============================================================
وهذا نعت حاله فكان مما قصد له في التأويل على معنى الصفة الأولى التي تبين لصاحبها خفي إغماضه وطوى ما في نفسه إذ جعل العلم ذريعة وسببا إلى ذلك، فلبس حليته وتحمل بلبوسه وأظهر بالتأويل اثرا العلم ودعا إليه ونصب نفسه للشهرة به ليعلم الناس ما علم منه، فلما عرف موضعه ومكاته وسمع منه وأقبل الناس عليه نحوه استحسن اجتماع العوام عليه وثناء الجاهلين بما ليس فيه فقوى عليه بذلك سلطان التأوييل وأوهم نفسه حظ اجتماعهم وانبساط ثنائهم وكثرة تعظيمهم وحسن قبولهم له بما ظهر من نفسه وتحسن به ما يعلم الله تعالى منه خلاف ما أسره وأضمره فيما(1) استوى له ذلك عند العوام والجهلة.
وكثرة حمد الحامدين بالغلط والغفلة مال إلى ما في نفسه من أخذ العوض على ما نشر من علمه ورضي بما تعجله من ذلك ثوابا لعلمه وصار بائعا للعلم بالثمن اليسير والخطر القليل ورضي بالدنيا عوضا من الآخرة ومن ثواب الله تعالى على الأعمال الصالحة في جملة من ذمه الله تعالى في كتابه وقص علينا من بيانه على لسان نبيه، قال الله عز وجل : ( وإذ أخذ آلله ميئلق آلذين أوثوا الكتنب لتبينيه، للناس ولا تكثمونه، فتبذوه ورآء ظهورهم وآشتروا بهه ثمنا قليلا فبيس ما يشتروب [ال عمران: 187) وقال الله تعالى : ( فحلف من بغدهم خلف ورثوا الكتب بأخذون عرض هذا الأذنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه* (الأعراف: 169]، فذمهم الله تعالى وقص علينا في كتابه وصرح بذلك إلى العقلاء من عباده وبينه بيانا محكما قويا لثلا يكون لمحتج في ذلك حجة ولا لقائل فيه مساغ ولا مدافعة: ثم إن الله تعالى قص علينا قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبرنا بما نعتهم به وبما أخذ عليهم من ترك الدنيا والتشمير الى الآخرة وألا يأخذوا على شيء من ذلك ثمنا ولا يريدون عليه أجرا ولأن حق العلم وحق تأديته إلى الخلق الا يكون لشيء منه جزاء إلا ثواب الله عز وجل عليه والجنة التي جعلها دار من اتقاه وأطاعه.
(1) في ط: فلما.
Shafi 161