائل البادرائيات، الذريعة 5 / 214 و 20 / 337.
24 - جوابات المسائل التبانيات وهي ثلاث مسائل، الذريعة 5 / 216 و 20 / 340.
25 - جوابات المسائل التبانيات في عشرة فصول، الذريعة 5 / 217 و 2 / 78.
أقول: وقع هنا خبط في كلامه حيث أن الجواب واحد، والأولى إنما هو جوابات المسائل الموصليات الأولى، وكذا وقع هذا الخبط في فهرس النجاشي المطبوع.
26 - جوابات المسائل الجرجانية، الذريعة 5 / 217 و 20 / 342.
27 - جوابات المسائل الحلبية الأولى، الذريعة 5 / 219 و 20 / 345.
28 - جوابات المسائل الحلبية الثانية، الذريعة 5 / 219.
29 - جوابات المسائل الحلبية الثالثة، الذريعة 5 / 219.
30 - جوابات المسائل الرازية، الذريعة 5 / 221 و 20 / 347. PageV0MP034
31 - جوابات المسائل الرسية الأولى، الذريعة 5 / 221 و 2 / 82 و 20 / 348.
31 - جوابات المسائل الرسية الثانية، الذريعة 5 / 222 و 2 / 82.
33 - جوابات المسائل الرمليات، الذريعة 5 / 222 و 2 / 83 و 20 / 350.
34 - جوابات المسائل السلارية، الذريعة 5 / 223 و 206 و 20 / 352.
35 - جوابات المسائل الصيداوية، الذريعة 5 / 226 و 20 / 355.
36 - جوابات المسائل الطبرية، الذريعة 5 / 226 و 20 355.
37 - جوابات المسائل الطرابلسية الأولى، الذريعة 5 / 226 و 2 / 89 و 20 / 356 38 - جوابات المسائل الطرابلسية الثانية، الذريعة 5 / 226 و 2 / 89.
39 - جوابات المسائل الطرابلسية الثالثة، الذريعة 5 / 226 و 2 / 89.
40 - جوابات المسائل الرابعة، الذريعة 5 / 226 و 2 / 89.
41 - جوابات المسائل الطوسية، الذريعة 5 / 227 و 20 / 356.
42 - جوابات المسائل المحمدية، الذريعة 5 / 232 و 20 / 366.
43 - جوابات المسائل المصريات الأولى، الذريعة 5 / 234.
44 - جوابات المسائل المصريات الثانية، الذريعة 5 / 234.
45 - جوابات المسائل المطلبيات، الذريعة 5 / 234 و 20 / 367.
46 - جوابات المسائل الموصليات الأولى، الذريعة 5 / 235 و 20 / 369.
47 - جوابات المسائل الموصليات الثانية، الذريعة 5 / 235.
48 - جوابات المسائل الموصليات الثالثة، الذريعة 5 / 235.
49 - جوابات المسائل الميافارقيات، الذريعة 5 / 238 و 20 / 370.
50 - جوابات المسائل المسائل الناصرية، الذريعة 5 / 239 و 20 / 371. PageV0MP035
51 - حجية الإجماع، الذريعة 6 / 269.
52 - الحدود والحقائق، الذريعة 6 / 301.
53 - الخلاف في أصول الفقه، الذريعة 7 / 236.
54 - ديوان علم الهدى، الذريعة 9 / 735 و 1027.
55 - الذخيرة في علم الكلام، الذريعة، 10 / 11 وشرحه تلميذه الحلبي، الذريعة 13 / 277.
56 - الذريعة إلى أصول الشريعة، الذريعة 10 / 26.
57 - الرائية قصيدة في مدح الأمير عليه السلام، الذريعة 10 / 54 و 17 / 117.
58 - رجال السيد علم الهدى، الذريعة 10 / 133.
59 - الرد على ابن جني في تعريضه لأبيات المتنبي، الذريعة 10 / 176.
60 - الرد على أصحاب العدد، الذريعة 10 / 185 و 11 / 108 و 209 و 24 / 176.
61 - الرد على من أثبت حدوث الأجسام من الجواهر، الذريعة 10 / 226.
62 - الرد على من تعلق بقوله تعالى " ولقد كرمنا بني آدم " الذريعة 10 / 226.
63 - الرد على المنجمين، الذريعة 10 / 229 و 20 / 382 و 387 و 392.
64 - الرد على يحيى بن عدي النصراني فيما يتناهى وما لا يتناهى، الذريعة 10 / 237.
65 - الرد على يحيى بن عدي في اعتراضه على دليل الموحدين في حدوث الأجسام، الذريعة 10 / 237.
66 - الرد على يحيى بن عدي في مسألة سماها " طبيعة المسلمين " الذريعة 10 / 237.
67 - الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامة، الذريعة 13 / 8.
68 - شرح الرسالة، الذريعة 13 / 282. PageV0MP036
69 - شرح قصيدة الحميري البائية، الذريعة 14 / 9 و 3 / 3.
70 - شرح مسائل الخلاف، الذريعة 14 / 64.
71 - الشهاب في الشيب والشباب، الذريعة 14 / 248 و 264.
72 - الطيف والخيال في الأدب، الذريعة 15 / 196.
73 - عجائب الأغلاط، الذريعة 15 / 218.
