فوضع عبد الله يده على المصحف والسيف معا فشعر ببرودة السيف فارتعشت أنامله ولكنه أقسم لهم كما أرادوا.
ثم قاده بيده إلى دكة أخرى رفع غطاءها وتناول عنها قارورة فيها مسحوق أسود كأنه الكحل فاشتاق عبد الله لمعرفة ما فيها فقال وما هذه. قال هذه قارورة فيها بقية من رماد ابن أبي بكر الذي أحرقتموه بالنار ظلما فإذا شئت الهداية ونصرة الحق كما تدعي وجب عليك أن تكتحل بهذا الرماد وتبكي ذلك القتيل المظلوم وتعاهدنا على الأخذ بثأره. فهل أنت قابل بذلك باق على قسمك؟
قال إني باق على ما تريدون وقد قلت لكم الصدق فلا تستغشوني.
فتقدم إليه صاحبه ففتح القارورة وأدخل فيها ميلا علق عليه بعض الرماد فأعطاه إلى عبد الله فاكتحل به فهاجت عيناه وانسكب الدمع بالرغم عنه فشاركه الرفاق البكاء.
ثم أزاح الغفاري لثامه وقال له: نعم إني صديقك كما قلت ولكن اعلم أنك إذا كنت على غير ما تقول فإني أكون عدوك أهدر دمك بحد هذا السيف. قل ما بدا لك.
فلما اطمأن عبد الله تذكر سعيدا فقال ولكن لي رفيقا أريد أن أدعوه إليكم ليشهد ما نحن فيه ويشاركنا في هذا الجهاد.
فقال له الغفاري إنك غير خارج من هذا المكان إلا بعد خروجنا جميعا فقل ما تريده.
فأطاعهم وقال «لا تعجبوا أولا لأني أموي. وقد أصاب صاحبي الغفاري بأني من أنصار معاوية وقد كنت مطالبا بدم عثمان ولكن طرأ علي طارئ سأقصه عليكم أما الآن أخبركم أولا أني قادم من الكوفة وقد علمت أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد جمع رجاله هناك فاجتمع منهم حوله أربعون ألف مقاتل
1
وكلهم مستعدون للنزال وبذل المال والرجال في هذا السبيل».
Shafi da ba'a sani ba