============================================================
ذكرت فيها ولم يمنعني من إجابتك عليها ما وقع في وهمك وشق على ما ذكرت من غمك وليس حالك عندى حال معتوب عليه بل حالك عندي حال معطوف عليه وبحسبك من بلائك أن أكون سببا للزيادة في البلاء عليك وإني عليك لمشفق وإنما منعني من مكاتبتك لأني حذرت أن يخرج ما في كتابي إليك إلى غيرك بغير علمك وذلك أنى كتبت منذ مدة كتابا إلى أقوام من أهل إصبهان ففتح كتابي واخذت نسخته استعجم بعض ما فيه على قوم فأتعبني تخلصهم ولزمني من ذلك مؤنة عليهم وبالخلق حاجة إلى الرفق وليس من الرفق بالخلق ملاقاتهم بما لا يمرفون ولا مخاطبتهم بما لا يفهمون وربما وقع ذلك من غير قصد إليه ولا تعمد له جعل الله عليك واقية وجنة وسلمنا واياك فعليك رحمك الله بضبط لسانك ومعرفة أهل زمانك وخاطب الناس بما يعرفون ودعهم ما لا يعرفون فقل من جهل شييا إلا عاداه وإنما الناس كالابل المائة ليس فيها راحلة وقد جعل الله تعالى العلماء والحكماء رحمة من رحمته وبسطها على عباده فاعمل على أن تكون رحمة على غيرك إن كان الله قد جعلك بلاء على نفسك واخرج إلى الخلق من حالك باخوالهم وخاطبهم من قلبك على حسب مواضعهم فذلك آبلغ لك ولهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالة الجنيد إلى علي بن سهل الأصبهاني(1) وكتب الجنيد رحمه الله كتابا إلى علي بن سهل الأصبهاني، وكان فيه: واعلم يا أخي أن الحقائق اللازمة والقصود القوية المحكمة والعزائم الصحيحة المؤكدة لم تبق على أهلها سببا إلا قطعته ولا معترضا إلا منعته ولا أثرا في خفسي السرائر إلا أخرجته، ولا تأويلا موهما لصحة المراد إلا كشفته، فالحق عندهم بصحة الحال مجردا، والجد في دوام السير محددا، على براهين من العلم واضحة ودلائل من الحق بينة.
(1) كتاب اللمع، ص: 310.
Shafi 219