74 - رسالة في العصمة، الذريعة 15 / 273 و 20 / 390.
75 - رسالة العهد، الذريعة 15 / 362.
76 - رسالة في غيبة الحجة، الذريعة 16 / 82.
77 - الفقه الملكي، الذريعة 16 / 299.
78 - فهرست تصانيف المرتضى، الذريعة 16 / 381.
79 - كشف آيات القرآن، الذريعة 18 / 6.
80 - مجالس التأويلات، الذريعة 19 / 365.
81 - مجموعة رسائل كثيرة، وهي هذه المجموعة التي بين يديك، الذريعة 20 / 119.
82 - المحكم والمتشابه 20 / 154.
83 - مسائل انفرادات الإمامية 20 / 336.
84 - مسائل الخلاف في الأصول 20 / 345.
85 - مسائل العدد وإبطاله، الذريعة 20 / 357.
86 - مسائل المفردات، الذريعة 20 / 368.
87 - المسائل الناصريات، الذريعة 20 / 370.
88 - المسائل الواسطيات، الذريعة 20 / 372.
89 - مسألة في الإرادة، الذريعة 20 / 383.
90 - مسألة أخرى في الإرادة، الذريعة 20 / 383. PageV0MP037
91 - مسألة في الاستثناء، الذريعة 20 / 383.
92 - مسألة في الاعتماد، الذريعة 20 / 383.
93 - مسألة في التأكيد، الذريعة 20 / 384.
94 - مسألة في تقديم القبول بلفظ الأمر في العقود، الذريعة 20 / 385.
95 - مسألة في توارد الأدلة، الذريعة 20 / 385.
96 - مسألة في التوبة، الذريعة 20 / 385.
97 - مسألة في دليل الخطاب، الذريعة 20 / 386.
98 - مسألة في صيغة النكاح، الذريعة 20 / 388.
99 - مسألة في طريق الاستدلال على فروع الإمامية، الذريعة 20 / 389.
100 - مسألة في الطلاق، الذريعة 20 / 389.
101 - مسألة في عدم حجية خبر الواحد، الذريعة 20 / 389.
102 - مسألة في عد الدليل دليل العدم وبيان مورده، الذريعة 20 / 390.
103 - مسألة في كونه تعالى عالما، الذريعة 20 / 392.
104 - مسألة في المتعة، الذريعة 20 / 392.
105 - مسألة في المسح على الخفين، الذريعة 20 393.
106 - مسألة في معنى الباء، الذريعة 20 / 394.
107 - مسألة فيمن يتولى غسل الإمام. الذريعة 20 / 395.
108 - مسألة في المنع من تفصيل الملائكة على الأنبياء، الذريعة 20 / 395.
109 - مسألة في نفي الرؤية 20 / 397.
110 - مسألة في الولاية من قبل السلطان الجائر، الذريعة 20 / 398.
111 - مضافات الغرر والدرر، الذريعة 21 / 133.
112 - كتاب المعرفة في إعجاز القرآن، الذريعة 21 / 245. PageV0MP038
113 - المقنع في الغيبة، الذريعة 22 / 122.
114 - المخلص في أصول الدين، الذريعة 22 / 210.
115 - مناظرة أبي العلاء المعري، الذريعة 22 / 286.
116 - مناظرة الخصوم وكيفية الاستدلال عليهم، الذريعة 22 / 291.
117 - منقذ البشر من أسرار القضاء والقدر، الذريعة 23 / 150.
هذه ما عثرنا عليها من الكتب والرسائل والمسائل في الذريعة وهناك رسائل ومسائل كثيرة غيرها سيطبع أكثرها - إنشاء الله تعالى - عن قريب في هذه المجموعة النفيسة.
ولادته ووفاته:
ولد السيد المرتضى في رجب سنة (355)، وتوفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة (436)، وسنه يومئذ ثمانون سنة وثمانين أشهر، وصلى عليه ابنه، وتولى غسله أبو الحسين النجاشي مع الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري وسلار بن عبد العزيز كما في رجال النجاشي، ودفن في داره أولا ثم نقل إلى جوار جده الحسين عليه السلام ودفن في مشهده المقدس مع أبيه وأخيه وقبورهم ظاهرة مشهورة.
قال في رجال بحر العلوم نقلا عن كتاب زهر الرياض وزلال الحياض - بعد أن ذكر نقله إلى مشهد الحسين عليه السلام - قال: وبلغني أن بعض قضاة الأروام وأظنه سنة (942) ه نبش قبره - ر حمه الله - فرآه كما هو لم تغير الأرض منه شيئا. وحكى من رآه أن أثر الحناء في يديه ولحيته، وقد قيل: إن الأرض لا تغير أجساد الصالحين.
ثم قال السيد قلت: الظاهر أن قبر السيد وقبر أبيه وأخيه في المحل PageV0MP039
المعروف بإبراهيم المجاب، وكان إبراهيم هذا هو جد المرتضى - الخ (1).
مصادر المقدمة:
1 - مقدمة بحار الأنوار.
2 - معالم العلماء 3 - عمدة الطالب.
4 - رجال السيد بحر العلوم.
5 - أمل الآمل.
6 - رجال الشيخ الطوسي.
7 - رجال النجاشي.
8 - خلاصة الأقوال للعلامة.
