يشعر أبي بالإحراج، ويقول: «آه، إنها فقط أغنية ألفتها فيما كنت أتجول بالسيارة، فهي تشغل وقت فراغي بنظم القوافي.»
لكن بعد بعض الإلحاح يغني أبي، ينظر إلى نورا ويرتسم على وجهه تعبير مضحك معتذر، وتنفجر ضاحكة حتى أنه في بعض المقاطع كان يضطر إلى التوقف وانتظارها حتى تنتهي من الضحك كي يستأنف الغناء، لأنها تدفعه إلى الضحك أيضا. ثم يخبرها بأجزاء متعددة من حديثه المنمق كرجل مبيعات . عندما تضحك نورا تضغط بصدرها الكبير أسفل ذراعيها المطويتين. وتخبره: «أنت مجنون، لست سوى مجنون.» ترى أخي يحدق في الفونوغراف فتنهض قافزة وتتجه نحوه. «ها نحن نجلس ونسلي أنفسنا ولا نلقي لك بالا، أليس هذا بشعا؟ هل تود أن أضع أسطوانة لك؟ هل تود سماع أسطوانة جميلة؟ هل تستطيع الرقص؟ لا بد أن شقيقتك تجيد الرقص، أليس كذلك؟»
أجيبها بالنفي. تقول نورا: «فتاة كبيرة وجميلة مثلك ولا تجيد الرقص! آن الأوان لتتعلمي. أؤكد لك أنك ستكونين راقصة رائعة. سأضع أسطوانة اعتدت الرقص على أنغامها مع أبيك، أيام كان يرقص، تعلمين أن أباك كان راقصا، أليس كذلك؟ حسنا، إنه رجل موهوب، أعني أباك!»
تغلق غطاء الفونوغراف وتمسكني على نحو مفاجئ من حول خصري، وتمسك بيدي الأخرى وتبدأ في حثي على الرجوع للخلف. «هكذا الآن، هكذا يرقصون، حاكيني، هذه القدم، هكذا. واحد وواحد اثنان. واحد وواحد اثنان. هذا رائع، هذا جميل، لا تنظري إلى قدمك! حاكيني، هذا صحيح، أترين كم هو سهل؟ ستكونين راقصة رائعة! واحد وواحد اثنان. واحد وواحد اثنان. بن، أترى ابنتك وهي ترقص؟!» واستمرت الأغنية: «نهمس حين تضمني إليك، نهمس فيما لا يستطيع أحد آخر سماعنا ...»
أخذنا ندور وندور فوق مشمع الأرض، أشعر بالفخر والعزم، ونورا تضحك وتتحرك بخفة شديدة، تطوقني بفرحتها الغريبة، وأشم منها رائحة الويسكي والكولونيا ورائحة عرقها. ابتلت ثيابها من تحت إبطها، وتتكون قطرات عرق صغيرة بمحاذاة شفتها العليا تعلق بالشعيرات السوداء الناعمة عند زاوية فمها. ثم تلفني سريعا أمام أبي - مما أدى إلى تعثري، فأنا لست بتلميذة سريعة التعلم بأية حال من الأحوال كما تدعي - لتتركني وأنا ألهث. «ارقص معي يا بن.» «أنا أسوأ راقص في العالم يا نورا، وأنت تعلمين ذلك.» «قطعا لم أعتقد ذلك.» «ستعتقدين الآن.»
تقف أمامه وذراعاها مرتخيتان في رجاء، ونهداها اللذان أشعراني بالخجل منذ لحظة لدفئهما وضخامتهما، يعلوان ويهبطان أسفل ثوبها الفضفاض المزدان بالورود، ووجهها يلمع جراء المجهود والبهجة. «بن!»
ينكس أبي رأسه ويقول في هدوء: «ليس أنا يا نورا .»
لذا لا تجد أمامها سوى أن تخرج الأسطوانة، وتقول: «بمقدوري احتساء الشراب وحدي، لكن ليس باستطاعتي الرقص وحدي، ما لم أكن أكثر جنونا مما أظن.»
يقول أبي مبتسما: «لست مجنونة يا نورا.» «امكث حتى العشاء.» «كلا، لن نزعجك بهذا.» «ليس بإزعاج، سأسعد بذلك.» «كما ستقلق أمهما، ستعتقد أن السيارة انقلبت بنا.» «آه، حسنا، أجل.» «لقد أخذنا كثيرا من وقتك الآن.»
تقول نورا في مرارة: «وقتي، هل ستأتي مجددا؟»
Shafi da ba'a sani ba