قلت: «كنت فقط أنشد أنشودة للعروسين، ماذا في ذلك؟» «أنا مضطر لأن أطلب منك أن تكفي عن إحداث تلك الضوضاء.» «لا أشعر أني راغبة في ذلك.» «أوه، هيلين، بل ترغبين، أنت فقط منزعجة قليلا.»
قلت: «لقد ناديته وناديته ولم يخرج، كل ما أريده هو أن يخرج إلي.» «حسنا، ينبغي أن تكوني فتاة عاقلة وتكفي عن إطلاق ذلك البوق.» «أريده أن يخرج.» «توقفي. لا تطلقي ذلك البوق ثانية.» «هل ستجعله يخرج إلي؟» «هيلين، أنا لا أستطيع أن أجعل رجلا يخرج من منزله إذا لم يكن راغبا في ذلك.» «ظننت أنك تمثل السلطة، يا بادي شيلدز.» «أنا كذلك، لكن هناك حدود لما يمكن أن تفعله السلطة. إذا كنت تريدين رؤيته فلماذا لا تعودين في النهار وتطرقين بابه بلطف، كما يمكن أن تفعل أي آنسة مهذبة؟» «لقد تزوج. ألا تعرف ذلك؟» «حسنا هيلين، إنه متزوج بالليل وبالنهار أيضا.» «أيفترض أن يكون هذا مضحكا ؟» «لا، يفترض أن يكون صحيحا. والآن لم لا تفسحين وتدعينني أقود لأقلك إلى منزلك؟ ها أنت ترين الأنوار التي أضيئت في المنازل على امتداد الشارع. وها هي جريس بيتشر تراقبنا، وبوسعي أن أرى آل هولمز يفتحون نوافذهم. لا أظنك تريدين منحهم المزيد ليثرثروا بشأنه، أليس كذلك؟» «هؤلاء لا عمل لهم إلا الثرثرة على أية حال، لا يهمني أن يثرثروا بشأني.»
ثم انتصب بادي في وقفته وابتعد قليلا عن نافذة السيارة، فلمحت شخصا في الظلام بملابس قاتمة آتيا من حديقة منزل ماكواري، كان ذلك كلير. لم يكن مرتديا الروب أو أي شيء من هذا القبيل، كان بكامل هيئته، مرتديا قميصا وسترة وبنطالا. اتجه صوب السيارة مباشرة بينما أنا جالسة في انتظار ما يمكن أن أقوله له. كان على حاله؛ رجلا بدينا ناعس الوجه مرتاح البال. لكن نظرته فقط، نظرته المعتادة الهادئة، أزالت رغبتي في البكاء. كان من الممكن أن أصرخ وأبكي حتى يحتقن وجهي، ولم يكن ذلك ليغير تلك النظرة أو يجعله يقوم من فراشه ويمشي عبر حديقته بأسرع مما فعل بثانية واحدة.
قال: «هيلين، عودي إلى المنزل.» وكأننا كنا نشاهد التلفاز طوال المساء معا ثم حان موعد العودة إلى المنزل والذهاب إلى فراشي كما ينبغي. وأضاف: «بلغي حبي لأمك، هيا امضي إلى المنزل.»
كان هذا كل ما أراد قوله. نظر إلى بادي وسأله: «هل ستقود سيارتها وتقلها إلى المنزل؟» رد بادي بالإيجاب. كنت أنظر إلى كلير ماكواري وأفكر، هذا رجل يفعل ما يحلو له. لم يكن يعنيه كثيرا ما كنت أشعر به حينما كان يفعل ما يفعل وهو يعتليني، ولم يكن يعنيه كثيرا أي نوع من الصخب أحدثت في الشارع حينما تزوج. كان رجلا لا يقدم تبريرات، ربما لأنه لا يملك أيا منها. وإذا كان ثمة شيء لا يستطيع تفسيره، حسنا، ينسى أمره وحسب. ها هم كل جيرانه يراقبوننا، لكن في الغد، إذا قابلهم في الشارع، فقد يخبرهم قصة مضحكة. وماذا عني؟ ربما إذا قابلني في الشارع في يوم ما ، فقد يقول «كيف حالك يا هيلين؟» ويقول لي نكتة. آه لو كنت فكرت حقا في حقيقة كلير ماكواري، لو كنت أعرت ذلك اهتماما، لكنت بدأت معه بداية مختلفة كل الاختلاف أيضا، ولربما كنت سأشعر بمشاعر مختلفة أيضا، ولكن الرب وحده يعلم ما إذا كان ذلك سيحدث أي فرق في نهاية المطاف.