9 - معجم رجال الحديث.
10 - لؤلؤة البحرين.
11 - الدرجات الرفيعة.
12 - رجال ابن داود.
13 - مقدمة الذريعة للسيد.
14 - الكنى والألقاب.
15 - مقدمة الانتصار.
16 - روضات الجنات.
17 - الفهرست للشيخ.
18 - رياض العلماء.
19 - تأسيس الشيعة.
20 - مقابس الأنوار.
PageV0MP040
رسائل الشريف المرتضى
Shafi 1
جوابات المسائل التبانيات
Shafi 3
بسم الله الرحمن الرحيم بحمد الله نستفتح كل قول، ونستعين على كل عمل، وبأنوار هدايته نسترشد في الشبهات، ونستضئ في الظلمات، وإياه جلت عظمته نسأل أن يصلي أولا وآخرا على سيدنا محمد نبيه وصفيه، وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من الأنجاس وتبرأهم من الأدناس، صلاة سالمة من الرياء، لازمة للاستواء، موصولة غير مقطوعة، ومبذولة غير ممنوعة، وسلم عليهم تسليما.
ومن بعد: فإنني وقفت على المسائل التي سألت - أحسن الله توفيقك، وأجزل من كل خير نصيبك - الجواب عنها، والايضاح لما أشكل منها.
فوجدتها عند التصفح والتأمل دالة على فكر دقيق التوصل، لطيف التغلغل، فكم من شبهة كانت لقوتها ودقتها أدل على الفطنة من حجة جلية ظاهرة.
وأنا أجيب عن هذه المسائل بما يتسع له وقتي المضيق، وقلبي المتقسم المتشعب، ومن الله تعالى أستمد المعونة والتوفيق...
حكاية ما افتتحت به... المسائل... إذا كان الله جلت عظمته وتقدست
Shafi 5
أسماؤه، فقد أنعم على الكافة بسيدنا الأجل المرتضى ذي المجدين علم الهدى أدام الله سلطانه، وأعز نصره، وأيد الإسلام وأهله بدوام بقائه، وكبت أعداءه وجعل (1) المفزع فيما يعرض لهم من أمر دينهم، فيكشف ملتبسه، ويوضح مشكلة، ويظهر خفيه، ويبين مجملة، ويزيل بذلك ريبهم، وينفي شكهم، ويشرح صدورهم، ويسكن نفوسهم.
ولا عذر بعد هذه النعمة لمن أقام على ظلمة الريب ومنازعة الشك، مع التمكن من مفارقتهما والراحة من مجاهدتهما. وأحق ما سأل (2) المسترشد، وطلب معرفته المتدين، ما لا رخصة في إهماله، ولا توسعة في إغفاله، هو (3) العلم بما يلزمه من العبادات الشرعية والأحكام السمعية، التي لا ينفك المكلف من وجوبها، ولا يخلو من لزومها، ولا يصح منه التقرب بها والأداء لما يجب عليه منها إلا بعد معرفتها، والتمييز لها من غيرها.
وإذا تضمن السؤال ما هذه حاله، فقد تعين على من لا يتمكن من الجواب عنه غيره فرضه، ولزمه بذله وبيانه.
وها أنا سائل مسترشد، وطالب متفهم، وذاكر ما استفدته من المجلس الأشرف عند الدروس، وحصلته بالمسائلة والبحث، وراغب إلى الدين المهذب والورع المتنزه، في إجابتي بما يكون عليه اعتمادي، وإليه مفزعي، ويحتسبه عملي، وعليه معولي، وله في ذلك على الرأي إنشاء الله تعالى.
Shafi 6
الفصل الأول [الطريق إلى معرفة الأحكام الشرعية عن أدلتها] الذي يظهر منا عند المناظرة لمخالفينا، التخطئة لهم فيما يرونه ويذهبون إليه، من إثبات العبادات والأحكام بالقياس والاستحسان، والاجتهاد بالرأي، وبأخبار الآحاد. التي يعترفون بفقد العلم بصدق رواتها، وتجويز الخطأ [على] (1) ناقليها.
وبإجماع ما يجوزون تعمد الباطل على كل واحد منهم، ولا يعتبرون حصول المقصود فيهم، وإن ذلك بدعة وضلال من فعلهم. وهذا سبيل ما تدعونه (2) من الطريق إلى ثبوت الإجماع من الأمة، والعلم به أنهم لا يعرفون مخالفا لما قالوا لأن فقد العلم بالخلاف والنكير لا يدل على الرضا والتدين.
وإن كان جميع ما عددناه فاسدا فهل بقي بعده ما يتوصل به إلى إثبات العبادات والأحكام؟ والاجماع أمر زائد على ظواهر القرآن والمتواتر من الأخبار وإن كان هناك زيادة فما هي؟
Shafi 7
وهل من جملتها ما يذكره كثير من أصحابنا عند ورود الخبرين اللذين لا يوجد مغمز في ناقليهما وظنهم تنافيهما، وأنه لا بد من اطراح العمل بأحدهما ومن أن عمل الطائفة بواحد يعينونه (1) منهما؟
وهل ما يذكرونه قرينة للرواية، يحصل لأجلها طريق العلم أم لا؟ وإن كان عمل الطائفة قرينة، فما المراد بالطائفة؟ وهل هم جميع من تدين بالإمامة من مشارق الأرض ومغاربها أو بعضهم؟
فإن كان المراد الكل فما الطريق التي نتوصل به إلى معرفة عملها، ولسنا نشاهد جميعها، ولا تواتر ثابت ينافي فعل من لم نشاهد منها؟.
