============================================================
كتاب الجنيد إلى عمرو بن عثمان المكي رحمهما الله تعالى(1) أوتيت من العلم والحكمة أعلى منازله وتناهيت من الرسوخ في المعرفة إلى غاية أماكنها، وأدنيت في مجالس القرب الى أزلف مواطنها وتبوي بك من كمال جوامع الأنباء إلى استيعاب معالمها فيجرى ذلك لك بالتمكين وأنت مستبصر وعلوت في سمو انتهائه مشرفا مستظهرا قيد تضمنته بقوة الاشتمال عليه فافضوا(1) إليك واستغنيت عن السعاية إليه بمنيعة صولة التمكين، لأنك ذلك كله بواضح الحق مستبين، ولأنك فيما اختلفت فيه من العلم على صحة اليقين، وجعلك الله مع ذلك من سعد به إخوانه، ونالوا البغية من العلم بوصفه وبيانه وانكشفت لهم الحقائق المشفية، من تعبير لسانه، وأنس منهم من غاب أو حضر بشرف مكانه بل جعلك الله نورا يملأ بسنا ضيائه الخافقين ويلوح مضيئا طالعا على سائر الثقلين فينال عند ذلك كل فريق منهم حظه الكامل ويصل إلى مراده الشامل الفاضل حتى تكون هذه الظواهر أموره التي ألبسها وبوادي أحواله التي أريد بها وقد نظر فيها، فوقنت به الضنة عن ظهوره وتضمنه الصون والحجبة والكتم عن حضوره وذلك سر تضل العقول عن الاشارة إليه، وتنقطع القهوم عن شيء من المورود عليه. هبهات، هيهات طمست عن ذلك أطواق كوامل العلماء وضلت عنه مقاليد اكابر الفهماء فهو في تفرد توحده على ويعزل قيومته تجرده، فكم من مومين إليه بتوهمه، ومن مظهر التحقق به بالطيب عنده أن يعرض لينطق به تلجلج لسانه وتحير عند الايماء به (1) من رمائل في التوحيد والتصوف، معهد المخطوطات العربية، يرقم 296 تصوف، 227 تصسوف، 135 تصوف، 13 توحيد وعمرو بن عثمان المكي وهو عمروبن عثمان بن كرب بن غصص، وكنيته ابو عبد الله كان ينتسب إلى الجنيد في الصحبة ولقي أبا عبد الله النباجي وصحب أبا سعيد الخراز وغيره من المشايخ القدماء. وهو عالم بالأصول وله كلام حسن مات ببغداد سنة إحدى وتسمين ومائتين، ويقال: سبع وتسمين والأول أصح. طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي، ص: 200 - 210، وانظر أيضا: ترجمته في حلية الاولياء، الجزء الماشر، ص: 291 -196، وطبقات الشعراني، الجزء الأول، ص: 104، والرسالة القشيرة، ص: 28، وشذرات الذهب، الجزء الثاني، ص: 335.
(2) في ط: فافضى
Shafi 157