قال بادي: «الآن، ألست نادمة على إحداثك كل هذه الجلبة؟» انزلقت إلى المقعد ورحت أراقب كلير وهو عائد إلى منزله، أقول في نفسي: نعم، هذا ما كان ينبغي لي أن أفعله، أن أعير اهتماما. قال بادي: «لن تعودي لمضايقته هو وزوجته ثانية يا هيلين، أليس كذلك؟»
قلت: «ماذا؟» «لن تعودي لمضايقة كلير وزوجته بعد الآن، أليس كذلك؟ إنه رجل متزوج الآن، انقضى الأمر. غدا صباحا ستشعرين بضيق بالغ حيال ما فعلته الليلة، لن تعرفي كيف ستواجهين الناس. لكن دعيني أقل لك إن مثل هذه الأمور يحدث طوال الوقت، والأمر الوحيد الذي ينبغي للمرء أن يفعله هو أن يواصل حياته، تذكري أنك لست الوحيدة التي تتعرض لذلك.» لم يبد عليه أنه فكر أن من المضحك أنه يوجه الوعظ لي، ذلك الذي كنت أسمعه يتلو آيات الكتاب المقدس وأمسكت به يقرأ «سفر اللاويين» خلسة.
قال: «دعيني أحك لك ما حدث الأسبوع الماضي.» بينما كان يبطئ السير عبر شارع جروف، غير متعجل وصولي إلى المنزل قبل أن ينهي محاضرته، «الأسبوع الماضي تلقينا مكالمة واضطررنا للذهاب إلى مستنقع دانوك حيث كانت هناك سيارة عالقة. كان ذلك المزارع العجوز يلوح ببندقية محشوة، ويتحدث عن إطلاق النار على هذين الاثنين بتهمة التعدي على أرضه إذا لم يخرجا من أرضه حالا. كانا قد اتخذا أحد طرق الشاحنات بعد حلول الظلام، حيث يمكن لأي أبله أن يدرك أن السيارة سوف تعلق في هذا الوقت من العام. إذا قلت لك اسميهما فستعرفينهما وستعرفين أنه ما من شأن يمكن أن يجمع بينهما في تلك السيارة معا. أحدهما امرأة متزوجة. والأسوأ أنه بحلول ذلك الوقت كان زوجها يتساءل عما منعها من العودة من تدريب جوقة الكنيسة - كلاهما يغني في الجوقة، لن أخبرك من هما - وبلغ عن غيابها. اضطررنا لأن نأتي بجرار كي نسحب السيارة، وتركناه «هو» يتصبب عرقا ويهدئ غضب ذلك المزارع العجوز، ثم أخذناها إلى المنزل في وضح النهار، وهي تبكي طوال الطريق. هذا ما أعنيه بأن ثمة أشياء كهذه تحدث. رأيت ذلك الرجل وزوجته في الشارع يشتريان بقالتهما بالأمس، لم يبدوا سعيدين لكنهما ماضيان في حياتهما. لذا، كوني فتاة عاقلة هيلين وواصلي حياتك كبقيتنا جميعا، وفي القريب العاجل سنشهد الربيع.» •••
أوه، يا بادي شيلدز، يمكنك أن تواصل الكلام، وكلير يلقي نكات، وماما تبكي إلى أن تتجاوز الأمر، لكن ما لن أفهمه هو لماذا، الآن تحديدا، حينما رأيت كلير ماكواري، رجلا لا يقدم تبريرات، شعرت لأول مرة أنني أرغب في أن أمد يدي وألمسه؟
فستان أحمر - 1946
Shafi da ba'a sani ba