وما الذي نعول عليه بعد فقد هذين منها؟ وإن كان هناك طريق للعلم بعمل لم نشاهده ولا تواتر علينا الخبر عنه، فما المانع من سلوكه في معرفة عمل الرسول والإمام (صلوات الله عليهما والسلام)؟.
اللهم إلا أن يكون الطريق مختصا بالطائفة، ومحالا ثبوته في عمل الرسول والإمام، فما هو؟ وما وجه إحالته؟ وهل هو أيضا أم يختص (2) بصحة التعلق به دون من يخالفنا فيما يدعونه من ثبوت الإجماع فيما يمنعهم منه نحن القول بأنا لا نعلم مخالفا من الطائفة.
وما الفرق بين القائل لذلك؟ وبين من قال مثله في عمل الرسول والإمام؟
إذا لم يكن معنا علم بعمل من غاب عنا (3).
ولم صار القائل بأني إذا لم أعلم أن من غاب عني من الطائفة عامل بما
Shafi 8
تضمنه الروايتين (1) وقطعنا على أنهم عاملون بما تضمنه الرواية الأخرى، أولى ممن عكس ذلك، وقال: إذا لم أعلم أن من غاب عني من الطائفة عامل بما تضمنه الرواية الأخرى، قطعت على أنهم عاملون بما تضمنه الرواية التي ادعيت نفي عملهم بها.
ثم له أن يسلك مثل ذلك في فعل الرسول والإمام، فيعين إحدى الروايتين ويقول: إذا لم أعلم أن الرسول والإمام عاملان بها، قطعت على أنهما عاملان بالأخرى.
ويكون بهذا القول أولى، لأن الدواعي إلى نقل ما يفعله الرسول والإمام مما فيه تبيان للدين، وما يلزم المكلفين متوفرة، لأنهما الحجة والمفزع، وعلى قولهما وفعلهما المعول، والتواتر به والحفظ به ممكن متسهل، ونقل فعل جميع من يتدين بالإمامة في مشارق الأرض ومغاربها، حتى لا يبقى منهم واحد ممتنع متعذر، ولو كان ممكنا متسهلا لم يكن إلى حفظه ونقله داع.
هذا إن أريد بالطائفة الكل، فأما إن أريد البعض فمن ذلك البعض؟ وما الذي أفردهم بهذا الحكم وقصره عليهم دون غيرهم.
وأي الأمرين أريد بالطائفة - أعني الكل أو البعض - هل العلم بحصول المعصوم فيها ووجود علمه في جملة علمها معتبر أم لا؟ فإن كان معتبرا فما الطريق إليه؟
وما الذي إذا سلكناه لأن (2) دلالة عليه مع فقد المشاهدة والتواتر؟ وهل لنا
Shafi 9
أن نقول إذا علمنا صحة حكم من الأحكام فلا.... (1) خطابه (2) عز وجل وقف على الدليل الدال على اضافته إليه.
[الطريق إلى معرفة خطاب الله والرسول] وقد يعلم في بعض الخطاب أنه كلامه تعالى بوجوه: منها أن يختص بصفة لا تكون إلا لكلامه تعالى، مثل أن يختص بفصاحة وبلاغة خارجين عن العادة فعلم أنه من مقدور غير البشر، كما يذهب أيضا من جعل إعجاز القرآن من جهة الفصاحة الخارقة للعادة.
وقد اعتمد قوم في إضافته في كلامه إليه تعالى على أن يحدث على وجه لا يتمكن البشر من أحداثه عليه، كسماعه من شجرة، أو ما يجري مجراها.
وهذا ليس بمعتمد، لأن سماع الكلام من الشجرة يدل على أنه ليس من فعل البشر، من أين أنه ليس من فعل جني وملك سلكا أفنان الشجرة وخلالها وسمع ذلك من كلامه.
وهذا القدح أيضا يمكن أن يعترض به في الفصاحة. اللهم إلا أن يتقدم لنا العلم بأن فصاحة الجن والملائكة لا تزيد على فصاحة البشر، فيكون ذلك الوجه دليلا على أنه من كلام الله تعالى.
والوجه المعتمد في إضافة الخطاب إلى الله تعالى، أن يشهد الرسول المؤيد
Shafi 10
بالمعجز المقطوع على صحة نبوته وصدقه، بأن ذلك الكلام من كلامه تعالى فيقطع العلم ويزول الريب، كما فعل نبينا صلى الله عليه وآله بسور القرآن.
وأما الطريق إلى معرفة خطاب الرسول صلى الله عليه وآله والإمام (عليه السلام) فقد يكون بالمشافهة لمن يشهدهما، ويعلم ضرورة إضافة الخطاب إليهما.
ومن نأى عنهما فطريقه إلى هذه المعرفة الخبر المتواتر الذي يفضي إلى العلم.
[إثبات حجية الإجماع] وهاهنا طريق آخر يجري في وقوع العلم مجرى التواتر والمشافهة، وهو أن يعلم عند عدم تمييز عين الإمام وانفراد شخصه، إجماع جماعة على بعض الأقوال، يوثق بأن قوله داخل في جملة أقوالهم.
