Wasiku na 'Yan'uwan Tsarki da Abokan Amana
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
Nau'ikan
وعلى هذا المثال والقياس يوجد إذا اعتبر طول أمعائه ومصارين جوفه وعروق جسده والعصبات الممسكات لعظامه وأوتار مفاصله متناسبات بعضها إلى بعض طولا وعرضا وعمقا مثل ما ذكرنا من مناسبات مقادير أعضائه الظاهرة، وعلى هذا القياس والمثال يوجد بنية أبدان سائر الحيوانات مناسبة أعضاء صورة كل نوع منها لجملة بدنه، أو بعضها إلى بعض مناسبة إما بالكيفية وإما بالكمية وإما بهما جميعا، لا تخل شيئا إذا سلمت من الآفات العارضة عند الابتداء وعند النشوء من فساد الأخلاط وتغيير المزاج ومناحس أشكال الفلك.
وعلى هذا المثال والقياس يعمل الصناع الحذاق مصنوعاتهم من الأشكال والتماثيل والصور مناسبات بعضها لبعض في التركيب والتأليف والهندام؛ كل ذلك اقتداء بصنعة الباري تعالت قدرته، وتشبه بحكمته، كما قيل في حد الفلسفة: إنها هي التشبه بالإله بحسب الطاقة الإنسانية.
(10) فصل في حقيقة نغمات الأفلاك
اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن في اعتبار هذه المقالات التي تقدم ذكرها في هذه الفصول الدالة على أن أحكم المصنوعات وأتقن المركبات، وأحسن التأليفات هو ما كان تركيب بنيته على النسبة الأفضل، وتأليف أجزائه على مثل ذلك دليل وقياس لكل عاقل متفكر معتبر، على أن تركيب الأفلاك وكواكبها ومقادير أجرامها ومقادير الأركان ومولداتها موضوعة بعضها على بعض على النسبة الأفضل.
وهكذا أبعاد هذه الأفلاك وكواكبها وحركاتها؛ متناسبات على النسبة الأفضل، وأن لتلك الحركات المتناسبة نغمات متناسبات مطربات متوازنات لذيذات، كما بينا في حركات أوتار العيدان ونغماتها، فإذا تفكر ذو اللب واعتبر؛ تبين له عند ذلك وعلم بأن لها صانعا حكيما صنعها ومركبا حاذقا ركبها ومؤلفا لطيفا ألفها وتيقن بذلك، فتزول الشبهة المموهة التي دخلت على قلوب كثير من المرتابين وترتفع الشكوك ويتضح الحق ويعلم أيضا ويتبين له أن في حركات تلك الأشخاص ونغمات تلك الحركات لذة وسرورا لأهلها مثل ما في نغمات أوتار العيدان لذة وسرورا لأهلها في هذا العالم، فعند ذلك تشوقت نفسه إلى الصعود إلى هناك والاستماع لها والنظر إليها كما صعدت نفس هرمس الثالث بالحكمة لما صفت ورأت ذلك، وهو إدريس النبي - عليه السلام - وإليه أشار بقوله تعالى: @QUR03 ورفعناه مكانا عليا، وكما سمعته نفس فيثاغورس الحكيم لما صفت من درن الشهوات الجسمانية ولطفت بالأفكار الدائمة وبالرياضات العددية والهندسية والموسيقية.
فاجتهد يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، في تصفية نفسك وتخليصها من بحر الهيولى وأسر الطبيعة وعبودية الشهوات الجسمانية، وافعل كما فعلت الحكماء، ووضعت في كتبها، فإن جوهر نفسك من جوهر نفوسهم، واعمل كما وصفنا في كتاب الأنبياء - عليهم السلام - وصف نفسك من الأخلاق الرديئة والآراء الفاسدة والجهالات المتراكمة والأفعال السيئة؛ فإن هذه الخصال هي المانعة لها عن الصعود إلى هناك بعد الموت كما ذكر الله تعالى بقوله: @QUR014 لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.
واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أن جوهر نفسك من الأفلاك نزل يوم مسقط النطفة - كما بينا في رسالة لنا - وإلى السماء يكون مصيرها بعد الموت الذي هو مفارقة الجسد، كما أن من التراب يكون جسدك، وإلى التراب يكون جسدك بعد الموت.
واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن هذه الحياة الدنيا للنفوس المتجسدة إلى وقت المفارقة التي هي الموت مماثلة لمدة كون الجنين في الرحم من يوم مسقط النطفة إلى يوم الولادة.
واعلم يا أخي أن الموت ليس شيئا سوى مفارقة النفس الجسد، كما أن الولادة ليست شيئا سوى مفارقة الجنين الرحم، وقال المسيح - عليه السلام: من لم يولد ولادتين لم يصعد إلى ملكوت السماء، وقال - جل ثناؤه - في صفة أهل الجنة: @QUR07 لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى، وهو مفارقة النفس الجسد مرة واحدة على الشريطة التي تقدم ذكرها، وهم السعداء الذين أشار إليهم بقوله: @QUR018 وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق، فأما الأشقياء فهم الذين يتمنون العود إلى الدنيا والتعلق بالأجساد مرة أخرى ويذوقون الموت مرة أخرى، كما ذكر الله تعالى حكاية عنهم: @QUR013 قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل أعاذك الله أيها الأخ من حال هذه الطائفة وإيانا وجميع إخواننا حيث كانوا في البلاد إنه لطيف بالعباد، فلنرجع إلى ما كنا فيه، وقد وعدنا به من ذكر قوانين الألحان العربية، فنقول:
إن اللغة العربية وألحانها ثمانية قوانين هي كالأجناس لها، ومنها يتفرع سائرها، وإليها ينسب باقيها، كما أن لأشعارها ثمانية مقاطع، منها يتركب سائر دوائر العروض وأنواعها، وإليها ينسب وعليها يقاس باقيها كما هو مذكور في كتب العروض بشرحها.
Shafi da ba'a sani ba