============================================================
عظمت المعرفة بذلك عظم القادر في قلوبهم فأجلوه وهابوه وأحبوه واستحيوا منه وخافوه ورجوه فقاموا بحقه واجتنبوا كل ما نهى عنه وأعطوه المجهود من قلوبهم وأبداتهم أزعجهم على ذلك ما استقر في قلوبهم من عظيم المعرفة بعظيم قدره وقدر ثوابه وعقابه فهم أهل الخاصة من أوليائه فلذلك قيل فلان بالله عارف وفلان بالله عالم لما رأوه مجلا هائبا راهبا راجيا طالبا مشتاقا ورعا متقيا باكيا حزينا خاضعا متذللا فلما ظهرت منهم هذه الأخلاق عرف المسلمون أنهم بالله أعرف وأعلم من حلية الأولياء عوام المسلمين وكذلك وصفهم الله فقال إنما يخشى الله من عباده العلماء وقال داود عليه السلام إلهي ما علم من لم يخشك فالمعرفة التي فضلت بها الخاصة العامة هي عظيم المعرفة فاذا عظمت المعرفة بذلك واستقرت ولزمت القلوب صارت يقينا قويا فكملت حينئذ أخلاق العبد وتطهر من الأدناس قنال به عظيم المعرفة بعظيم القدر والجلال والتذكر والتفكر في الخلق كيف خلقهم وأتقن صنعتهم وفى المقادير كيف قدرها فاتسقت على الهيثات التي هياها والأوقات التي وقتها وفى الأمور كيف دبرها على إرادته ومشيئته فلم يمتنع منها شيء عن المضي على إرادته والاتساق على مشيئته وقد قال بعض أهل العلم إن النظر في القدرة يفتح باب التعظيم لله في القلب ومر بعض الحكماء بمالك بن دينار فقال له مالك عظنا رحمك الله فقال بم أعظك إنك لو عرفت الله أغناك ذلك عن كل كلام لكن عرفوه على دلالة أنهم لما نظروا في اختلاف الليل والنهار ودوران هذا الفلك وارتفاع هذا السقف بلا عمد ومجارى هذه الأنهار والبحار علموا أن لذلك صانعا ومدبرا لا يعزب عنه مثقال ذرة من أعمال خلقه فعيدوه بدلائله على ن فسه حتى كأنهم عاينوه والله في دار جلاله عن رؤيته ففي ذلك دليل آنهم بعظيم قدره أعرف وأعلم إذهم له أجل وأهيب.
Shafi 205