فإن قيل: هذا القسم أيضا لا يخرج عن المشافهة أو التواتر، لأن إمام العصر إذا كان موجودا، فإما أن يعرف مذهبه وأقواله مشافهة وسماعا، أو بالمتواتر عنه.
قلنا: الأمر على ما تضمنه السؤال غير أن الرسول والإمام إذا كان متميزا متعينا، علمت مذاهبه وأقواله بالمشافهة أو بالتواتر عنه. وإذا كان مستترا غير متميز العين - وإن كان مقطوعا على وجوده واختلاطه بنا - علمت أقواله بإجماع الطائفة التي نقطع على أن قوله في جملة أقوالهم، وإن كان العلم بذلك من أحواله لا يعد وأما المشافهة أو التواتر، وإنما يختلف الحالان بالتمييز والتعيين في حال، وفقدهما في أخرى.
فإن قيل: من أين يصح العلم بقول الإمام إذا لم يكن متعينا متميزا، وكيف يمكن أن يحتج بإجماع الفرقة المحقة في أن قوله داخل في جملة أقوالهم.
أو ليس هذا يقتضي أن تكونوا قد عرفتم كل محق في سهل وجبل
Shafi 11
وبر وبحر وحزن ووعر، ولقيتموه حتى عرفتم أقواله ومذاهبه، أو أخبرتم بالتواتر عن ذلك، ومعلوم لكل عاقل استحالة هذا وتعذره.
وليس يمكنكم أن تجعلوا إجماع من عرفتموه من الطائفة المحقة هو الحجة، لأنكم لا تأمنون من أن يكون قول الإمام الذي هو الحجة في الحقيقة خارجا عنه.
قلنا: هذه شبهة معروفة مشهورة، وهي التي عول عليها واعتمدها من قدح في الإجماع، من جهة أنه لا يمكن معرفة حصوله واتفاق الأقوال كلها على المذهب الواحد . والجواب عن ذلك سهل واضح.
وجملته: أنه لا يجب دفع حصول العلم الذي لا ريب فيه ولا شك، لفقد العلم بطريقة على سبيل التفصيل. فإن كثيرا من العلوم قد تحصل من غير أن تنفصل للعالم طريقها.
ألا ترى أن العلم بالبلدان والأمصار والحوادث الكبار والملوك العظام، فإنه يحصل بلا ارتياب لكل عاقل يخالط الناس حتى لا يعارضه شك، ولو طالبته بطريق ذلك على سبيك التفصيل لتعذر عليه ذكره والإشارة إليه.
ولو قيل لمن عرف البصرة والكوفة وهو لم يشاهدهما، وقطع على بدر وحنين والجمل وصفين وما أشبه ذلك: أشر إلى من خبرك بهذا، وعين من أنبأك به، وكيف حصل لك العلم به؟ لتعذر عليه تفصيل ذلك وتمييزه ولم يقدح تعذر التمييز والتفصيل عليه في علمه بما ذكرناه، وإن كان عند التأمل على الجملة أنه علم ذلك بالأخبار، وإن لم ينفصل له كل مخبر على التعيين.
وإذا كانت مذاهب الأمة مستقرة على طول العهد وتداول الأيام، وكثرة الخوض والبلوى، وتوفر الدواعي وقوتها، فما خرج عن المعلوم منها نقطع على أنه ليس مذهبا لها ولا قول من أقوالها.
وكذلك إذا كانت مذاهب فرق الأمة على اختلافها مستمرة مستقرة على
Shafi 12
طول الأزمان، وتردد الخلاف، ووقوع التناظر والتجادل، جرى العلم بإجماع كل فرقة على مذاهبها المعروفة المألوفة وتميزه مما باينه وخالفه، مجرى العلم بمذاهب جميع الأمة وما وافقه وخرج عنه.
ومن هذا الذي يشك في أن تحريم الخمر ولحم الخنزير والربا، ليس من مذهب أحد المسلمين، وإن كنا لم نلق كل مسلم في البر والبحر والسهل والوعر.
وأي عاقل من أهل العلم يرتاب في أن أحدا من الأمة لم يذهب في الجد والأخ إذا انفردا في الميراث، أن المال للأخ لا للجد، وأن الأخوة من الأم يرثون مع الجد.
وإذا كانت أقوال الأمة على اتساعها وانتشارها في الفتاوي تنضبط لنا، حتى لا نشك فيما دخل فيها وما خرج عنها، فكيف يستعبد انحصار أقوال الشيعة الذين نذكر أن قول الحجة فيهم، ومن جملة أقوالهم، وهو أقل عددا وأقرب انحصارا؟.
أو ليس أقوال أبي حنيفة وأصحابه والشافعي، والمختلف من أقوالهم قد انحصرت، حتى لا يمكن أحدا أن يدعي أن حنفيا أو شافعيا يذهب إلى خلاف ما عرف وظهر وسطر، وإن لم تجب البحار وتحل الأمصار وتشافه كل حنفي وشافعي. فما المنكر من مثل ذلك في أقوال الشيعة الإمامية؟
وإن أظهر مظهر الشك في جميع ما ذكرنا منه العليل وهو الكثير الغريز وقال: إنني لا أقطع على شئ مما ذكرتم أنه مقطوع عليه، لفقد طريق العلم الذي هو المشاهدة أو التواتر. لحق بالسمنية جاحدي الأخبار، وقرب من السوفسطائية منكري المشاهدات.
ولا فرق البتة عند العقلاء من تجويز مذهب للأمة لم نعرفه ولم نألفه ولم
Shafi 13
ينقل إلينا، مع كثرة البحث واستمرار الخوض. وبين بلد عظيم في أقرب المواضع مما لم ينقل خبره إلينا، وحادثة عظيمة لم نحط بها علما.
وقيل لمن تعلق بذلك: إن كنت تدفع العلم عن نفسك والسكون إلى ما ذكرناه، فأنت مكابر كالسمنية والسوفسطائية. وإن كنت تقول: طريق العلم متعذر، لأنه المشاهدة والتواتر وقد ارتفعا.
قلنا لك: ما تقدم من أن التفصيل قد يتعذر مع حصول العلم، والتواتر والمشاهدة في الجملة طريق إلى ما ذكرناه، غير أنه ربما تجلى ويعتق، وربما التبس واشتبه. ولن يلتبس الطريق ويتعذر تفصيله إلا عند قوة العلم وامتناع دفعه.
ألا ترى أن العالم بالبلدان والحوادث الكبار على الوجه القوي الجلي، لو قيل له: من أين علمت؟ ومن خبرك ونقل إليك؟ لتعذر عليه الإشارة إلى طريقه. وليس هكذا من علم شيئا بنقل خاص متعين، لأنه يتمكن متى سئل عن طريق علمه أن يشير إليه.
فقد صار تعذر التفصيل للطريق علما على قوة العلم وشدة اليقين، فلهذا أستغني عن تفصيل طريقه.
وإنما يحتاج إلى تعيين الطريق فيما لم يستو العلم بالطريق المعلوم، فأما ما يستو (1) فيه قوة المعلوم بوضوحه وتجليه وارتفاع الريب والشك فيه، فأي حاجة إلى العلم بتعيين طريقه؟
[دخول الإمام عليه السلام في الإجماع] وبعد، فالاجماع الموثوق به في الفرقة المحقة، هو إجماع الخاصة دون
Shafi 14
العامة، والعلماء دون الجهال. ومعلوم أن الحصر أقرب إلى ما ذكرناه.
ألا ترى أن علماء أهل كل نحلة وملة في العلوم والآداب، معروفون محصورون متميزون، وإذا كانت أقوال العلماء في كل مذهب مضبوطة، والإمام لا يكون إلا سيد العلماء وأوحدهم، فلا بد من دخوله في جملتهم، والقطع على أن قوله كقولهم.
وهل الطاعن على الطريقة التي ذكرناها بأنا لم نلق كل إمامي ولا عرفناه، إلا كالطاعن في إجماع النحويين واللغويين على ما أجمعوا عليه في لغاتهم وطرقهم، بأنا لم نلق كل نحوي ولغوي في الأقطار والأمصار، ويلزمنا الشك في قول زائد على ما عرفناه من أقوالهم المسطورة المشهورة.
فإن قيل: لم يبق إلا أن تدلوا على أن قول الإمام مع عدم تميزه وتعينه في جملة أقوال الشيعة الإمامية خاصة دون سائر الفرق، حتى تقع الثقة بما يجمعون عليه ويذهبون إليه، ولا ينفع أن يكون قوله موجودا في جملة أقوال الأمة، من غير أن يتعين لنا الفرقة التي قوله فيها ولا يخرج عنها.
قلنا: إذا دل الدليل القاهر على أن الحق في قول هذه الفرقة دون غيرها، فلا بد من أن يكون الإمام الذي نثق بأنه لا يفارق الحق ولا يعتمد سواه، مذهبه مذهب هذه الفرقة، إذ لا حق سواه.
وكما نعلم مع غيبته وتعذر تمييزه أن مذهبه مذهب أهل العلم والتوحيد، ثم مذهب أهل الإسلام من جملتهم، من حيث علمنا أن هذه المذاهب هي التي دل الدليل على صوابها وفساد ما عداها. فكذلك القول في الإمام.
وإذا فرضنا أن الإمام إمامي المذهب، علمنا بالطريق الذي تقدم في مذهب مخصوص، أن كل إمامي عليه، وزال الريب في ذلك. فقد بان أن إجماع الإمامية على قول أو مذهب لا يكون إلا حقا، لأنهم لا يجمعون إلا وقول الإمام
Shafi 15
داخل في جملة أقوالهم، كما أنهم لا يجمعون إلا وقول كل عالم منهم داخل في جملة أقوالهم.
فإن عاد السائل إلى أن يقول: فلعل قول الإمام وإن كان موافقا للإمامية في مذاهبها لم تعرفوه ولم تسمعوه (1)، لأنكم ما لقيتموه ولا تواتر عنه الخبر على التمييز والتعيين.
فهذا رجوع إلى الطعن في كل إجماع وتشكيك في الثقة بإجماع كل فرقة على مذهب مخصوص، وليس بطعن يختص ما نحن بسبيله.
والجواب عنه قد تقدم مستقصى، وأوضحنا أن التشكيك في ذلك دفع للضروريات ولحوق بأهل الجهالات.
[الإجماع حجة في كل حكم ليس له دليل] وإذ قد قدمنا تقديمه مما هو جواب عند التأمل عن جميع ما تضمنه الفصل الأول، فنحن نشير إلى المواضع التي تجب الإشارة إليها، والتنبيه على الصواب فيها من جملة الفصل.
أما ما مضى في الفصل من أنكم إذا اطلعتم على طرق مخالفيكم التي يتوصلون بها إلى الأحكام الشرعية، لا بد من ذكر طريق لا يلحقه تلك الطعون، توضحون أنه موصل إلى العلم بالأحكام، فلعمري أنه لا بد من ذلك.
وقد بينا فيما قدمناه كيف الطريق إلى العلم بالأحكام وشرحناه وأوضحناه، وليس رجوعنا إلى عمل الطائفة وإجماعها في ترجيح أحد الخبرين الراويين على صاحبه أمرا يختص هذا الموضع، حتى يظن ظان أن الرجوع إلى إجماع الطائفة إنما هو في هذا الضرب من الترجيح.
Shafi 16
بل نرجع إلى إجماعهم في كل حكم لم نستفده بظاهر الكتاب، ولا بالنقل المتواتر الموجب للعلم عن الرسول أو الإمام عليه السلام، سواء ورد بذلك خبر معين أو لم يرد، وسواء تقابلت فيه الروايات أو لم تتقابل، لأن العمل بخبر الواحد المجرد ليس بحجة عندهم على وجه من الوجوه، انفرد من معارض أو قابله غيره على سبيل التعارض.
فأما ما مضى في الفصل من ذكر طرف المشارق والمغارب والسهول والوعور، وأن ذلك إذا تعذر لم يقع الثقة بعموم المذهب بكل واحد من الفرقة. فقد مضى الجواب عنه مستوفى مستقصى، وبينا أن العلم بذلك حاصل ثابت بالمشافهة والتواتر، وإن [لم] تجب البلاد وتعرف كل نسألها.
فأما التقسيم الذي ذكر أنه لا يخلو القائل بأن الفرقة أجمعت، من أن يريد كل متدين بالإمامة ومعتقد لها، أو يريد البعض ، وتعاطي إفساد القسم الأول بما تقدم ذكره.
والكلام على الثاني بالمطالبة بالدليل المميز لذلك البعض من غيرهم، والحجة الموجبة لكون الحق فيه، ثم بإقامة الدلالة على أن قول الإمام المعصوم الذي هو الحجة على الحقيقة في جملة أقوال ذلك البعض دون (1) ما عداهم من أهل المذاهب.
فالكلام عليه أيضا مستفاد بما تقدم بيانه وإيرادنا له، غير أنا نقول: ليس المشار بالاجماع الذي نقطع على أن الحجة فيه إلى إجماع العامة والخاصة والعلماء والجهال. وإنما المشار بذلك إلى إجماع العلماء الذين لهم في الأحكام الشرعية أقوال مضبوطة معروفة، فأما من لا قول له فيما ذكرناه - ولعله لا يخطر بباله - أي إجماع له يعتبر.
Shafi 17
[كيفية العلم بدخول قول الإمام في الإجماع] فأما الدليل على أن قول الإمام في هذا البعض الذي عيناه دون غيره فواضح، لأنه إذا كان الإمام (عليه السلام) أحد العلماء بل سيدهم، فقوله في جملة أقوال العلماء.
وإذا علمنا في قول من الأقوال أنه مذهب لكل عالم من الإمامية فلا بد من أن يكون الإمام (عليه السلام) داخلا في هذه الجملة، كما لا بد من أن يكون كل عالم إمامي، وإن لم يكن إماما يدخل في الجملة... (1) قرينة للخبر لا يخلو من أن يعتبر فيه العلم بعمل المعصوم في جملة عملهم إلى آخر الفصل.
فالكلام عليه أن عمل المعصوم هو الحجة دون عمل غيره ممن انضم إليه ولا حجة في عمل الجماعة التي لا يعلم دخول المعصوم فيها، ولا هو أيضا إذا خرج المعصوم منه، إجماع جميع أهل الحق. ولو انفرد لنا عمل المعصوم وتميز، لما احتجنا إلى سواه، وإنما راعينا عند فقد التمييز دخوله في جملة غيره، لنثق بأن قوله في جملة تلك الأقوال.
ولا معنى لقول من يقول: فإذا كان علمه (2) مستقلا بنفسه في كونه حجة ودلالة، فلا اعتبار بغيره. لأنا ما اعتبرنا غيره إلا على وجه مخصوص، وهو حال الالتباس، وما كان اعتبارنا لغيره إلا توصلا إليه ولنثق بما نعلمه.
Shafi 18
فأما مطابقة فائدة الخبر بعمل المعصوم ، فلا شبهة في أنها لا تدل على صدق الراوي فيما رواه، ومن هذا الذي جعل فيما رواه المطابقة دليلا على صدق الراوي.
والذي يجب تحصيله في هذا أن الفرقة المحقة إذا علمت (1) بحكم من الأحكام أو ذهبت إلى مذهب من المذاهب، ووجدنا روايته مطابقة لهذا العمل لا نحكم بصحتها ونقطع على صدق رواتها، لكنا نقطع على وجوب العمل بذلك الحكم المطابق للرواية، لا لأجل الرواية، لكن بعمل المعصوم الذي قطعنا على دخوله في جملة عمل القائلين بذلك الحكم.
اللهم إلا أن تجمع الفرقة المحقة على صحة خبر وصدق راويه، فيحكم حينئذ بذلك مضافا إلى العمل.
فإن قيل: وكيف تجمع الفرقة المحقة على صدق بعض أخبار الآحاد، وأي طريق لها إلى ذلك؟
قلنا: يمكن أن تكون عرفت ذلك بأمارة، أو علامة على الصادق (2) من طريق الجملة. ويمكن أيضا أن يكونوا عرفوا في راو بعينه صدقه على سبيل التمييز والتعيين، لأن هؤلاء المجمعين من الفرقة المحقة قد كان لهم سلف قبل سلف يلقون الأئمة (عليهم السلام) الذين كانوا في أعصارهم، وهم ظاهرون بارزون تسمع أقوالهم ويرجع إليهم في المشكلات.
وفي الجملة: إجماع الفرقة المحقة لأن المعصوم فيه حجة، فإذا أجمعوا على شئ قطعنا على صحته، وليس علينا أن نعلم دليلهم الذي أجمعوا لأجله
Shafi 19
ما هو بعينه، فإن ذلك عنا موضوع، لأن حجتنا التي عليها نعتمد هي إجماعهم لا ما لأجله كان إجماعهم.
ومخالفونا في مسألة الإمامة بمثل هذا الجواب يجيبون إذا سئلوا عن علل الإجماع وطرقه وأولويته.
فإن قيل: فما تقولون في خبرين واردين من طرق الآحاد تعارضا وتنافيا، ولم تعمل الفرقة المحقة بما يطابق فائدة أحدهما، ولا أجمعوا في واحد منهما على صحة ولا فساد.
قلنا: لا نعمل بشئ من هذين الخبرين، بل يكونان عندنا مطروحين وبمنزلة ما لم يرد، ونكون على ما تقتضيه الأدلة الشرعية في تلك الأحكام التي تضمنها الأخبار الواردة من طريق الآحاد. وإن لم يكن لنا دليل شرعي في ذلك، استمررنا على ما يقتضيه العقل.
Shafi 20
الفصل الثاني [الكلام في حجية خبر الواحد وعدمه] ابتداؤه أن قيل: العمل بخبر الواحد مفرد (1) عن العمل بخبر معين، وهو (2) الأصل الذي يترتب عليه العمل بخبر معين.
فإن قلنا: إن الطائفة عاملة بأحد الخبرين، فقد أقررنا بعملها بأخبار الآحاد لأنه من جملتها، فما الذي يعترض ذلك إن كان فاسدا؟
فإن قلنا: إنهم لم يعملوا لمجرد الرواية، بل لقرينة. كان له أن يقول: وما تلك القرينة؟ ويطالب بالخبر عنها لمن عمل بالخبر لأجلها.
والكلام على هذا القدر من الفصل، يستفاد من كلامنا الذي قدمناه، لأنا قد بينا أن العمل بخبر الواحد الذي لم يقم دلالة على صدقه ولا على وجوب العمل به، غير صحيح.
فالطائفة التي قد ثبت أن إجماعها حجة، لا يجوز أن تجمع لأجل خبر لم تقم الحجة به، ولا يسند إجماعها على ذلك الحكم، إلا إلى ما هو دليل في
Shafi 21
نفسه وحجة.
وإذا كنا لا نجيز ما ذكره وإنما نرتبه على الوجه الذي أوضحناه، فقد سقط التعويل على ما تضمنه هذا الكلام.
ثم قال: فإن قيل: المعلوم من حال الطائفة وفقهائها الذين سيدنا (أدام الله علوه) منهم بل أجلهم، ومعلوم أن من عدا العلماء والفقهاء تبع لهم، وآخذ عنهم ومتعلم منهم، يعملون بأخبار الآحاد ويحتجون بها، ويعولون في أكثر العبادات والأحكام عليها، يشهد بذلك من حالهم كتبهم المصنفة في الفقه المتداولة في أيدي الناس، التي لا يوجد في أكثر رواتها وما يشتمل عليه زيادة على روايات الآحاد، ولا يمكن الإشارات (1) إلى كتاب من كتبهم، مقصور على ظواهر القرآن والمتواتر من الأخبار. وهذه المحنة بيننا وبين من ادعى خلاف ما ذكرنا.
وإذا كان لا وجه لذكر الروايات في أبواب الفقه إلا الدلالة على صحة ما اجتريت عليه من الأحكام والاحتجاج بها، وعم ذلك جميع الطائفة، وكان معلوما من شأنها، بينا (2) أحد الحكمين، وهو العلم بعملها بخبر الآحاد، وتعذر على من ادعى العلم بخبر معين مثل ذلك.
وإذا تقرر بما تقدم عمل الطائفة بأخبار الآحاد، وهي أحد طائفتي الأمة وشطرها، وكان من بقي بعدها وهم العامة العمل بخبر الآحاد، ومعلوم (3) من مذهبها، ومشهور من قولها.
وما يروى من مذهب النظام وغيره داخل في جملتها ويزيد عليه، لأنه
Shafi 22